لم تمض أشهر عدة على اتخاذ روسيا القرار بالسيطرة على السلة الغذائية للساحل السوري وأهمها الحمضيات لتكون بديلة للمنتجات التركية التي كانت تستوردها موسكو قبيل توتر العلاقات بين الجانبين، حتى أظهرت الأخيرة مساعي جديدة لزيادة أنواع الواردات السورية لتشمل المنتجات الصناعية والنسيجية، الأمر الذي ينعكس سلباً على المواطن السوري من ناحية الإرتفاع الجنوني والمستمر للأسعار.
هذه السيطرة الروسية على العجلة الاقتصادية لمنطقة الساحل رافقتها اتفاقيات مع الحكومة السورية تقتضي بموجبها البدء بتنفيذ مشاريع تنموية في اللاذقية بدون غيرها من المدن القابعة تحت سيطرة قوات النظام، وهو ما يفتح باب التساؤلات عن أهداف وغايات موسكو من التمدد الإقتصادي في الساحل بالتوازي مع تواجدها العسكري المكثف.
إعلام النظام تحدث عن تعزيز التعاون الروسي ـ السوري في المجالات الاقتصادية والتجارية، حيث نشرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» مقابلة مع محافظ اللاذقية ابراهيم السالم زعم فيها أن هذه المشاريع المقامة في المدينة تصب في مصلحة الشعبين، مشيراً للتسهيلات المقدمة لرجال الأعمال والشركات الروسية بغية خلق مناخ صحي للاستثمارات بحسب الوكالة.
الصحافي السوري سمير الطويل والمختص في الشأن الاقتصادي يرى أن النظام الروسي يسعى من خلال مشاريعه وتواجده العسكري والإقتصادي في الساحل لأهداف عدة أبزرها الحفاظ على القاعدة العسكرية السابقة في مدينة طرطوس والاستمرار في عمليات التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط فضلاً عن الحصول على حقوق سيادية داخل المياه الإقليمية والحفاظ على النافذة البحرية الوحيدة للروس على المتوسط .
ويضيف لـ «القدس العربي»، «الغايات الروسية تتجاوز العامل الاقتصادي وصولاً لعامل الوجود، فبلاد الشام هي قلب العالم وأهم منطقة ترانزيت ويجب التنويه هنا للاقتراح الروسي القديم للنظام في سوريا لربط مياه البحار الخمسة وفتح أوروبا على الخليج، فالظروف مواتية الآن لبناء قواعد عسكرية واقتصادية لموسكو على الساحل مع الإعتقاد بوجود تسوية دولية مع الدول الكبرى وفقاً لنظام المحاصصة».
ومن زاوية أخرى يشير الطويل إلى تواجد كل من حافظ ومحمد مخلوف في روسيا وهما من كانا يديران العملية الاقتصادية في سوريا، وبالتالي قد تذهب الأمور في حال تم الإتفاق على تسوية تنتهي برحيل الأسد إلى نهب أموال الدولة من قبل العائلة الحاكمة والبدء بإدارة أعمالهم من روسيا وفقاً لقوله.
ويستذكر الصحافي الإقتصادي أن الدين المترتب على سوريا سابقاً جراء شراء حافظ الأسد للأسلحة الروسية الثقيلة تم اسقاطها بعد عام 2006 مقابل استحواذ روسيا على أراضي داخل مدينة عدرا العمالية ولعل الأمر قد يتكرر حالياً مع بشار الأسد من بيع لمناطق سورية مقابل سد الديون بحسب وصفه.
يشار إلى أن الساحل السوري مناطق ذات غالبية علوية تؤيد نظام الحكم في سوريا ومعظم شبانها متطوع في الجيش أو الميليشيات التي استحدثت خلال الثورة السورية، وهذا الأمر دفع العديد من المحللين السياسيين لربط التواجد الروسي في الساحل بمشروع الدويلة العلوية.
إيلاف قداح – القدس العربي