باسم الشعب المفيد، سأهدم المدن واستبدل الشعب بشعوب أخرى، ليس مهما لدي ولا يعنيني بشيء، إن لم يعرفوا تفاصيل المكان، لغة المكان، روح ونبض المكان، لست مهتما بثقافة الياسمين، لا ليس في مفردات لغتي وقاموس حكمتي فصل يحكي عن الكرامة، ولست مهتماً بهرطقات شاعر منفي يبكي عيون الشام ومآذن الشام، لست مولعاً بأشعار ديك الجن. عاصي حمص سأجعله حملاً وديعا، سنستبدل سواد حجارة حمص بالأحمر المشبع بنبيذ عروق أبنائها المعتق.
أيها الشعب نواعير حماة ستعاود الدوران في عاصيها المطيع بعد ترويضه لسلطاني، ليس بالماء وحده بل بدماء من تجرأ يوما وفكر أن يخرج عن طاعتي.
باسم الشعب والوطن والانسان تحرق كل أشجار الوطن وتسحق ازهار وورود الوطن، وتمنح ارض الوطن لمن قاتلوا دفاعا عن سلطاني لأجل استمرار سلالتي، زيتون الوطن انما استمد نوره من عيوني، زيزفون الوطن يستمد رائحته من عطري.
أيها الشعب ما قيمة وجودكم دوني وكيف يطيب لكم المقام دون حذائي لا يفارق اعناقكم وكلابي تراقب احلامكم.
رضائي عنكم عتق من النار، جنان الخلد التي تتسامعون بها جنتي، حبي طاعة وتسبيحكم بحمدي شفاعة لكم.
من عصاني غرم ومن اطاعني سلم، ومن لم يسمع رصاصة مسدسي الحربي كفيلة بأن تجعله يسمع ويعتبر.
أيها الشعب العظيم كل ما فعلته وافعله وأنا مستمر بفعله من اجل رفاهكم وباسمكم، فلست اجد لكم خيراً من حاكم ملهم مؤيد بالدبابة والطائرة، والموسى قاطع الرقاب على الجام ابعثر به الاشلاء وتترقرق من تحته الدماء و تجري في أزقة الوطن أنهارا تعمد أطفالكم كفيضان جامح لا ساحل له ولا شاطئ حتى تذكروا دائماً أبدا أنني أنا الوطن.
باسم الشعب سنضعكم على الخوازيق، باسم الوطن والسيادة الوطنية نخصي الكلمات ونذل الرقاب، ولأجل المواطنين المفيدين المصفقين المسبحين اللاعقين لا بأس في قتل المارقين المتطاولين الحالمين بوهم ان يرتقوا يوماً لبقايا انسان،
وتنتهك الحرمات، باسم الشعب العظيم تزور صفحات التاريخ ويصبح عطر الياسمين سما زعافا، آيات القرآن تحرف لتمجد السلطان وانجازات السلطان وزرقة عيون السلطان، جنرال الكيميائي، فحل الحصار والتجويع، مبتدع الإرهاب.
كم أنت مسكين أيها الشعب أيها الوطن جرائم الكون كلها ترتكب باسمك وانت لا تكاد تجد لقمة خبز تسد بها رمق أطفالك.
بكل سذاجة الكون وحمقه يفتح بشار الأسد مزادا يقول فيه «أنا لن أقدم أي تنازل لسبب بسيط لأنَّني لا أمتلك الوطن، أي تنازلات على المستوى الوطني لا يملكها الرئيس، هذا بحاجة إلى قرار وطني، بحاجة إلى قرار شعبي، وهذا يكون من خلال الاستفتاء».
في هذه اللحظة قد يعترض معترض ويقول أين السذاجة والوقاحة التي تدعيها في قول بشار الأسد ذلك، وربما يتبجح آخر ليقول هذه هي الديمقراطية ومفردات السيادة الوطنية وعنوانها.
لسنا بحاجة لكثير عناء للرد على بشار الأسد وتنظيمه ومحازبيه ومشايعيه، بل ندهمهم بسؤال اعتراضي يتحمل الاستنكار والتقريع. هل استفتى تنظيم بشار الأسد السوريين عندما قرر قتلهم، وهل استشارهم حين قرر هو وأعوانه أن يمنحوا محافظة طرطوس ارضاً خالصة للروس، وهل استفتا السوريين حين قرر استجلاب كل شذاذ الآفاق والمرتزقة وكلاب الأرض من اقطاب العالم كافة لقتل «المعارضين» لتنظيمه، وهل، وهل استشارهم واستفتاهم في تمكين عصابات حزب الله اللبنانية الإرهابية تجار المخدرات، في اقتطاع القصير ومعظم غوطة دمشق الغربية وترحيل أهلها منها، وأين الشعب السوري في منح عقود اقتصادية خيالية للإيرانيين الذين أحرقوا وأهلكوا النسل السوري، الإيرانيون الذين قال قائلهم ذات يوم ليس عنا ببعيد «سوريا أصبحت محافظة إيرانية». والقائمة تطول.
يكاد المريب يقول خذون، لو اخضعنا ما يقوله بشار الأسد لمحاكمة على طريقته الشعب صاحب القول الفصل كم مرة سيتوجب علينا اعدامك يا بشار الأسد؟.
يقول بشار الأسد في اخر هرطقاته «أي تنازلات على المستوى الوطني لا يملكها الرئيس»… هل كان قراركم بتسليم السلاح الكيميائي السوري الذي دفع السوريون ثمنه من دمهم واختنقوا به فيما بعد بأيديكم الآثمة باسم الشعب وارادته بعد التشاور معه؟ وإن لم يكن هذا، هل بمكاننا أن نعتبر قرارك هذا خيانة عظمى وتخليا عن سلاح استراتيجي كان يحقق شكلا من أشكال التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني الذي طالما صدع رؤوسنا به ابوك حافظ الاسد. وهل منح نظام «ملالي إيران» العدو الازلي للسوريين والعرب، عقودا مشبوهة تتيح لطهران أن تهيمن بشكل كامل على مفاصل الاقتصاد والحياة السورية، في القطاعات النفطية والصناعية والعقارية والغذائية والصحة وقطع الغيار في سوريا.
ألم يسمع بشار الحاكم باسم الشعب قول أحد ازلام إيران إن الهلال الشيعي سيتحول بدراً واخوته «زينبيون» و«فاطميون» وأبناء أبو الفضل في سوريا ينتظرون ان يكملوا البدر، الذي إن شاء لنا الله سنطفئ نوره بسيف مطامعهم الأهواء، والهوى من الهواية.
ألا تعتبر هذه الأفعال والتصرفات ضرباً من ضروب الخيانة العظمى وتستحق مقصلة الشعب الذي استبحتم حرماته ونهبتم خيراته وأعطيتم ما لا تمتلكون منه شيئا لمن لا يستحق وجعلتم الوطن مزرعة خاصة بكم وبحاشيتكم المتعددة الجنسيات: روسي وإيراني وأفغاني ولبناني وكوري.
ومن ثم هل كان دخول ابيك حافظ الأسد القصر الجمهوري على ظهر دبابة واستعماره اربعة عقود بقرار الشعب وهل تدمير مدينة «حماة» تم بالتوافق مع الشعب؟
ومن السذاجة والوقاحة المضاعفة أن بشار الكيميائي مازال يمنح لنفسه لقب الرئيس ويحدثك بغطرسة عن الشعب وخياراته وهو لا يمتلك رفاهية ان يغادر قصره او ان يتخذ قراراً ولما استدعي من قبل سيده القابع في كرملن موسكو تم شحنه بطائرة شحن.
ولست أفهم على وجه الحقيقة كيف يدعي أحدهم أن سلطته انما يأخذها من الشعب، الشعب الذي تخطفه يد الردى ومخالب النسور وجوارح السماء ووحش الأرض من سباع وضباع، وأسماك البحار ومن تبقى منه يصارع حر الشمس وصقيع الشتاء. فعن أي شعب يتحدث هذا المخلوق، أم أنه يكرر على مسامعنا ما قاله عن الشعب المفيد، الذي يدافع عنه سلطانه.
وعلى الرغم مما حمل كلام بشار الأسد من تفاهة إلا أنه لم ينس أن يكون طريفاً كما هو دائما، فقد تفتقت عبقريته وكشف لنا لغزا حير الباحثين، ترامب قصف مطار الشعيرات لتقديم أوراق اعتماده امام مجموعات الضغط واللوبيات. ولكن على حين غرة يهاجمك أحدهم هـجوم الحـرسِ يقول لك باسماً او ضاحكاً، ترامب الذي أطـاح بمـدير مكتب «إف بي آي» دون ان يرف له جفن، هو المعني بكلامـك هذا ؟.!
نعم يا بشار صدقت القول «جنيف» مسرحية هزلية بطلها أنت وتدور حولك، لكنك أخطأت «الاعتقاد» واحسنت «الظن» وبعض الظن اثم، فالأيام دول والحرب سجال، اليوم تدور معك وغداً بك وعليك، ولست اعرف أقريب هو ام بعيد ذلك اليوم الذي سيعقد فيه جنيف الذي سيطيح برأسك أو يجعلك حبيس القيد والذل.
القدس العربي-ميسرة بكور كاتب وباحث سوري