لم يتوقع فنانو هولندا التشكيليون والمشتغلون بالصوت والصورة على مشاريع بصرية، أن يكون ملهمهم طفل سوري، يدعى تيم سفر. فرحلة اللجوء الشاقة التي عاشها ابن الـ11 عاماً، تحولت إلى مشروع فني، سيكون أمام الجمهور بعد 3 أيام في مدينة لاهاي.
والحكاية ليست هي المأساة ومروياتها، بل هي رسوم حاول الطفل من خلالها التعبير عن رحلة مستجدة في حياة عائلته وما طرأ عليها من تغيرات، في نظرة طفولية صادقة، لم تخرج عن استنطاق واقع سوريا بعيون فتى صغير.
وفي الرسوم التي كان للفنان السوري بسام الخوري، الفضل في اخراجها إلى العلن (صديق عائلة الطفل)، عفوية بارزة. ترسم تفاصيل دقيقة من الحرب السورية، وتنقل مشاهد الدمار والقصف لأحياء دمشق، التي ولد فيها الطفل. وفيها مقاربة غير «مركبة» ليوميات اختبرها الطفل مع اسرته وأقاربه.
وحين رأى الخوري، أعمال تيم، اقترح على مجموعة «لاهاي» للسلام، مشروعاً فنياً يستند على رسومه. وكان للفنان الهولندي ياكوب دي يونغ، مدير جمعية «لاهاي للسلام»، اليد في تكريس المشروع وتحويله من فكرة إلى عمل حقيقي، سيستمر إلى منتصف أيار/ مايو المقبل.
ويجمع المشروع فنانين من ثقافات مختلفة (16 فنانا)، لإنجاز أعمال بصرية وسمعية وكتابة نصوص وموسيقى وعروض مسرحية وايماء، ورسوم تشكيلية ثيمتها الرئيسة، ما حاول الطفل إنجازه، أي اعتباره مسودة عمل، أنجز من خلالها مشروعاً تفاعلياً، يمكنه أن يخبر شيئاً عن ما يحصل في سوريا، أمام بلدية مدينة لاهاي. وتحاكي رسوم تيم، التي يسميها (هو) «قلعة في السماء»، نماذج سردية للحرب، وتأثيرها على المعاش اليومي، بقلم رصاص واحد، يشكل عبر خطوطه ذعر المدنيين، ومشهد المدينة وهي تقصف وتدمر، تحت عيون طفل يكتشف الديكتاتور والميليشيات والقتل.
وأطلق خوري على المشروع اسم «الناجون»، وهو ما يطلق اليوم على من استطاع الهرب من أتون الموت. لكن هؤلاء الناجين في عيون الطفل هم مغايرون، لما ينقل عنهم، كضحايا. فهم لدى تيم، أبطال يخلدهم كما عاش التجربة.
«القدس العربي» :