غازي عنتاب ـ «القدس العربي»: «لعل القارئ يدرك صعوبة الغربة، وصعوبة القرار بالبعد عن حقول القمح وأشجار الزيتون، ولكنه الحلم بعودة إلى الوطن سوريا هو الأمل الذي أسعى إليه» هكذا بدأ الدكتور شاهر عبد اللطيف حديثه.
درس الدكتور شاهر عبد اللطيف في ألمانيا كلية الزراعة جامعة هومبولت برلين وحصل على شهادة الدكتوراه في مجال التقانات الحيوية وبتقدير جيد جداً، وحاز على شهادة الباحثين الشباب في المانيا من جامعة هونهايم بالمركز الاول لعام 2009. كان يحلم بيوم العودة ليضع كل ماجناه وجمعه في خدمة مجتمعه وبلده.
ويقول لـ «القدس العربي «: كان قراري بالإنتقال إلى تركيا وبالتحديد إلى مدينة غازي عينتاب القريبة من الحدود السورية التركية مع زوجتي التي تملك الجنسية الالمانية، وأطفالي الصغار كي أكون قريبا من بلدي الذي تربيت فيه بعيدا عن المصلحة والاستفادة المادية تاركا ورائي كل ما هو موجود في ألمانيا من حياة مستقرة لي ولعائلتي، كنت أعمل في ألمانيا في شركة لتنسيق وتصميم الحدائق، وكانت أمامي فرصة لمتابعة البحث العلمي لما بعد الدكتوراه، أو العمل في إحدى الشركات المتخصصة بإنتاج البذور وبدخل شهري كبير جداُ بالمقارنة بتركيا؛ ولكنني تركت كل هذا لأكون قريبا من بلدي في هذه الظروف الصعبة التي تمر به.
ويكمل الدكتور شاهر «أحزنتني كثيراً صور المهاجرين السوريين إلى أوروبا وقصص الغرق والموت التي كنا نسمع عنها، وتناولتها وسائل الإعلام عن عوائل فقدت بأكملها، أو طفل غرق أمام ناظري والديه أو عن أم تصارع القدر من أجل أن تنقذ أطفالها لكن دون جدوى، والأمر المأساوي المحزن أكثر هو هجرة العقول والكفاءات السورية، إنه حقا جرح نازف في الجسد السوري لن ندرك مدى خطورته إلا بعد انتهاء الحرب عندما نبدأ ببناء الدولة السورية الجديدة من جديد ولا نجد من يبني معنا، من أجل هذا أردت أن أرسم خطاً للهجرة يوازي الخط الأول ويعاكسه بالاتجاه والتأثير أي العودة إلى وطني». ويضيف شاهر عبد اللطيف «كان قراري بترك ألمانيا قرارا صعبا جدا، ليس فقط لأنني كنت امتلك فيها كل مقومات العيش برفاهية، بل لأنني أيضا أمضيت أياما لن أنساها في بلدي الثاني ألمانيا هذا البلد الرائع الذي حصلت فيها على الدكتوراه ورزقت فيه بأربعة أطفال وحصلت فيه على الجنسية الألمانية لي ولزوجتي ولأطفالي ونسجت فيه شبكة طيبة من الأصدقاء الطيبين الذين أعتز بهم. كان قراري بالعودة صعبا جدا وسببه هو أن اكون قريبا من بلدي، وأقدم كل ما أستطيع في هذه المحنة التي تمر على شعبها وأشارك بفعالية لكي أبرئ نفسي أمام أولادي وأهلي وأخوتي تجاه الوطن في المستقبل من خلال خبرتي واختصاصي». ومن وجهة نظر الدكتور شاهر فإن «من يريد أن يعيش لاحقاً في سورية المستقبل لابد أن يبذل كل جهده الآن لكي يعود، وبالنسبة لي لم ولن أدخر أي جهد في سبيل هذا فقد استطعت وبفترة وجيزة ان أسس شبكة من العلاقات القوية مع أصدقاء وزملاء الدراسة، قدمت لهم الدعم الفني والتقني والاستشاري للنهوض بالقطاع الزراعي واعادة اصلاحه من جديد ولاسيما في مجال بناء المؤسسات والتخطيط الاستراتيجي وترتيب الأولويات لتنفيذ المشاريع الزراعية».
ويختم الدكتور شاهر قصته «إننا بحاجة لإعادة إعمار كل شيء، في بلدي فالبلد يحتاج لإعادة إعمار البشر قبل الحجر بسبب معاناة دامت أكثر من خمس سنوات من الحرب – حتى الآن – التي لم تبق على شيء فهذا البلد لم يعتاد على الحرب متفائلين بأن نعيد بناءها لتكون أجمل».
القدس العربي