اسطنبول ـ «القدس العربي»: تؤشر التكهنات والتسريبات حول مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المقبلة في المنطقة إلى أن تركيا ستكون اللاعب الأبرز فيها بعد المملكة العربية السعودية التي تستضيف سلسلة اجتماعات وقمم بين ترامب والزعماء العرب والمسلمين في الرياض.
فالحديث عن مخططات لحل القضية الفلسطينية وتشكيل تحالف عسكري إسلامي وارضاء السعودية بالضغط على إيران، كلها ملفات تعتبر أنقرة لاعباً أساسياً فيها ويحتاجها الرئيس الأمريكي من أجل إعطاء زخم والمساعدة في تمرير رؤيته المقبلة للمنطقة.
ويشارك قادة وممثلون عن 55 دولة عربية وإسلامية، في القمم التي تستضيفها العاصمة السعودية خلال زيارة ترامب، للمملكة يومي 20 و 21 أيار/مايو الجاري. وتستضيف السعودية على مدار اليومي(4 قمم) ثلاث منها ستجمع ترامب مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقادة دول الخليج، وزعماء دول عربية وإسلامية، إلى جانب قمة تشاورية لدول مجلس التعاون الخليجي.
القضية الفلسطينية
منذ بدء التحضيرات لزيارة ترامب إلى السعودية وما سيعقبها من زيارة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، تنتشر أحاديث واسعة عن خطة كبيرة يجري الإعداد لها في واشنطن وبمشاركة أطراف عربية متعددة أبرزها السعودية ومصر والإمارات من أجل التوصل أو «فرض» اتفاق سلام على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي هذا الإطار، تعتبر تركيا لاعباً أساسياً في أي تحرك بهذا الاتجاه، وذلك على صعيدين، الأول متعلق بمكانتها كدولة إسلامية سنية مركزية في المنطقة ولديها مكانة مميزة عند الشعوب العربية ودعمها لأي اتفاق سوف يعطيه دفعة قوية وسوف يساعد في اقناع الشعوب العربية فيه.
وعلى صعيد آخر، تتمتع تركيا بنفوذ كبير لدى حركة حماس الفلسطينية وسوف تحتاج واشنطن لها إلى جانب قطر في مساعي تمرير أي حلول مستقبلية ومحاولة إقناع حركة حماس التي أعلنت قبولها باتفاق «مرحلي» على أراضي 1967 بتمرير الاتفاق الذي لا يمكن أن يطبق بدون موافقتها كونها القوة المسيطرة على قطاع غزة. وإن كان الأمر مبكراً، لكن تركيا يمكن أن تلعب إلى جانب الأردن دوراً يتعلق بالرؤى المستقبلية لوضع مدينة القدس المحتلة وخاصة فيما يتعلق بأماكن العبادة انطلاقاً من مكانتها والنفوذ الذي تتمتع به مؤسساتها العاملة في المدينة، لا سيما أن العلاقات التركية الإسرائيلية تعتبر متقدمة جداً مقارنة بأي أطراف عربية أخرى يمكن أن لا تقبل بها إسرائيل.
الضغط على إيران
وتعمل السعودية على أن تؤدي هذه الزيارة والقمم التي ترافقها إلى «تغيير قواعد اللعبة» التي تتعلق بالدرجة الأولى بإيران حيث سيكون ملف «مواجهة تدخلات إيران في المنطقة» أبرز الملفات المطروحة، وتتفق فيه تركيا مع السعودية إلى حد كبير، وإن كان ذلك غير ظاهر كما هو الحال مع السعودية.
فتركيا كدولة تسعى إلى فرض نفسها كقوة إقليمية بارزة في المنطقة ترى في إيران منافساً أولاً لها وستكون مع أي خطوات تُحد من تفوقها عليها في هذا الإطار، بالإضافة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لديه مواقف ورؤية تتعلق بدور إيران كقوة شيعية طائفية تسعى للتوسع وتعزيز النفوذ في دول المنطقة المحيطة بها ويعتبرها خطراً على بلاده والمنطقة، كما تتخوف أنقرة كما الرياض تماماً من مطامع إيران في الحصول على سلاح نووي.
وفي حال قرر ترامب فعلياً زيادة الضغط على طهران، فإن سوريا ستكون الساحة الأولى لهذه المعركة وبالتالي فإن الولايات المتحدة ستكون بحاجة إلى تركيا كدولة تتمتع بنفوذ كبير على قوات المعارضة السورية التي تقاتل الميليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الذي يحتم على جميع الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية اللجوء إليها، وهو ما ينطبق بدرجة أقل على العراق.
من جهة أخرى، تعتبر تركيا دولة محورية في حال قرر ترامب إعادة تشديد العقوبات على طهران، فلا يمكن ضبط هذه العقوبات دون التزام كبير من قبل أنقرة التي ساعدت طهران خلال سنوات العقوبات الماضية في التهرب منها هو ما ساعدها في الصمود لفترات أطول أمام الضغوط الغربية. يضاف إلى ذلك دور تركيا المركزي في المساعدة بفرض أي حل سياسي على المعارضة السورية لإنهاء الحرب الدائرة منذ سنوات، ودورها في الحرب على تنظيم «الدولة» سواء من الجانب العسكري أو «الجانب الفكري والأيديولوجي» لما تتمتع فيه من تأثير في العالمين العربي والإسلامي بعد السعودية.
«الناتو الإسلامي»
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير كشف عن أنه تتم دراسة «بناء مؤسسة أمنية تستطيع أن تتصدى لأي تحديات قد تظهر في المنطقة» دون تفاصيل، وأنه سيتم إطلاق «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف» الذي سيقوم على جمع المعلومات اللازمة للحرب على الإرهاب.
وفي حال كان هذا التحالف شكلياً أو أريد له أن يكون فعالاً وتوكل لها مهام عسكرية حساسة، ستكون تركيا دولة محورية فيه، فالجيش التركي يعتبر الثاني من حيث العدد في حلف شمال الأطلسي «الناتو» ويمتلك قدرات حربية كبيرة وهو أقرب الجيوش لأماكن تواجد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق.
كما أن توجه السعودية لأن يكون هذا التحالف ورقة ضغط وردع وتهديد ولو معنوي لإيران لا يتعارض مع التوجهات التركية التي على الرغم من علاقاتها الاقتصادية وحالة «تحييد الخلافات مع طهران» إلا أنها تنتقد بشدة مطامع إيران وأهدافها الطائفية الفارسية في المنطقة، كما وصفها أردوغان سابقاً.