لو لم يمت إيلان غرقا لقتله شارلي!
ما الذي سيحدث للطفل إيلان لو يمت غرقا وكبر؟
على ذمة «شارلي»،
لو لم يغرق إيلان لصار لاجئا جانحاً في مدينة كولونيا الألمانية العريقة او سواها من المدن الغربية، وكان سيركض خلف الألمانيات لتحسس «بياض أجسادهن» وسرقة أموالهن على ذمة كاريكاتور مجلة «شارلي إيبدو»، التي انتقلت في أعدادها الأخيرة لعام 2016 من انتقاد سيدنا محمد إلى الخالق نفسه حيث صورته قائلاً محترفاً، معلنة ان كل طفل مسلم سيصير قاتلاً، وذلك في كاريكاتور يمثل الطفل في مهده وقد زنر نفسه بالمتفجرات، ويزعمون أن «رب الإسلام» يطالبه بذلك من المهد إلى اللحد!!
منذ اليوم الذي تم فيه إطلاق الرصاص على بعض العاملين في مجلة «شارلي إيبدو» الكاريكاتورية الباريسية، أعلنتُ أنني «لست شارلي ولست قاتل شارلي»، فأنا لا أؤمن بالقتل وإبادة الآخر كحل لإبادة (فكره) بل وأجد في الاغتيال إنعاشاً لورثة فكره الظالم للدين الإسلامي الحنيف وملخصه أن «الإسلام دين عدواني يأمر بإبادة المختلف».
القتل ليس الرد
وإليكم الدليل بالأرقام: قبل قتل بعض العاملين في «شارلي إيبدو» كانت الدورية الاسبوعية تلهث لتبيع 30 ألف نسخة، وهو رقم هزيل في فرنسا. اليوم صار يشتريها 130 ألف قارئ بالإضافة إلى 80 ألف مشترك، كما أن أعدادها الخاصة تصل مبيعاتها إلى مليون قارئ بل وتعاد طباعتها في الأسبوع ذاته، بمليون نسخة أخرى، ولو أهملناهم بدلاً من اغتيالهم لما طالعهم إلا القليل من القراء كما كانت حالهم، فاللامبالاة سلام فتاك! ونحن، بالاغتيال، قدمنا خدمة لذلك المنبر الذي لا يخفي كراهيته للاسلام ويصوره معادياً للعمران والحضارة وحياة الابرياء وغير ذلك من التلفيق الخائن للعطاء الإسلامي الحضاري.
«الأيدي الجوالة» والرشاشات
الاعتداء الجنسي/المالي ليلة رأس السنة على النساء حيث قام مئات اللاجئين (المتأسلمين) الثملين بمهاجمة المحتفلات بليلة العام الجديد في كولن الألمانية وبغيرها من المدن الأوروبية وسلبهن المال وفرض (المداعبات!) الجنسية عليهن او الاغتصاب كما جاء في بعض الادعاءات للشرطة حول «الأيدي الجوالة».. ذلك يسيئ إلى كل مسلم وعربي ولاجئ وتلك هي الحقيقة بلا أقنعة.. ولنواجه المرآة ونعترف: تلك (الغزوات) لها جذور في التربة الأم، واللاجئ لم يولد لحظة وصوله إلى هناك وثمة آراء مغروسة فيه منذ الطفولة (بفضل) بعض الفتاوى الضالة. وها نحن (نغزو) الغرب كلاجئين نستحق الإشفاق، وحين نحل في دياره يطبّق بعضنا قانونه الخاص (بالحريم) والغزوات في بلاد تحترم حق المرأة في مباهج ليلة رأس السنة وبقية لياليها كالرجل كما هي قيم مجتمعها وبلادها.. وحان الوقت لنعترف بالفكر الآخر وبالذات ذلك الذي نتسول منه بطاقة إقامة ولحظة حرية ونحن في قاعنا نحتقر نساءه وسلوكهن المتحرراحتقارنا لتحرر بعض نسائنا العصريات العاملات. من السهل أن نفسر سلوكنا الشاذ هذا ولكن يستحيل «تبريره». نتحدث عن تلك الغزوة الجنسية/العالمية على انها من أفعال (متطرفين) أو مندسين أو كردة فعل على تهميش من هم من أصل عربي مسلم، ولكن في قاع الكثير من (المتأسلمين) شيئا من «داعش».
شركة استغلال الموتى إعلامياً
وفي الوقت الذي نمنح فيه (أعداء) المسلمين فرصة للتشهير بنا، يصير بوسع شارلي قتل إيلان ثانية دونما عقاب.. حتى على العدوانية و(قلة الرهافة) في كاريكاتوراته عن ايلان.
قلة الرهافة تُعاقب عادة في رسائل «الإنترنت» باستثناء ذلك الأذى:
فالمرأة المكروهة على الإنترنت في أمريكا هي كيلروي بارنجديل، من انديانا، التي بعثت برسالة نصية إلى صاحب مطعم، تأسفُ فيها على سهرة ليلة رأس السنة البائسة عنده انفقت فيها 646 دولاراً وأفسدها موت امرأة في المطعم بسكتة قلبية. كأنه كان على صاحب المطعم جر الجثة بهدوء إلى الرصيف لكي لا يزعج الساهرين. الاعتراض كان على «قلة رهافة» السيدة كيلروي والتهبت صفحات (الفيس بوك) بالرسائل ضدها لعدم مبالاتها إنسانياً.
وماذا عن «قلة الرهافة» في إيذاء شعور مليارات المؤمنين بوجود الخالق أياً كان دينهم وبالذات من رعايا الدين الإسلامي الحضاري وعطاياه الإنسانية الفكرية الطليعية حين كان الغرب غارقاً في الظلمات، وكمثال اذكر حق المرأة في الملكية وهو ما لم تحظ به الغربية إلا بعد المسلمة بقرون والحديث يطول.
كيف وصلنا إلى هنا؟
واذا كانت «شارلي» قد أسست شركة استغلال موتاها مالياً فإن نادي بعض المفكرين الغربيين والصحافيين يتحرك في المناخ ذاته.. مكرماً الذين سبق لهم التحذير من أذى المسلم وعدوانيته. وكمثال مختزل أذكر العدد الأخير سنة 2015 المنصرمة من مجلة «فيغارو ماغازين» الفرنسية الذي كرّم الذين كانوا «محقين».. والمقصود (لا ارتياحهم) إلى الإسلام كعقيدة «عدوانية»! ومن الأمثلة التي (كرمها) ذلك العدد ميشيل هولبيك (كاره المسلمين والعرب في رواياته) وجان راسباي وبيير اندريه توغييف واريك زيمور، الذي أعلن تضامنه مع فرنسيي مدينة كاليه ضد مخيم اللاجئين (الكريهين)، وألان فينكيلكروت وفي حقل السياسة فيليب فيلبيه ولوران ووكويز وسواهما..
وجوهر القضية ان الدين الاسلامي في نظرهم عدواني يرفض الآخر ويؤذيه ومن الخطر أن يقبله الغرب بذريعة «حرية الفكر» التي لا يحترمها الإسلام كما يزعمون. ويتساءل إريك زيمور: «كيف وصلنا إلى هنا»؟؟
والذي يجب ان يطرح هذا السؤال على نفسه هو نحن. فقد تعبنا من جلد الذات (المسلمة) لكننا تعبنا (اكثر) من التستر على عوراتنا الفكرية، وأولها الصمت على ما يقترفه البعض من جرائم تسيئ إلى سمعة الدين الإسلامي الحنيف وهو بريء منها ومنهم.
وقبل أن نلوم شارلي دعونا نلوم أنفسنا..
القدس العربي