ما تزال أجواء الحيطة والحذر تسود في عدد من المناطق اللبنانية وتحديداً في قرى وبلدات البقاع الشمالي وفي الضاحية الجنوبية لبيروت وبعض التجمعات السياحية في العاصمة، وتتخذ ترتيبات أمنية مشددة في عدد من الاماكن ولاسيما حول مراكز الامم المتحدة والسفارات ومراكز الجيش.
وأفيد بأن استخبارات الجيش اللبناني تمكنت قبل ايام من إحباط عمل ارهابي، كان سيستهدف مرفقاً سياحياً مهماً في احدى ضواحي بيروت الشرقية، وتمّ توقيف شخصين على صِلة به. وعلى وقع المخاطر الامنية، ألغى كل من «حزب الله» و»حركة أمل» احتفالات إحياء ليلة القدر، كما جرى إلغاء عدد من الافطارات الرمضانية، فيما اتخذ الحزب، بالتعاون مع الجهات الامنية، تدابير مشددة في الضاحية ومناطق أخرى، لمنع أي عملية تسلل.
وكشف رئيس المجلس النيابي نبيه بري امام زواره عن معلومات أمنية وصلته في الايام الماضية مفادها ان مجموعات ارهابية تستعد للقيام بهجمات وتفجيرات تستهدف بعض المناطق وشخصيات لبنانية وقوات «اليونيفيل» في الجنوب، موضحاً انه جرى ابلاغ القوات الدولية بهذه المعطيات حتى تتخذ جانب الحيطة والحذر.
ورأى بري ان «ما نواجهه اليوم من خطر ارهابي يتطلب توحيد صفوف اللبنانيين»، ولفت إلى انه « مقابل الاستهداف الانتحاري الارهابي لامن واستقرار لبنان، نمارس نحن انتحاراً منذ اكثر من سنتين ونيف من خلال الشغور الرئاسي وتعطيل المؤسسات».
وبعد الكشف عن هوية الانتحاريين في بلدة القاع، إزداد القلق من الانتشار العشوائي للنازحين السوريين وتمّ توزيع بيانات في مناطق البقاع الشمالي بإسم حركة غير معلومة أطلقت على نفسها إسم «حركة أحرار البقاع الشمالي» تتضمن تهديدات لتجمعات النازحين ومما جاء فيها: «يجب عليكم مغادرة منطقة البقاع الشمالي وخاصة هذه البلدة خلال مهلة 48 ساعة تبدأ من ساعة تبلغكم هذا القرار وإلاّ سنتعامل معكم كأعداء ولن تكونوا بأمان، سنحرق بيوتكم، سنغتصب بناتكم ونساءكم، وسنقتل أطفالكم وقد أعذر من أنذر».
وتأتي هذه البيانات لتعكس وجود تخبّط رسمي في التعاطي الموحّد مع ملف النزوح السوري وتداعياته على الامن القومي للبلد وعدم وجود مقاربة واحدة. ولوحظ أن التعاطي مع هذا الملف ينبع من مصالح طائفية ومذهبية وسياسية حيث هناك فريق في لبنان يريد تجميعهم في مخيمات، وفريق يدعو لابقائهم حيث هم وفريق يدعو لترحيلهم ويتهمهم بإيواء إرهابيين وآخر يدافع عن وضعهم الإنساني ويتهم الآخرين بالعنصرية.
وفي المواقف السياسية بعد وقوع التفجيرات الانتحارية، واظب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط على دعوته إلى انتخاب أي رئيس بأي ثمن، إن كان ميشال عون أو غيره.
وقال «الرئيس سيحاول أن يدير الأزمة، ونديرها معه، الأزمة ليست وضعاً أمنياً فقط، علينا أن نرمّم العجز والدين العام، ونواجه معاً الأخطار. وجود رئيس، أيّ رئيس، أفضل من لا رئيس».
وقال الزعيم الدرزي «لا يمكن أن يكون هدف الانتحاريين الثمانية بلدة القاع وحدها، ومن المنطقي أن يكون هدف الانتحاريين الدخول إلى لبنان، كل لبنان. في 8، لو توزّعوا بالبلد كانوا فجّروا البلد. اليوم قضيت بالقاع، بكرا شو؟ ونحنا غرقانين بالنقاش البيزنطي حول الرئيس ومش رئيس، والسلّة ومش سلّة».
من ناحيته، غرّد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية عبر «تويتر»، قائلاً «على الدولة ان تتخذ القرار الحاسم بتوجه الجيش إلى جرود القاع ورأس بعلبك لحماية المنطقة، والا فإننا كمن لم نفعل شيئاً».
اما التغريدة التي لقيت رواجاً وانتشاراً على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المواقع الالكترونية فهي تغريدة الإعلامية محاسن حدارة تضامناً مع أهالي القاع حيث كتبت «قولوا الله! سأحمل إسلامي وأتوجه إلى القاع لأن مسيحيتي تناديني… فلنذهب جميعاً».
وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع استبق مراسم دفن ضحايا بلدة القاع فوجّه كلمة إلى أهالي القاع جاء فيها «عندما دعا داعٍ او داعش كنتم فعلاً للمقاومة جاهزين ولم تموتوا إلاّ واقفين، وها هي ساحات معارك الخير بمواجهة الشر التي اعتدتم خوضها منذ البدء تشهد على بطولاتكم وصمودكم وتضحياتكم، كل يومٍ اكثر من ذي قبل، وهذه المحطة ما هي سوى حلقةٍ من سلسلة بطولاتٍ سابقةٍ وربما لاحقة، تُظهِرون وستُظهرون فيها من جديد كم ان إيمانكم ساطع، لا يتعب ولا يتكسّر، وكم ان هذا الإيمان الممزوج بفرحٍ عظيم واملٍ كبير، سيُزهر من خلف كل الدخان والعواصف براعم تُبشر بربيعنا الآتي عمّا قريب».
واكد جعجع «ان لبنان الجديد سينتفض من تحت رماده، والجمهورية القوية آتية، عاجلاً ام آجلاً، لتحقق لنا كل أحلامنا. وتذكروا ان وجـودنا هنا ليـس صدفةً بل هو مفارقةٌ تاريخية مفصلية متجذّرةٌ بقوّة الحق والروح. فما من قوة شرٍ تستطيع اقتلاعنا من ارض آبائنا واجدادنا حتى ولو جندّت معها كل اصناف الانتحاريين، وألّبت علينا كل انواع التكفيريين الكـافرين».
القدس العربي»