يمكن أن يبدأ ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا رحلة الألف ميل لحل الأزمة السورية.
فشعاره «كفى/ خلص»، الذي رفعه داعيا الأطراف المتنازعة، سيكون محل امتحان مع وصول وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى جنيف، بعد جدل طويل حول طبيعة الضمانات المقدمة لها وضرورة تطبيق ما جاء في قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بسوريا. فهل سيفشل دي ميستورا كما فشل كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي من قبل؟
أم أن الظرف مختلف والطريقة التي اقترحها المبعوث الدولي» محادثات تقريبية» في غرف منفصلة تحرره من الحديث عن الفشل؟ ويمكن القول إن الآمال بحل قريب للأزمة التي تدخل عامها السادس ضئيلة.
وحتى لو توصلت الأطراف المجتمعة في جنيف إلى اتفاقيات وتم وقف إطلاق النار كما اقترح دائما دي ميستورا، أو اتفق الطرفان على صيغة مشتركة حول مستقبل سوريا، سيظل السؤال حول الجهة التي ستقوم بتنفيذ وتطبيق التفاهمات.
محدودية الدور
وربما كانت ورقة العمل السرية التي أشارت إليها مجلة «فورين بوليسي»، صورة عن محدودية ما يمكن للأمم المتحدة عمله. وكتب كولام لينتش قائلا إن المذكرة الاستراتيجية تتحدث بوضوح عن عدم قدرة الأمم المتحدة على مراقبة أو تطبيق أي صفقة يمكن أن يسفر عنها اجتماع جنيف.
وقللت المذكرة من التوقعات التي ينتظرها العالم حول قدرة الأمم المتحدة على الإشراف أو التأكد من التزام الأطراف المتنازعة بشروط وقف إطلاق النار نظرا لتعدد الفصائل ووجود الجماعات الإرهابية، حسب المذكرة التي تحمل عنوان «ورقة أولية عن آليات مفهوم وقف إطلاق النار»، والتي أعدها الفريق العامل مع دي ميستورا.
وهذا يعني أن سوريا ستظل منطقة خطيرة ولا يمكن لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة العمل فيها.
ولا يوجد ما يشير لاستعداد الدول الكبرى والمشاركة في الحرب للقيام بمهمة الإشراف بشكل كامل أو جزئي على تفاهمات وقف النار. كما أن هناك مخاطر من قيام الجماعات المتطرفة، والتي استبعدت من المحادثات، بتخريب عملية السلام. وتحدث لينتش عن مشاكل وتعقيدات ليس في تطبيق وقف إطلاق النار ولكن عن صعوبة جمع الأطراف المتنازعة على طاولة واحدة، في وقت تواصل فيه حكومة الرئيس بشار الأسد، وبدعم من الروس، هجماتها على مواقع المعارضة السورية.
وأشار الكاتب إلى أن أيا من أعضاء وفد المعارضة، لا الرئيس، أو المتحدث به، ليس لديه السلطة الكاملة على فصائل المعارضة. ومن هنا فأي صيغة لوقف إطلاق النار لن تجد من يقوم بالإشراف عليها أو الإلتزام بها إلا الأطراف نفسها.
فبحسب لينتش «على المدى البعيد، يعتقد دي ميستورا أن قوات دمشق والمعارضة المسلحة هم من سيقومون بالإشراف على اتفاقيات وقف إطلاق النار، وفي حالة تحسن الوضع الأمني فسيوسع مكتب مبعوث الأمم المتحدة دوره في سوريا وسيقوم بتوفير التدريب والمصادر اللازمة للقوى المحلية ويعمل على التوسط بين اللاعبين السوريين الرئيسيين واللاعبين الدوليين».
وستترك الأمم المتحدة العمل الرئيسي للمقاتلين والقوى الأجنبية الداعمة لهم والمعروفة باسم مجموعة الدعم الدولية لسوريا والمكونة من 17 دولة. وتشير الورقة هنا إلى أنه: «يجب أن يكون هناك تحول في دور دول مجموعة الدعم الدولية لدعم وضمان الإتفاقيات». وأضافت: «ستقوم مجموعة الدعم الدولية بتنسيق الجهود مع الدول الرئيسية وتقديم تنسيق عملياتي مع الحكومة وجماعات المعارضة من أجل الدفع ورعاية واستمرار وقف إطلاق النار الشامل، بالإضافة إلى إنجاز والحفاظ على اتفاقيات وقف إطلاق النار المحلية».
ويعلق لينتش قائلا إن دي ميستورا ليست لديه أوهام حول أي اتفاق ستسفر عنه اجتماعات جنيف وأنه سيقود إلى سلام مباشر في سوريا.
ومن هنا تلاحظ الورقة أن عملية السلام لن تتحقق قبل أن تخوض الأطراف عملية نقاش معقدة حول وقف إطلاق النار، مدينة بعد مدينة، من أجل تخفيف المعاناة عن السوريين المحاصرين. وقد تقود اتفاقيات محلية إلى وقف شامل للنار في كل البلاد وتعبد الطريق لاحقا نحو السلام.
توقعات قليلة
ويبدو أن دي ميستورا يعرف حدود ما يمكن للأمم المتحدة، في حرب استعصت حتى الآن على الحلول.
وهو واع بفشل سلفيه ولهذا فورقته تقلل من التوقعات حول ما يمكن أن تحققه الأمم المتحدة أو أية جهة مراقبة دولية في سوريا. ولن تشمل توثيق انتهاكات حقوق الإنسان أو بناء الأرضية القانونية في حالات تقدم لمحكمة جرائم الحرب أو الإشراف على الإفراج أو تحسين حالة السجناء. وبحسب الورقة «هناك مخاطر من مهمة زاحفة»، و»من المهم توضيح هذه الأدوار كي تمنع من تحول المهمة إلى هذا الوضع».
ويشير الكاتب إلى اتفاق الزبداني القريبة من الحدود اللبنانية كنموذج يمكن تكراره في مناطق أخرى.
ففي كانون الأول/ديسمبر2015، تم إجلاء المقاتلين المتعبين والجرجى الذين حاصرتهم قوات موالية للنظام، مقابل السماح للمقاتلين المؤيدين للنظام والذين حاصرهم المقاتلون في بلدتي كفرية والفوعة في محافظة إدلب.
وسمح التوقف في القتال للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بإدخال قوافل الإغاثة للسكان المحاصرين، مع أن الأمم المتحدة تعترف بأنها غير كافية للوفاء بحاجات السكان. وتلاحظ الورقة «بالنسبة للإشراف العملي على مبادرات وقف إطلاق النار، فمن المنتظر أن تتولاه منذ البداية جهات وطنية وبناء على النماذج التي تم تطبيقها (مثل الزبداني)». وتشير الورقة للدور المهم الذي يمكن للمجموعة الدولية ومكتب دي ميستورا لعبه في مراقبة اتفاقيات كهذه، لكنها تحذر قائلة: «ستكون هناك مقايضة مباشرة بين الرغبة في تحقيق مصداقية عالية أثناء عملية الإشراف على وقف إطلاق النار وبين التسامح بالمخاطر الجسدية».
انتقادات
ويشير لينتش إلى الانتقادات التي وجهت إلى الأمم المتحدة وسياستها في دعم وقف إطلاق النار، التي ترى المعارضة أنها تكافىء نظام الأسد وتشجع سياسته القائمة على تركيع المناطق الواقعة تحت سيطرة المقاتلين من خلال التجويع. وهناك 18 بلدة تتعرض للحصار يعيش فيها أكثر من ربع مليون نسمة.
وبحسب مسؤول تنسيق الإغاثة التابع للأمم المتحدة، ستينفن أوبرين، تحاصر قوات الحكومة أو الموالية لها 274.200 نسمة بالإضافة إلى 200.000 شخص عالقين في مناطق تنظيم الدولة الإسلامية. وتقوم جماعات المعارضة، خاصة «جبهة النصرة»، بمحاصرة 12.500 في جيوب موالية للنظام. وينقل الكاتب عن نوح بونسي الخبير في شؤون سوريا بمجموعة الأزمات الدولية ببروكسل: «هناك إشكالية في الإشارة لكل اتفاق وقف إطلاق النار شاهدناه كنموذج، فهي تقوم بمكافأة العقاب الجماعي والقصف وتجويع المجتمعات من أجل تركيعها». وأضاف بونسي أن اتفاق الزبداني، الذي ينظر إليه كنموذج، يظل إشكاليا، فهو يظهر كيف يجبر العقاب الجماعي كل طرف على التنازل. فقد «ساعد كل اتفاق وقف إطلاق النارعلى حصار جديد واستخدام أساليب العقاب الجماعي».
وأضاف «السؤال المهم، هل يمكننا دفع الأطراف السورية للتحرك أبعد من هذا النموذج إلى شيء أكثر استقرارا ونبني عليه غير العقاب الجماعي؟ وهل هناك اتفاقيات لا تقوم بتحفيز استخدام وسائل العقاب الجماعي هذه؟».
ويعتقد لينتش أن اتفاقيات إطلاق النار ستركز في دبلوماسيتها على اتفاقيات وقف إطلاق نار محلية.
وقال مسؤولون في حزب البعث في الأيام القليلة الماضية، مثل هلال الهلال، إن الحكومة ذاهبة إلى جنيف للإستماع وليس التنازل «ولن نعطي اليوم ما لم نعطه قبل خمس سنوات». و»سيكون هذا العام هو عام النصر».
ويتوقع الخبير في الشؤون السورية بمركز دراسات الشرق بجامعة أوكلاهوما، جوشوا لانديز، أن تقوم الحكومة السورية بالتفاوض مباشرة مع المقاتلين في ساحات المعارك مع أنها ستقوم في جنيف بشجب المعارضة كإرهابية. وتفعل ما فعله «ترامب»، المرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة.
جماعات المعارضة
ويقدر جيمس كلابر، مدير المخابرات القومية، عدد جماعات المعارضة السورية بحوالي 1.500 فصيل مسلح، كل واحد منها لديه ميوله السياسي. ويقول لانديز: «كل واحد منها يجب التعامل معه إما بقتله أو التفاوض معه، وفي كل بلدة».
ويلفت لانديز انتباه صناع السياسة إلى أن قوات الأسد يمكن أن تقوم باستثمار أي اتفاق وقف إطلاق نار وتحويله إلى حملة عسكرية ضد «جبهة النصرة» التي تسيطر على مدينة إدلب. وسيتم الضغط على الجماعات التي تقاتل إلى جانب القاعدة مثل «أحرار الشام» للتخلي عن حليفتها – «النصرة».
وسترسل دمشق للمقاتلين رسالة «لو أطلقت النار علي فستخرق إطلاق النار» لكن هذا لن يكون مساعدا للأسد، «فلو فكرت بهذه الطريقة فالمعارضة ستكون خاسرة على الجهتين».
خطة طارئة
ويشير لينتش إلى أن مسؤولي حفظ السلام والمسؤولين السياسيين بدأوا بالإعداد لخطط طارئة من أجل زيادة حضور الأمم المتحدة حالة تحسن الأوضاع الأمنية.
ويمكن للأمم المتحدة أن توسع مكتب دي ميستورا لمكتب سياسي في دمشق ونيويورك بموظفين لمساعدة العمليات الحالية في جنيف. وفي هذا السياق ترسم ورقة دي ميستورا ثلاثة سيناريوهات للإشراف على وقف إطلاق النار: «نشر قوات دولية مستقة» تقوم بالإشراف على العملية، والثاني هو الإعتماد على مراقبين محليين يتلقون دعما فنيا من المجتمع الدولي. أما الخيار الثالث فهو نشر قوة دولية ومحلية تقليدية. وهذا الخيار يمكن أن يعطي «مصداقية عالية» ولكنه «يحمل مخاطر جسدية عالية» ويحتاج لضمانات من الجماعات المسلحة والداعمين الدوليين لهم.
ويشير الكاتب إلى اجتماع تم خلف الأبواب المغلقة في مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي وتحدث فيه دي ميستورا عن آليات مراقبة وقف إطلاق النار، فهو «يتطلع للخيارات حول المراقبة والتثبث والإبلاغ عن حالة حدوث وقف إطلاق النار» إلا أن الترتيبات هذه بحاجة إلى موافقة الأطراف المتنازعة.
وتحدث دي ميستورا عن محادثات تتم مع المقاتلين وإجراءات بناء ثقة وتعهدات بعدم استهداف المدارس والمستشفيات والسماح للمواد الإنسانية بالدخول إلى البلدات المحاصرة. لكن دي ميستورا يعترف بأن سوريا في المستقبل القريب «ستظل مفككة وسريعة الالتهاب ومعسكرة». وفي ظل هذا الوضع فمن الصعب نشر قوات مراقبة دولية تقوم بمهام إشراف على الأرض.
توتر على الحدود
وضمن التطورات على الحدود التركية – السورية ناقش باتريك كوكبيرن، في صحيفة «إندبندنت أون صاندي»، المخاوف التركية وفيما إن كانت أنقرة مستعدة للمقامرة والقيام بغزو لشمال سوريا لمنع الأكراد السوريين من التقدم غرب نهر الفرات. وأشار الكاتب إلى حادث تفجير الطائرة الروسية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، قائلا إن فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، تلقى تحذيرات من قادة الاستخبارات عن خطط تركية لاستهداف الطيران الروسي، لكن بوتين رفض الفكرة لأنه لم يكن يصدق أن تخاطر تركيا وتدفع روسيا لتورط أعمق في سوريا. ويرى الكاتب أن ضرب الطائرة الروسية، وهو الأول الذي تقوم به دول عضو للناتو باستهداف الطيران الروسي منذ الحرب الكورية منتصف القرن الماضي، كان مدبرا. ويكشف عن استعداد أنقرة للذهاب بعيدا من أجل الحفاظ على حدودها، الممتدة على طول 550 ميلا مع سوريا.
ويعتقد كوكبيرن أن ما جرى قبل شهرين مهم لأن تركيا تواجه تطورات في شمال سوريا تمثل تهديدا خطيرا على مصالحها أكثر من اختراق الطائرة الروسية لمجالها الجوي. والتطورات، التي يتحدث عنها كوكبيرن هي سيطرة قوات الحماية الشعبية الكردية على نصف المناطق الحدودية.
فبعد سقوط بلدة تل أبيض، التي كانت بيد تنظيم الدولة الإسلامية وقوات الحماية تتقدم في كل الاتجاهات في المناطق الواقعة بين دجلة والفرات.
ولم يبق أمام قوات الحماية سوى منطقة طولها 60 ميلا غرب بلدة جرابلوس على الفرات، وبهذا ستغلق كل خطوط الإمدادات أمام تنظيم الدولة وتلك الجماعات غير الجهادية التي تعتمد على طريق أعزاز.
وترى تركيا أن تجاوز الأكراد لغرب الفرات يعتبر خطا أحمر مع أنها لم تتحرك عندما قامت الحماية الشعبية وقوات سوريا الديمقراطية بالسيطرة على سد تشرين وهددت معقل تنظيم الدولة في منبج.
ويفكر الأكراد الآن في القيام بعملية شمال حلب وربط الجيب الكردي عفرين مع المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. ويقول الكاتب إن الأشهر المقبلة ستحدد من هو المنتصر والخاسر، مشيرا إلى التقدم الذي يحققه الجيش التابع للنظام وبغطاء روسي في مناطق مختلفة.
القوة الوحيدة
ويعتقد كوكبيرن أن حملة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لإطاحة الأسد تقترب من الهزيمة. وقد تقبل تركيا بالأمر الواقع وتتجنب عملية عسكرية في شمال سوريا في ظل معارضة أمريكية وروسية.
ولكن إن كان البديل هو الهزيمة والإهانة، فالتدخل سيكون الخيار. وينقل كوكبيرن عن الخبير الفرنسي، جيرارد شيلاند، قوله: «لو كان الحاكم غير أردوغان فلن يتدخل الأتراك، وسيتدخلون لأنه الزعيم» الآن.
ورغم أن التدخل سيكون مجازفة محفوفة بالمخاطر إلا أن تركيا قادرة على القيام بها، ولن يردع الأتراك الوجود الروسي في سوريا، حسب شيلاند. ولن تكون العملية سهلة، فلدى موسكو طائرات في الجو وصواريخ مضادة للطائرات على الأرض لكن بوتين يعرف حدود تدخله في سوريا.
وحذر عمر شيخموس القيادي الكردي السوري المقيم في أوروبا، أكراد سوريا من أن نظام الأسد وروسيا لن يتورطا في حرب مع الجيش التركي من أجلهم.
وحذر «حزب الإتحاد الديمقراطي الكردستاني» من عدم المبالغة في قوته لأنه لا يمكن التكهن بالطريقة التي سيرد فيها أردوغان. ويرى قادة آخرون أن التدخل التركي ليس محتملا، وكان يجب أن يحصل قبل إسقاط الطائرة الروسية حيث عزز الروس من وجودهم في اللاذقية وحول حلب.
ويعلق كوكبيرن بأن الأكراد يفكرون في الخطوة المقبلة وهم يعرفون أن منطقتهم، التي أطلقوا عليها «روجوفا»، اتسعت بشكل سريع نظرا لحاجة الولايات المتحدة لقوة على الأرض في الحرب ضد تنظيم الدولة.
وفي الوقت الحالي يعرف الأكراد أن لديهم أعداء الجيش السوري نفسهم وأن موقعهم القوي سيظل ما دامت الحرب مستمرة. وفي حالة لم يتدخل الأتراك، فسيكون الطرف الرابح هو الأسد وحلفاؤه. ويعتقد الكاتب أن تركيا هي القوة الإقليمية الوحيدة القادرة على وقف تطور وضع كهذا إن قامت بتدخل عسكري مفتوح.
وهو تطور لا يمكن استبعاده في ظل سيطرة الأكراد على الحدود. وبعيدا عن تركيا فقد أصبح النزاع دوليا ولا تستطيع وقفه إلا أمريكا وروسيا.
منطقة صديقة
وفي هذا السياق، كتب الباحثان في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إد ستافورد و سونر جاغايتاي، عن أهمية النطاق المحدد بأعزاز ـ جرابلس لتركيا وما يدفعها لجعله منطقة صديقة لها، أي خالية من تنظيم «الدولة» ومنع مقاتلي الحماية الشعبية من الوصول إليه.
وقالا إن الهجوم، الذي شنه تنظيم الدولة في منطقة السلطان أحمد باسطنبول، سيكون محفزا لأنقرة كي تحسم أمرها ضده وتعزيز حماية الحدود التركية مع شمال غرب سوريا، خاصة أن هذه المنطقة تتميز بأهمية استراتيجية ولأنها بوابة حلب وتعتبر منطقة يرغب كل طرف في الحرب بالسيطرة عليها: قوات الأسد والأكراد و»جهة النصرة» وتنظيم «القاعدة» والجماعات المعارضة غير الجهادية.
ويعلق الكاتبان بأن تنظيم الدولة يخطيء إن فكر أن باستطاعته إرسال انتحاريين إلى اسطنبول واستجلاب المجندين والبضائع المهربة بدون رد تركي، فهو لا يفهم في الحقيقة طبيعة القيادة التركية. فهذه ستحاول الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية، التي نجح على ظهرها «حزب العدالة والتنمية»، وستعمل كل ما بوسعها لمنع تهديده.
ويقترح الكاتبان أن الطريقة الأكثر فعالية لمراقبة منطقة أعزاز- جرابلس الحدودية هي ضمان وجود قوات صديقة لأنقرة، مثل التركمان السوريين، الذين يرتبطون عرقياً بالأتراك ويتم تدريبهم من قبل تركيا كقوة قتال في شمال غرب سوريا. وحالة نجحت الجهود لتأمينها فقد تتحول المنطقة هذه لحزام آمن يوفر الحماية للفارين من حكم الأسد أو تنظيم الدولة الإسلامية.
وقد تصبح منطقة انطلاق للقوات المناهضة للأسد، ومنطقة للحد من تدفق اللاجئين إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا. وستلقى فكرة إنشاء منطقة صديقة لتركيا الدعم في البلدان الأوروبية، التي تشعر بالفعل بالضغط المتزايد بسبب اللاجئين السوريين الوافدين.
وسيتم من خلالها وقف وصول الإمدادات لتنظيم الدولة، وبالتالي إضعافه . فـ»خلق هذه المنطقة سيثبت للشعب التركي والدول الحليفة أن أنقرة جادة في هزيمة التنظيم، حتى في الوقت الذي تواصل سعيها إلى اتخاذ إجراءات أقوى ضد نظام الأسد».
ولكن هذه المنطقة تحتاج لأن تحميها القوات التركية. ويمكن لأنقرة توفيرها رغم انشغال قواتها بحرب مع حزب العمال الكردستاني- بي كي كي.
القدس العربي