برلين ـ «القدس العربي» من علاء جمعة: بدأت مدينة هامبورغ الألمانية التي تستضيف قمة مجموعة العشرين تظاهرات تتوعد الزعماء الحاضرين لها «بالجحيم»، دعا إليها نشطاء مناهضون للرأسمالية، الخميس، وسط تصاعد التوتر عشية لقاء القادة.
وتوقعت وسائل الاعلام نزول 100 ألف متظاهر إلى الشوارع على هامش القمة التي تبدأ الجمعة وتستمر يومين، بمشاركة الرؤساء الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ.
ونشرت ثاني أكبر المدن الألمانية استعدادا لأكبر اجتماع دولي تشهده على الإطلاق، نحو 20 ألف شرطي في محيط أمكنة الفعاليات، مزودين بمعدات مكافحة الشغب والآليات المدرعة والمروحيات وطائرات مراقبة بدون طيار. وأقيم مركز للتوقيف يمكن أن يستوعب 400 شخص، وتم تخصيص قضاة للنظر في التوقيفات.
ومنعت سلطات مدينة هامبورغ تنظيم مسيرات من وسط المدينة، وعلى طول الطرق المؤدية إلى المطار، مما حتم على المتظاهرين التوجه إلى المنطقتين البحريتين سان باولي والتونا، بعيدا عن القمة.
وتعهد بعض الناشطين بتحدي المنع، متوعدين بـ«عصيان مدني» وقطع طرق لتخريب التنظيم اللوجستي للقمة. كما اتهم المتظاهرون السلطات بتحويل المدينة إلى «قلعة» ومنعهم من حقهم الدستوري الذي يضمن التجمع والتظاهر.
وتقول سلطات المدينة إنها لن تخاطر في مسألة حماية الزعماء ونحو 10 آلاف من الموفدين و5 آلاف إعلامي من التهديدات الإرهابية والتظاهرات.
وبعد الانتقادات العديدة التي طالت الحكومة الألمانية والتي ترى أن مدينة هامبورغ المزدحمة ليست المكان الصحيح لعقد مثل هذا اللقاء الدولي، دافع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عن قمة مجموعة العشرين ضد الانتقادات الموجهة لهذه القمة، قائلا في تصريح لصحف مجموعة فونكه الإعلامية في ألمانيا: «نادرا ما كان هناك وقت أصبحت فيه القمة مهمة وضرورية مثل اليوم».
ورأى غابرييل أنه من المريع أن مثل هذه اللقاءات لا يمكن أن تتم إلا في ظل احتياطات أمنية هائلة «ولكن من دون مثل هذه اللقاءات فإن العالم سيصبح أكثر اضطرابا».
من جهته دعا وزير العدل الألماني هايكو ماس قبيل بدء قمة مجموعة العشرين «جي 20» إلى أن تخلو الاحتجاجات المناوئة للقمة من أي أعمال عنف. وكتب الوزير الألماني في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر أن «المعارضة السلمية» تنتمي لقمة مجموعة العشرين. وتابع: «لم تتم دعوة رؤساء الحكومات فقط للنقاش، ولكن تمت دعوة الجميع».
وتناولت وسائل الإعلام الألمانية بإسهاب تفاصيل التحضيرات اللوجستية للوفد السعودي الذي كان يرتقب وصوله على متن ست طائرات عملاقة. ولم تخل التغطية الإعلامية من طرافة مع إشارتها مثلا إلى رغبة الوفد السعودي الغائب بإحضار 30 خروفا كي يتم شواؤها في هامبورغ، وكذلك النياق من أجل الحصول على الحليب الطازج، كما نقل موقع «تاغسشاو» الإخباري الألماني.
لكن كل ذلك تبخر مع الاعتذار المتأخر والمفاجئ للملك السعودي، وكذلك ولي عهده، عن المشاركة في حدث كبير يقام سنويا ويضم قادة أهم 20 اقتصادا متقدما وناميا في العالم. واكتفت الرياض بإيفاد وزير المالية محمد الجدعان كرئيس للوفد.
من جهته دعا وزير التنمية الألماني غيرد مولر دول مجموعة العشرين «جي 20» للتضامن لصالح الفقراء.
وترغب ألمانيا في هذه القمة في إثبات قدرتها على حشد الجهود الدولية، كما أن ألمانيا على موعد كبير وسط الحملة الانتخابية مع استضافة ميركل لزعماء العالم.
فميركل كمضيفة للقمة يمكن أن تمارس سياسة دولية وتعمل على طي بعض صفحات الموضوعات غير المريحة في السياسة الداخلية.
وكشفت في بيانها الحكومي الجمعة الماضية أنها تتوقع في هامبورغ مفاوضات صعبة، وأنها ستمثل موقفا أوروبيا واضحا، لاسيما تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وفي موضوع سياسة المناخ، إلا أنها تقلص من حجم التوقعات فيما يخص اللقاء مع ترامب.
وفي آن واحد تتحمل المستشارة توقعات كبيرة، كأهم ممثلة لبلدان الاتحاد الأوروبي و»آخر مدافعة عن العالم الحر» كما وصفتها صحيفة «نيويورك تايمز» قبل أيام.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فإن إدارة ترامب تتوقع القليل من قمة مجموعة العشرين، بحسب المحللين الألمان. ويمكن افتراض أن الحنين إلى هامبورغ لدى الرئيس ترامب محدود جدا. فهو مسرور أكثر أثناء ظهوره في وارسو وباريس حين تركز عليه وحده الأضواء.
وفي المقابل لمس الشركاء خلال أعمال مجموعة السبع في إيطاليا أخيرا أنه من الصعب التوصل مع إدارة ترامب إلى حلول ملموسة حتى ولو أن ترامب وعد مبدئيا المستشارة أنغيلا ميركل بتقديم الدعم للقمة. والمثير سيكون لقاء ترامب مع بوتين في هامبورغ: فمن جهة شهد خبراء بوجود جوانب مشتركة بين رجلي الدولة، ومن جهة أخرى يقع ترامب من ناحية السياسة الداخلية تحت ضغوط بسبب قضية التدخل الروسي في الحملة الانتخابية الأمريكية. وسيكون من المهم متابعة اللقاء مع بوتين.
المصدر : القدس العربي