يكاد يصعب على المراقب للشأن السوري في الآونة الأخيرة، تتبع كل أحاديث الرئيس السوري بشار الأسد لوسائل الإعلام الغربية والروسية والإيرانية، فالأسد لا يكاد ينتهي من مقابلة، حتى يطل من جديد في منبر إعلامي آخر، دون النظر لتميّزه أو لشهرته في فضاء الإعلام الدولي أو المحلي.
ورغم تفسير البعض لهذه اللقاءات المتكررة التي يجريها الأسد مع وسائل إعلام غربية، على أنها استمرار لخط إعلامي غربي، تعامل مع ثورة شعبية على أنها «حرب طائفية»، يمثل الأسد أحد أبرز أطرافها على الأرض، إلا أن الكاتب الصحافي السوري فراس ديب يفسرها على أنها «محصلة استثمار إعلامي للنظام في وسائل الإعلام الغربية».
وما يستدعي انتباه ديب في تصريحه لـ «القدس العربي»، أنه ورغم المبالغ الضخمة المرصودة من قبل النظام لاستقطاب وسائل الإعلام الغربية، هو الفشل الذريع للنظام في الوصول إلى المحطات الإعلامية المرموقة، حيث قال «الملاحظ أنه وباستثناء حديث الأسد إلى وكالة «الأسوشيتد برس» أيلول/سبتمر الماضي، فإن كل القنوات والصحف الأخرى التي أطل منها رأس النظام تعتبر قنوات من الدرجة الثانية إن صح التعبير».
وعلى غرار ديب، عزا المحلل السياسي والصحافي السوري فهد المصري ظهور الأسد إعلامياً لخمس مرات متتالية في غضون شهر واحد، كان آخرها اللقاء الذي أجراه مع التلفزيون العمومي السويسري «إس آر إف» قبل أيام، إلى العلاقات المتشعبة التي يتمتع بها مكتب الأسد الإعلامي، الذي تديره الإعلامية لونا الشبل التي كانت تعمل سابقاً في قناة «الجزيرة».
وتابع ساخراً، «حتى لو نجحوا في استقطاب تلفزيون أو جريدة بلاد «الواق واق» لما قصروا، ظناً منهم أنهم بما يفعلونه هذا، إنما هم يرفعون من معنويات ما يسمى بـ «الموالاة»، و أيضاً للظهور بمظهر المنتصر، لأن المرحلة الحالية هي من أخطر المراحل التي مرت على الثورة السورية».
وخلال تصريحه لـ «القدس العربي» رفض المصري، وهو رئيس «مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية حول سوريا» الذي ينشط من باريس، الحديث عن جهود غربية قد تكون هذه اللقاءات من بينها، بهدف «تأهيل الأسد» للبقاء على رأس السلطة، معرباً عن اعتقاده بأن الغرب يتجه لإعادة إنتاج النظام، وليس رأس النظام الأسد، كما قال. وفي حال اعتماد الرؤية السابقة للمصري، فإن السؤال المطروح هنا، لماذا لا تستضيف وسائل الإعلام الغربية هذه على شاشاتها أو بين سطورها شخصيات من منظومة النظام غير الأسد، وهنا قال المصري متسائلاً: «ومن هي الشخصية التي تمثل النظام خارج الأسرة الحاكمة».
ومضى قائلاً «هنا يكمن الخلل الغربي في التعامل مع النظام، والروس لو كانوا صادقين في مساعيهم لحل الأزمة كما يصرحون، لكانوا قد عمدوا إلى انتقاء شخصيات قد تكون مقبولة بمرحلة ما».
واستنكرت الكاتبة الصحافية السورية رانيا مصطفى ما وصفته بـ»الخداع» الذي تمارسه الدول الغربية في دعمها للمعارضة السورية، الذي لولاه لما ظهر الأسد على المنابر الإعلامية التي تديرها تلك الدول، ولما أفسحت له المجال ليشكك بالمأساة السورية، إلى حد وصفه صورة الطفل «عمران» بأنها «متلاعب بها وغير صحيحة».
وقالت لـ «القدس العربي»: «إن الغرب يرى أن ما يجري في سوريا «حرب أهلية» ليس إلا، وبالتالي فلا مشكلة لديهم أن يسوقوا للأسد كأحد الأطراف الضامنة للسلم الأهلي»، مشيرة في هذا الصدد إلى تغيّر الخطاب الإعلامي عما كان عليه في بداية الثورة، لدى بعض القنوات الإعلامية الغربية المرموقة.
مصطفى محمد_القدس العربي