بغداد ـ «القدس العربي»: أثارت وفاة الرئيس الإيراني الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ردود أفعال متباينة لدى الأحزاب والأوساط الشعبية في العراق واقليم كردستان، ففيما توجه وفد رسمي ضم قادة من «التحالف الوطني الشيعي» بينهم رئيسه عمار الحكيم، للمشاركة في مراسيم التشييع، أعتبر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض، أن رفسنجاني شارك في عمليات إعدام وتعذيب ضد الأكراد والإيرانيين.
وتميز الموقف الرسمي للحكومة العراقية بابداء الاهتمام بوفاة رفسنجاني من خلال الحرص على إرسال برقيات التعزية وتوجه الوفود الرسمية وبعض الشخصيات إلى إيران للمشاركة في مراسم العزاء والتشييع هناك.
وتوجه وفد عراقي رسمي كبير ضم قادة من التحالف الوطني الشيعي بينهم رئيس التحالف عمار الحكيم، للمشاركة في مراسيم تشييع رفسنجاني.
ووصل الحكيم إلى طهران برفقة عدد من الشخصيات السياسية العراقية للمشاركة في مراسم التشييع، التي شارك فيها أيضاً وفد عراقي آخر ضم كلا من وزير الخارجية ابراهيم الجعفري، ووزيرالثقافة فرياد راوندوزي (كردي)، ووزير الكهرباء قاسم الفهداوي (سني)، ووزير الرياضة عبد الحسين عبطان، إلى جانب مستشارين لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ومدير مكتبه اياد الوائلي.
كذلك، وجه المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني، برقية تعزية، واصفاً رفسنجاني بـ«حجة الإسلام» وليس آية الله التي تطلقها مرجعية قم عليه، ما يشير إلى عدم الاتفاق بين المرجعيتين على الدرجة الدينية ضمن العرف المعتاد لدى الشيعة في منح الدرجات لرجال الدين الشيعة.
كما اقامت القنصليات الإيرانية في مدينتي كربلاء والنجف، مجالس تأبين لاستقبال المعزين، حضرها مختلف الشخصيات الدينية والسياسية وقادة الميليشيات المقربين من إيران. وفي إقليم كردستان العراق ايضاً، تناقضت مواقف الأحزاب الكردية العراقية والإيرانية تجاه وفاة رفسنجاني.
ففي حين قدم رئيس حكومة إقليم كردستان، نيجيرفان البارزاني، أثناء زيارته إلى مقر القنصلية الإيرانية في أربيل، تعازي رئاسة إقليم كردستان وحكومة الإقليم إلى مرشد إيران علي خامنئي، اعتبرت احزاب كردية إيرانية، رفسنجاني أحد الشخصيات المسؤولة عن انتهاكات ارتكبتها إيران ضد المعارضين، ومنهم الاكراد.
وذكرت مصادر صحافية كردية في السليمانية لـ«القدس العربي» أن «جميع الأحزاب الكردية العراقية، وخاصة القديمة منها، تدين بالولاء إلى إيران، نظراً للعلاقة المتميزة بين الطرفين والدعم الإيراني السخي للاحزاب الكردية المعارضة طوال تاريخ التمرد الكردي ضد الانظمة في العراق منذ منتصف القرن الماضي».
ووصلت العلاقة، وفق المصادر إلى «التحالف الاستراتيجي، وخاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات عندما وقفت القوات الكردية إلى جانب إيران ضد نظام صدام حسين».
وأضافت المصادر أن «موقف الاحزاب الكردية الإيرانية تجاه إيران عموماً ورفسنجاني خصوصا، مختلف تماما عن موقف نظيرتها العراقية، حيث تخوض الاحزاب الإيرانية نضالا شرسا ضد القوات الإيرانية التي تعودت قصف مواقع الاحزاب المعارضة المقيمة في الاراضي العراقية كما تقوم المخابرات الإيرانية بحملة تصفية لكوادر تلك الاحزاب، كما حصل في التفجير الذي استهدف مقر الحزب الديمقراطي الإيراني في اربيل مؤخرا، الذي اتهم إيران بالمسؤولية عنه».
ونشر الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض، بياناً انتقد فيه رفسنجاني. ولفت البيان أن «الشعب الإيراني عموماً، والشعب الكردي على وجه الخصوص، يتعرضون للإعدام والقتل والتعذيب وغيرها الكثير من الأعمال الإرهابية التي شارك فيها رفسنجاني، وكل تلك الأعمال يتم اتخاذها كمعايير لتقييم برامجه السياسية وحكمه». وحسب البيان، «من المؤسف أنه في ظل حكم رفسنجاني ومن على شاكلته، كان الكثيرون يموتون بدون محاكمات أو استجواب من قبل القضاة، وإنما بصورة تعسفية «.
وأكد أن «رفسنجاني خلال فترة حكمه ارتكب أكبر الجرائم والأفعال الإرهابية على مستوى العالم، خصوصاً ضد الأمة الكردية».
وأشار إلى أن «رفسنجاني كان زعيم أخطر عصابات سرقة وتهريب الآثار في إيران»، منوهاً إلى أن «وفاة رفسنجاني كان سبباً لإدخال السعادة في قلوب الناس».
ويذكر الكثير من العراقيين أن رفسنجاني كان من المشجعين على استمرار الحرب التي استمرت ثمان سنوات (1980 ـ 1988) رغم الخسائر الكبيرة في الارواح للشعبين الجارين والدمار الذي سببته في البلدين.
ويشير مراقبون عراقيون أن رفسنجاني كان يرأس «مجمع تشخيص مصلحة النظام» الذي يشرف على سياسة الحكومات الإيرانية ويعمل على إبعاد أي صوت مناهض لنهج النظام حتى ولو كان من زعماء النظام نفسه. ومعروف عنه أيضاً تشجيع تدخل الحرس الثوري الإيراني في شؤون دول المنطقة تحت غطاء «نشر الثورة الإسلامية».
القدس: القدس العربي