أكد نائب القائد العام لـ«جيش الثوار» التابع لقوات سوريا الديمقراطية، أحمد السلطان، لـ«القدس العربي»، قصف الطيران الحربي التركي لنقاط جيشه التي تقدم فيها في بلدتي الحصية وأم حوش جنوب مارع في ريف حلب الشمالي، ما أسفر عن مقتل اربعة من مقاتليه. ونفى السلطان وقوع «أي اشتباك ناري بين جيش الثوار وفصائل درع الفرات»، وأوضح قائلا: «بعد أن حررت فصائل درع الفرات تل مالد والسيد علي، وسيطرتنا على الحصية وما حولها، أصبحت المسافة قريبة بين الطرفين وخلال دقائق أصبحت المناطق كلها خالية من داعش، من دون أن يعلم الطرفان أنهما يسيطران على المناطق الجديدة. وبالفعل حدث تبادل لإطلاق النار لكننا نعتبره غير مقصود، وسببه عدم التنسيق».
وأشار السلطان إلى أن جيش الثوار «حاول دائما مساعدة لواء المعتصم وثوار بلدة مارع، وسبق أن فتح طريقاً لخروج المدنيين وفرق الإسعاف عندما اقترب تنظيم «الدولة» من حصار مارع».
وقصفت المدفعية التركية عددا كبيراً من مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» في منطقة عفرين، وتعتبر بغالبيتها مواقع عسكرية. وأكدت الفصائل المنضوية في هذه القوات مقتل 15 عنصراً في صفوفها بالقصف المدفعي التركي على منطقة عفرين.
وأصدرت القيادة العامة لجيش الثوار، مع أربعة فصائل أخرى، كلها منضوية تحت قوات سوريا الديمقراطية، بياناً مشتركاً قالت فيه أن نقاط تمركزها تعرضت لهجوم عنيف من قبل «الطيران التركي وإرهابيي الدولة ومرتزقة درع الفرات، ضد الفصائل الثورية والمدنيين في القرى المحررة».
وأضاف البيان أنه منذ ظهر يوم الأربعاء الماضي «بدأ القصف المدفعي الكثيف من الجيش التركي لنقاط تمركزنا على جبهة المواجهة مع تنظيم «الدولة»، ومن ثم بدأ القصف الجوي من الساعة 9 مساءً وحتى الساعة 5 صباح اليوم (التالي) حيث شنت الطائرات التركية أكثر من 30 غارة على نقاط قواتنا والمدنيين في القرى المحررة». وجاء في البيان: «وبالتزامن مع القصف شنّ ما يسمى درع الفرات هجمات عنيفة على تمركز قواتنا من محاور السموقة وتل مالد وطويحينة والتي تم دحرها جميعاً وفروا تاركين خلفهم جثتين للمرتزقة».
وأشار البيان إلى أنه «وبالتنسيق مع القصف التركي هجم تنظيم «الدولة» على مركز سيريتل وتمكن من السيطرة على تلك النقطة، حيث استمرت الاشتباكات العنيفة من محاور الوحشية وسد الشهباء وتم دحر جميع الهجمات واستعادة نقطة مركز سيرتيل».
في المقابل، كان مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم، التابع للجيش الحر، قد اتهم جيش الثوار بأنه «أخذ منحى خطيراً، وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تستخدمه لمصالحها الانفصالية». وأضاف، في حديث لـ«القدس العربي» أن «عمل جيش الثوار أصبح على حساب الوطن، ووحدة الأراضي السورية، في مواجهة أبناء وطنهم من الجيش الحر». وعلق سيجري على البيان الأخير لجيش الثوار بالقول: «بياناتهم أصبحت كبيانات داعش والقاعدة، ويتبعون شعار اكذب.. اكذب».
وأكد سيجري أن الجيش الحر «استعاد أغلب النقاط التي تقدم إليها جيش الثوار في الحصية جنوب مارع، بعد أن كان جيش الثوار قد تقدم عليها. وطلب من حزب الاتحاد الديمقراطي الانسحاب وإلا سوف تكون هناك مواجهة مع فصائل الجيش الحر من أبناء المناطق المحتلة».
وجاء التدخل التركي العنيف ضد قوات سوريا الديمقراطية في عفرين كرسالة قوية لوقف أي عمل شرق مارع، يراد منه التقدم باتجاه مدينة الباب شرقاً، خصوصا بعدما أصبحت فصائل درع الفرات على مسافة أقل من 13 كم من جنوب اخترين.
ومن المحتمل أن تقوم قيادة معركة درع الفرات، بعد تأمين مناطق شرق مارع، باستعادة السيطرة على النقاط التي كان تقدم إليها جيش الثوار في شباط/ فبراير الماضي، وهي بلدات تل رفعت وكفرنايا وكفرناصح ومنغ ومرعناز. وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد استغلت انهيار فصائل المعارضة السورية أمام القصف الروسي وتقدم الميليشيات الشيعية إلى نبل والزهراء وكسر الحصار عنها، للدخول إلى تلك المناطق.
لكن من المتوقع ان يؤجل سير العمليات الرغبة التركية في «إزعاج» أمريكا عبر شن أي هجوم على حليفها في المناطق المذكورة أعلاه. بل ربما تعتبره تركيا أمراً غير ضروري حالياً إذا نجحت في ضمان منطقتها الآمنة، والتي تتطلب التقدم السريع للسيطرة على الباب ومن ثم منبج.
ويشغل تركيا، إضافة إلى معركة درع الفرات، استعدادها لمعركة تحرير الرقة، بالتعاون مع بعض الفصائل العربية التي بدأت تحضيرها في مدينة أورفه جنوب تركيا. وعلمت «القدس العربي» من مصدر خاص، فضل عدم ذكر اسمه، أن «أكثر من 1300 مقاتل عربي يجري تحضيرهم لزجهم في معركة تحرير الرقة»، بالتفاهم مع وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاغون.
وتتطلب معركة الرقة من تركيا السيطرة على كامل غرب نهر الفرات، ليكون نقطة انطلاق للهجوم على غرب الرقة، فيما تحاول أمريكا إقناع قوات سوريا الديمقراطية بالانسحاب من تل أبيض لتصبح نقطة انطلاق المحور الشمالي في الهجوم على الرقة. وتستشعر تركيا أهمية خوض معركة الرقة مع الفصائل العربية والعشائرية مع الضغوط التي تواجهها في معركة الموصل، حيث ترفض الحكومة العراقية إشراك القوات التركية والمقاتلين الذين دربتهم في بعشيقة، في معركة تحرير الموصل، فيما تتقدم قوات الحشد الشعبي المدعومة إيرانياً على أكثر المدن العراقية التي تعتبرها تركيا عمقها الإستراتيجي في العراق.
القدس العربي – منهل باريش