يتجه العالم سريعاً نحو التحول إلى الأتمتة واستخدام التكنولوجيا في كل مناحي الحياة التي ستتحول إلى «حياة ذكية» قريباً، وذلك بفضل شبكة الانترنت التي تشهد تطوراً متسارعاً وتغزو حياة البشر بشكل أكبر وبصورة يومية، وهو ما دفع شركتين عملاقتين إلى إطلاق المشروع الذي سيجعل شبكة الانترنت متاحة في كل أنحاء الكرة الأرضية ولكل بني البشر بلا استثناء.
وبدأت شركة «ون ويب» العالمية بمشروع عملاق بالتعاون مع شركة «إيرباص» المتخصصة في صناعة الطائرات يهدف إلى إطلاق أقمار صناعية من شأنها أن تجعل الوصول إلى شبكة الانترنت متوفراً لدى كل شخص في العالم وفي أي مكان على وجه الكرة الأرضية، وبصورة سهلة وميسرة.
وقالت جريدة «دايلي ميل» البريطانية إن التحالف بين «ون ويب» و»إيرباص» يتضمن إنتاج 10 أقمار صناعية تجريبية كبداية للبدء في تجربة المشروع قبل أن تطلق الشركة أول أسطول لها لتغطية الكرة الأرضية بخدمات الانترنت السهل والسريع.
وحسب المعلومات فإن الأسطول التجريبي المكون من عشرة أقمار صناعية سوف يكون قد تم إطلاقه خلال تسعة شهور من الآن للبدء في تجربته، وفي حال نجاح التجربة فسوف يبدأ العمل في إنتاج أضخم أسطول من الأقمار الصناعية في العالم وسيكون قوامه 900 قمر صناعي وسيتم استخدامها جميعاً في تغطية كل أنحاء الكرة الأرضية بخدمات الانترنت، أو ما أطلقت عليه شركة «ون ويب» إسم «الوصول السريع إلى الانترنت».
وتقول الشركة إنها ستبدأ في العمل على هذه التكنولوجيا الجديدة وإنتاجها في مدينة «تولوز» الفرنسية، على أن أول تجربة، أو أول قمر صناعي سيتم إطلاقه من أسطول العشرة التجريبية سيكون في شهر آذار/مارس من العام المقبل 2018. أما المبادرة فهي مشروع مشترك بين «ون ويب» و»إيرباص» وسوف يتم بموجبه إنتاج 900 قمر صناعي تحلق على مدار قريب من سطح الكرة الأرضية يُطلق عليه اختصاراً إسم (LEO). ويتوقع أن تؤدي هذه التكنولوجيا الجديدة إلى إحداث طفرة كبيرة في خدمات الانترنت على مستوى العالم.
ويهدف هذا المشروع إلى توفير خدمات «الانترنت السريع والمريح» إلى المناطق النائية والريفية والمناطق التي تنقصها الخدمات في أنحاء مختلفة من الكرة الأرضية، بما يتيح لسكانها استخدام الاتصالات الصوتية والمرئية بسهولة بالغة، ويتيح لهم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والخدمات المختلفة على الانترنت.
وحسب المعلومات التي أوردتها الشركتان المتحالفتان في بياناتهما فإنه في حال نجاح الأسطول التجريبي في المحاولات التي ستجري له في مدينة «تولوز» فإن عمليات الإنتاج الضخمة للأسطول الرئيسي ستجري في مصنع خاص بالقرب من مركز «كنيدي» لصناعات الفضاء في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وتقول الشركتان إن التكلفة المقدرة لهذا المشروع العملاق تتراوح بين 1.5 مليار دولار و2 مليار دولار أمريكي.
وقال جورج وايلر مؤسس ورئيس شركة «ون ويب»: «نحن بعيدون تسعة شهور فقط عن إطلاق أول قمر صناعي في أسطولنا إلى مداره حول الكرة الأرضية».
وأضاف: «بعد ذلك إذا نجحنا وسار كل شيء على ما يُرام فسوف نبدأ في إطلاق أكبر حملة لإرسال أقمار صناعية جديدة إلى الفضاء وبواقع قمر جديد كل 21 يوماً، وسوف نبني ليس فقط أسطولا وإنما جسرا رقميا وتكنولوجيا لتوفير الانترنت السريع والسهل لمليارات البشر غير المتصلين بالخدمة حول العالم».
ويأتي هذا المشروع العملاق وهذه التكنولوجيا الجديدة ليدخل في منافسة ساخنة مع شركة «غوغل» التي تعمل على مشروع ضخم من أجل توفير خدمات الانترنت للمناطق النائية في العالم ولكن بطريقة مختلفة، حيث تعتزم إطلاق أسطول من الطائرات التي تعمل بالطاقة الشمسية والتي لن تحتاج للهبوط إلا بعد عدة سنوات.
وأكدت شركة «إكس» التابعة لشركة «غوغل» مؤخراً أنها تُنهي حالياً برنامجها للطائرات التي تعمل بالطاقة الشمسية، التي تهدف إلى توفير الإنترنت للمستخدمين في المناطق النائية من العالم، مع توزيع أعضاء فريق «مشروع تيتان» إلى مشاريع أخرى.
وكانت شركة غوغل قد أعلنت منتصف شهر نيسان/أبريل 2014 عن شراء شركة «تيتان إيروسبيس» المتخصصة في صناعة الطائرات بدون طيار، وذلك في محاولة منها لدعم مبادرتها الخاصة بتوفير الإنترنت في الأماكن النائية في العالم.
وقالت حينها إن فريق العمل الخاص بشركة «تيتان إيروسبيس» سينتقل للعمل مع فريقها القائم على مشروع (Project Loon) وهو المشروع الذي تستخدم فيه الشركة بالونات لتكوين شبكات في الجو لبث إشارات الإنترنت.
وإلى جانب الجهود التي تبذلها شركة «غوغل» فإن «فيسبوك» انتهت العام الماضي من مشروع للسيطرة على الاتصالات في العالم، تهدف منه إلى ربط ملايين المستخدمين بالانترنت في الدول النامية، وهو المشروع الذي أطلقت عليه اسم «بروجيكت أكويلا» ويهدف إلى بناء طائرة تعمل بالطاقة الشمسية يمكنها الطيران لأشهر فوق الأماكن النائية وبث خدمات الإتصال بالإنترنت.
وكانت «غوغل» اشترت شركة صغيرة هي «أسينتا» متخصصة في صنع طائرات بدون طيار تعمل بالطاقة الشمسية، وأصبح مالكها، أندي كوكس، مهندسا يدير مشروع «بروجيكت أكويلا».
وفي نهاية شهر حزيران/يونيو من العام الماضي تم تفكيك أول طائرة في هذا المخزن الواقع في منطقة صناعية في «بريدجووتر» ونقلت أجزاؤها إلى أريزونا في الولايات المتحدة، حيث أعيد تجميعها للقيام بأول رحلة طيران.
وظلت الطائرة بدون طيار، التي تتمتع بجناح يماثل طول جناح طائرة بوينغ طراز 737 ويصل وزنها إلى ثلث وزن سيارة عائلية، تحلق في الجو لمدة 90 دقيقة وأبلت بلاء حسنا، لكن هيكلها الهش أصيب ببعض الأضرار عندما هبطت على حقل صخري ليس ببعيد عن مدرج الهبوط.
ويجري تصميم الطائرة كي تكون الأراضي العشبية محلا لهبوطها، في حين قال كوس، بعد عودته إلى بريدجووتر، أمامنا الكثير من العمل لإنجازه. وأضاف: «هدفنا أن نطير 60 ألف إلى 90 ألف قدم فوق حركة المرور الجوية التقليدية في ظروف شديدة البرودة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر».
وقال: «هذا يعني أن في إمكاننا الحركة حول إحداثيات معينة لتقديم خدمة الإنترنت بدون تداخل مع حركة المرور الجوية الأخرى».
وحاليا سجلت أطول رحلة جوية لطائرة تعمل بالطاقة الشمسية أسبوعين، لذا فإن الهدف الذي تسعى إليه فيسبوك من خلال طائرتها بدون طيار والتحليق لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر ما زال يحتاج إلى بذل الكثير من الجهود.
ولابد من دمج جميع الخلايا الشمسية على السطوح العلوية للطائرة، مع الاحتفاظ بحركتها الهوائية وخفة وزنها قدر الإمكان.
وتستطيع الطائرة التحليق خلال النهار اعتمادا على الطاقة الشمسية، وفي المساء يمكنها الحصول على الطاقة من بطاريات تمثل نصف وزن الطائرة.
وكان مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، قد زار أريزونا كي يشهد أول رحلة للطائرة، كما زار كبير المهندسين، جاي باريخ، سومرست عدة مرات للإشراف على تقدم سير العمل.
وقال باريخ: «مهمتنا هي ربط الجميع على الكوكب»، مشيرا إلى أن مشروع «بروجيكت أكويلا» واحد من مشروعات تكنولوجية تطورها فيسبوك لربط جميع المناطق النائية.
يشار إلى أن أغلب الخدمات الحكومية والمعاملات المهمة في الدول المتقدمة أصبحت تتم من خلال شبكة الانترنت، كما أن أهمية الانترنت في الحياة اليومية تزداد شيئاً فشيئاً، فيما تواجه الدول النامية مشكلة عدم وصول الخدمة إلى المناطق النائية وهو الأمر الذي يُعرقل زيادة الاعتماد على الانترنت في الشؤون المهمة.
المصدر : القدس العربي