واصل دونالد ترامب حملته الشرسة على القضاء ووسائل الإعلام في أمريكا وذلك بعد أن قام قاضي محكمة في سياتل بالموافقة على دعوى تطلب وقف قراره حظر دخول مواطنين من سبع دول إسلامية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان في سياق هذه الحملة إعلانه في تغريدة جديدة نشرها أمس على مواقع التواصل الاجتماعي أنه «إذا لم تربح الولايات المتحدة (أي ترامب نفسه!) هذه القضية فمن الواضح أننا لن نحظى بالأمن والأمان اللذين نستحقهما»، وقبلها اتهم الرئيس الأمريكي وسائل الإعلام بأنها تكتمت في الماضي على هجمات نفذها «إرهابيون إسلاميون متطرفون»، وتبع ذلك نشر البيت الأبيض ملخصاً عن 78 اعتداء نفذت في العامين الأخيرين معتبراً أن معظمها «لم يلق الاهتمام الإعلامي الذي يستحق».
ونال القاضي جيمس روبارت الذي علّق المرسوم نصيبه من هجوم ترامب الشخصي عليه، فبعد أن وصفه بأنه «ما يسمى قاضيا»، حمّله مسؤولية أي هجوم يقع مستقبلاً على الأراضي الأمريكية قائلاً «إذا حدث شيء ما حمّلوه المسؤولية هو والنظام القضائي».
حسب وسائل الإعلام الأمريكية فإن هجوم ترامب لم يسبق أن قام به رئيس أمريكي ضد السلطات القضائية في بلاده من قبل، وإضافة إلى الخطورة الكبرى في أي دولة ديمقراطية لتحريض رئيس شعبوي الناس على رمز آخر للسلطة (وبالتالي فهو في صميمه عمل فوضوي وتخريبي) فإن مضمونه، في الحقيقة، يتجاوز سابقة التهجم من رئيس أمريكي على قاض من قضاة بلاده، وعلى السلطة القضائية عموماً.
تخفي الدعوة لتحميل مسؤولية أي حدث إرهابي في الولايات المتحدة الأمريكية لاحق شكلاً من أشكال استدعاء هذا الحدث نفسه لأنه سيستخدم، من دون أدنى شك، من قبل ترامب وإدارته لتبرير القرار المخالف للدستور الأمريكي ناهيك عن كونه قرارا زائفاً لا يستند إلى معطيات حقيقية تؤكده.
أكّد القاضي الأمريكي في مرافعته الشفهية أنه ليست هناك أي واقعة تثبت حصول هجمات إرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية قام بها مواطنو تلك الدول السبع التي اصطفاها ترامب بحظره، وحسب أستاذ أمريكي في القانون فإن القرار التنفيذي لترامب هو في أنه يريد أن يستخدم تبرير «الأمن القومي» الأمريكي لتجاوز القوانين، ودلّل على سخافة هذا التبرير بقوله إن قرار ترامب استخدمه لمنع أطفال ورضّع من دخول أمريكا.
الصحافة الأمريكية ردّت طبعاً على ادعاءات ترامب ونشرت روابط لتغطياتها الكبيرة والمعمقة لكل الأحداث الإرهابية في العالم التي أوردها في قائمته، فيما ردّت أم سائحة بريطانية قُتلت بحادث إجرامي طالبة من ترامب عدم استخدام حادثتها في قائمته، غير أن السخافة الكبرى تكشّفت حين تبين أن إحدى المجازر التي ذكرها لم تحصل إطلاقاً وهو ما اعتبره أحد الكتاب الأمريكيين مستوى أعمق من التآمر على الشعب الأمريكي.
ترامب بحاجة لعملية إرهابيّة بسرعة فمن سيساعده في تحقيقها؟
القدس العربي