«خيام ممزقة تجاوز عمرها الثلاثة أعوام لا تقي حر صيف تتخلله عواصف رملية، ولا برد شتاء قادم قد يكون الأقسى بحسب توقعات الأرصاد الجوية، ووجوه متعبة كواها حر الصيف، وأطفال انشغلوا عن طفولتهم، وباتوا أكبر من أعمارهم بكثير، هذا كله ليس نهاية الوجع»، هكذا يقول محمد أحد سكان المخيم المتاخم لمدينة أعزاز في الشمال السوري.
ويضيف لـ»القدس العربي»: أصبح خوفنا اليوم أكبر من حرماننا، وتعداه إلى الخوف على حياتنا وعلى حياة أطفالنا، خصوصا عقب تسجيل حالات إصابات مرض جديدة بالتهاب الكبد الوبائي من الدرجة C.
يستقبل مخيم باب السلامة الحدودي بخيامه البالغ عددها 1300 خيمة حوالي 9000 نازح، هذا وساهم اجتزاء مساحة كبيرة من أرض المخيم من قبل إدارة المعبر لإنشاء منطقة جمركية حرة سورية تركية، في تقريب المسافة فيما بين الخيام، ومفاقمة الوضع الانساني.
لم يكن الوصول إلى مصدر يشرح حجم الكارثة الصحية المتعلقة بانتشار مرض التهاب الكبد الوبائي سهلا، فقد أجمع المسؤولين عن المخيم الذين تواصلت معهم «القدس العربي» على عدم صحة هذه الأنباء، معتبرين ذلك مجرد تهويل لا أكثر، باستثناء مصدر وحيد طلب عدم الكشف عن.
ووفق المصدر فإن عدد الحالات المكتشفة مؤخرا وصل إلى حوالي 40 حالة، تم الكشف عنها مصادفة، بعد طلب الجانب التركي من إدارة المخيم الطبية إجراء تحاليل دم للعمال السوريين الذين يدخلون إلى الجانب التركي بشكل يومي، لتحميل البضائع الداخلة إلى الأراضي السورية.
ويوضح المصدر وهو أحد المسؤولين في المعبر، أنه وبعد اكتشاف هذه الحالات أبلغت إدارة المعبر السورية الأهالي سكان المخيم أنه باستطاعة الراغبين منهم إجراء تحاليل دم للكشف عن انتشار المرض «هنا كانت المفاجئة» يقول المصدر، ويضيف «تم الكشف عن حالات جديدة لمصابين بمرض التهاب الكبد الوبائي (c) رغم الأعداد القليلة التي توافدت إلى المركز الصحي للتبرع بالدم من سكان المخيم». ويتابع «الإدارة عاجزة عن تقديم أي شيء لهؤلاء، فالخدمة الطبية وعلى الرغم من وجود أكثر من منظمة صحية من بينها «الهلال الأحمر القطري» سيئة بالعموم، وهذا يفرضه الازدحام لأن المخيم يستقبل أعدادا كبيرة، أكبر من طاقته الاستيعابية».
أما معاون مدير المخيم نزار نجار، فقد أكد أن عدد الحالات لا يتجاوز الـ10 وهي حالات قديمة، لكنه أشار إلى إعلان الهلال الأحمر القطري البدء بحملة شاملة لتوثيق عدد الحالات بدقة، بغية ترحيل الإصابات إلى الداخل التركي لتلقي العلاج.
واعتبر أن المبالغة وتضخيم عدد الإصابات قد لا تكون بسوء نية، وإنما قد تكون بدوافع طيبة الغاية منها خدمة الأهالي، على حد تعبيره. ووقوفا على ملابسات هذه الحادثة التي تقابل بتعتيم إعلامي، التقينا الطبيب عمر رستم العامل في أحد المشافي الميدانية القريبة من مخيم باب السلامة، فقال: «المشكلة قائمة منذ زمن بعيد، ومعروف للوسط الطبي أن منطقة إعزاز عموما هي منطقة موبوءة بهذا المرض».
وتابع «التهاب الكبد الوبائي من الدرجة A قد يأتي على شكل وباء، بخلاف الدرجة C فهنا لا يأتي هذا المرض على شكل جائحة، ولا ينتقل عن طريق الطعام، وله طرق انتقال كثيرة من أهمها استخدام إبر ملوثة أثناء نقل الدم، وأيضا قد تتحول العيادات السنية و صالونات الحلاقة إلى مراكز لنقل العدوى في حال إهمال تعقيم الأدوات، وعن طريق الجنس أيضا».
القدس العربي»: مصطفى محمد