في تغريداته التي كتبها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء وقف بشكل واضح مع الإجراءات السعودية ـ الإماراتية ضد دولة قطر وتكهن قائلاً إن الحرب على هذه الدولة التي تعتبر حليفاً عسكرياً له ستكون بداية النهاية للإرهاب.
وبدا ترامب وكأنه الشخص الذي كان وراء القرار بشكل ناقض لهجة إدارته التي دعت للتصالح والتسوية السلمية. وكما يقول باتريك وينتور، محرر الشؤون الدبلوماسية في صحيفة «الغارديان» فالتغريدات تعتبر بمثابة الصدمة لقطر التي طالما اعتبرت نفسها حليفاً عسكرياً وتستقبل على أراضيها أهم قاعدة عسكرية في المنطقة ويعمل منها 10.000 جندي ومركز القيادة الوسطى وتدار منها عمليات الحرب على تنظيم «الدولة».
ويضيف وينتور أن التصريحات ستفرح السعودية التي كانت حتى وقت قريب تكافح في واشنطن لرد اتهامات لها بدعم الإرهاب. ويشير إلى أن التحالف المعادي لقطر مصمم على إنهاء «الدبلوماسية الناعمة» التي تبنتها خلال السنوات الماضية ويريدون منها إغلاق عدد من المؤسسات الإعلامية وعلى رأسها قناة الجزيرة. إلا أن القضية، كما يقول، تعبر عن عدم جدية قادة الدول لمكافحة الإرهاب.
ويعتقد أن هذا تغير لموقف ترامب وتحول عما قاله قبل اسبوعين عندما التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل خليفة في القمة العربية ـ الأمريكية في الرياض وأكد على عمق الصداقة بين البلدين. وقال إنه تشرف بلقاء الأمير وعبر عن سعادته بقراره شراء «بعض المعدات العسكرية الأمريكية الجميلة».
ويرى الكاتب أن السعودية والإمارات تعتقدان أنهما حصلتا على الدعم الأمريكي واستطاعتا إقناع اللاعبين المهمين من اليمين المتطرف في واشنطن. وتعتقد قطر أنها ضحية لحملة استغلت الدعم الأمريكي الجديد وصممت لإنهاء استقلالية قرارها. ونقل وينتور عن بيتر سالزبري المحلل البارز في معهد الشؤون الدولية (تشاتام هاوس) في لندن قوله: «ربما نتحرك نحو إمكانية المطالبة بتغيير النظام بطريقة أو بأخرى». و«تساءل إن كان الأمير قادراً على تقديم التنازلات الكافية التي ترضي جيرانه مثل إغلاق الجزيرة بالكامل أو ربما قرروا أن عليه الخروج».
إشكالية دولة
وفي مقال له في صحيفة «الغارديان»، أشار سالزبري إلى أن جذور الأزمة تعود إلى ما بعد الربيع العربي عام 2011 حيث تحولت قطر إلى مدافعة عن الثورات العربية وداعمة لها من خلال قناة الجزيرة. وعندها بدأ الكثيرون ينتبهون للإمارة الصغيرة حيث نشرت العديد من المقالات عن سياستها الخارجية واستثماراتها خاصة في لندن. إلا أن التناقض في السياسة الخارجية ومحاولة الإمارة لعب دور أكبر من حجمها أثار حفيظة جيرانها ولم يعجبوا بأميرها حمد بن خليفة آل ثاني الذي وصل إلى السلطة عام 1995 وصمم سياتها نظر إليه كمافريك يهدد الوحدة الخليجية. ومع تخليه عن السلطة لابنه تميم عام 2013 أملت دول الخليج الغاضبة بتغير في السياسة خاصة بعد دعوة الملك عبدالله بن عبد العزيز الأمير الشاب للرياض وطلب منه الولاء.
ويرى سالزبري أن مشكلة القادة الغربيين في الإتهامات الموجهة لقطر أنها تكشف عن التناقض في طريقة تعاملهم مع دول الخليج. فهذه الاتهامات هي نفسها التي وجهت للسعودية ودعمها للفصائل المتشددة في سوريا. ففي مذكرة مسربة لهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة سمت الرياض كراعٍ للمتشددين السنة بالإضافة للدوحة. وتمت تسمية السعودية هذا الأسبوع في تقرير للحكومة البريطانية كممول للنشاطات التي دفعت الشبان المسلمين البريطانيين نحو التشدد. ويعتقد الكاتب أن الموضوع الحقيقي بالنسبة للرياض ليس دعم الدوحة للجماعات المتشددة أو علاقتها مع الإخوان المسلمين وصلاتها الدبلوماسية مع إيران بل تتعلق بهيمنة السعودية على المنطقة وتشعر بالتعب من رفض الدوحة الانصياع لخطها الذي رسمته في السياسة الخارجية.
ومن هنا يجد صناع السياسة الغربيون أنفسهم في وضع محرج، فقطر تعتبر من أكبر المستثمرين في شركات الطاقة الكبرى في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا والتي استثمرت مليارات الدولارات في منشآت الطاقة والتي تلعب دورًا مهمًا في أسواق الطاقة الأوروبية والأمريكية. وتعتبر الدوحة من أكبر المستثمرين في الخارج وخصصت 5 مليارات للاستثمار في بريطانيا في المرحلة التي ستفضي للخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويرابط 10.000 جندي أمريكي في قاعدة العيديد القطرية وستجد صعوبة في العثور على مكان بديل، كما أن قطر ستستضيف كأس العالم في عام 2022 ولهذا فلا تستطيع الدول الغربية أن تصطف مع هذا الطرف أو ذاك. ويعلق الكاتب هنا إن باراك أوباما عبر عن قلق في علاقته مع دول الخليج ووصفها بأنها «متسلقة» وبالنسبة لترامب فقد اختار زيارة المنطقة في جولته الخارجية الأولى بشكل حرض على قطر. وحتى الآن تبدو المواقف الغربية متناقضة وسط محاولات سعودية تصوير ما يجري بينها وبين الدوحة كشأن داخلي.
التناقض الأمريكي
وترى صحيفة «نيويورك تايمز» أن المصالح الأمريكية ـ القطرية المشتركة بما في ذلك مركز كلفته 60 مليون دولار لإدارة عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة يفسر الرسائل المتناقضة التي صدرت عن الإدارة. فقد حاول ريكس تيلرسون، وزير الخارجية لعب دور صانع السلام، أما جيمس ماتيس، وزير الدفاع فأكد أن التطورات في الإمارة لن تؤثر على طبيعة العمليات في العراق وسوريا.
إلا أن تغريدات ترامب والتي قال المسؤولون إنها لم تكن ناتجة عن مناقشات مدروسة أدت لحالة من التشوش. وحاول الرئيس إصلاح الأمر بمكالمة مع الملك سلمان بن عبد العزيز. واضطر المسؤولون للدفاع عن تغريداته التي قالوا إنه لم يقصد منها زرع الفتنة بين الدول السنية بل كانت تعبيراً عن حالة إحباط من قطر التي لم تلتزم بتعداتها التي قدمتها لدعم مركز مكافحة تمويل الإرهاب الذي افتتحه الرئيس الشهر الماضي في الرياض. وعبر السفير القطري في واشنطن مشعل بن حمد آل ثاني عن دهشته من تغريدات الرئيس حيث قال: «لم يتصل بنا أحد مباشرة ويقول لنا «لديكم مشكلة في هذا الأمر أو ذاك». ومع أنه لا يوجد أي تهديد للمنشآت الأمريكية في قطر ذلك أن الدولة ترى في الوجود الأمريكي صمام أمان ضد جيرانها العدوانيين إلا أن المزاج في البلد متقلب حيث وصف المسؤولون الإجراءات بالحصار بل والمحاولة الانقلابية.
وهناك اتهام للسعودية بالوقوف وراء عملية القرصنة التي تعرضت لها وكالة الأنباء القطرية الشهر الماضي. وحذر دبلوماسي من مخاطر تحميل الروس مسؤولية القرصنة قبل الكشف عن الأدلة. ولكنه أضاف أن موسكو هي المستفيد الأول مع طهران من الإنقسام الخليجي خاصة إن تم التضييق على الأمريكيين في استخدام القاعدة العسكرية. وأشارت الصحيفة إلى أن قطر مهمة للأمريكيين ليس من الناحية العسكرية بل وللعلاقات الأكاديمية حيث افتتحت ست جامعات أمريكية فروعاً لها هناك بما فيها جورج تاون وكورنيل ونورث ويسترن. وتشير إلى أن أمريكا قلقة من التمويل للجماعات المتشددة إلا أنها تجنبت اتخاذ دعم طرف تجاه آخر نظراً للمصالح المشتركة التي تربطها بكل دول المنطقة. ويقول روبرت مالي، منسق شؤون الشرق الأوسط أثناء إدارة أوباما: «من الواضح أن السعوديين والإماراتيين شعروا بأن هناك شخصاً في البيت الأبيض يدعم موقفهما» و»هذا يضع قطر في وضع صعب: إما التغيير الجذري في السياسة أو مواجهة العزلة».
استغلال
وانتقد محللون موقف السعوديين الذين قالوا إنهم استغلوا النوايا الحسنة من زيارته وقاموا بتنفيذ خطة تعد طويلة للتحرك ضد جار صغير. وقال بروس ريدل، المحلل الأمني السابق الذي عمل مع إدارة أوباما «تلاعب السعوديون بترامب» و»قام بطريقة غير مقصودة بتشجيعهم للتحرك نحو جيرانهم». وهنا علقت مجلة «بوليتكو» في تقرير أعده بليك هاونزهيل إن ترامب تبنى رؤية دولة اتهمت بالإرهاب. ونقل عن باتريك ثيروز، السفير الأمريكي السابق لقطر «لقد أصيبوا بالعمى» (الأمريكيون). ونقلت عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن المسؤولين الأمريكيين على ما يبدو فوجئوا بالتطور ولم يعرفوا عنه إلا قبل يوم واحد. ويقول ستيفن ستيتش، مدير معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن السعودية ربما فسرت موقف ترامب على أنه ضوء أخضر «كان مثل: السعودية اليوم أنت نقطة اتصالي» و «أعتقد أن الزيارة كانت المحفز». وحسب مسؤول أمني، فالدافع الرئيسي وراء التحرك السعودي يظل غير واضح، خاصة أن قطر ظلت ولسنوات تمثل مشكلة.
ورغم ما قدم من أسباب إلا أن القادة السعوديين الإماراتيين ربما وجدوا الفرصة مواتية لتلقين قطر درساً «كانت اللحظة المناسبة» حسب شخص مقرب من العائلة الحاكمة في قطر. أما العامل الآخر فهو ترامب الذي يحمل ومستشاروه رؤية قاتمة عن الإسلاميين الذين تدعمهم. وتضيف المجلة أن لقاء ترامب مع الأمير في الرياض لم يكن ودياً كما بدا من تصريحاته. وحسب أشخاص مطلعين فقد اشتكى الرئيس من دعم قطر لحماس. ورد المسؤولون القطريون بدهشة وطلبوا توضيحات أكثر. وترى المجلة أن الدور الذي لعبه يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن الذي يقوم ومنذ سنوات بحملة ضد قطر حيث اتصل مع مراكز بحث ومسؤولين وكتاب كما كشفت التسريبات من رسائله الألكترونية. ورغم أن السعودية لديها القدرة على خنق الاقتصاد الإماراتي إلا ان القادة القطريين لديهم أوراق يمكنهم لعبها مثل تحويل الأزمة لصالحهم حالة امتدت الأزمة. فبعد كل هذا تتمتع الولايات المتحدة بشعبية سيئة في المنطقة ويمكن للجزيرة والجماعات الإسلامية التحرك. وحسب مسؤول امريكي سابق «هل تمزح معي؟» «سيقومون بقلب الأمر على السعوديين والإماراتيين ويدفعونهم للندم على ما فعلوه».
السفير القطري
وبعيداً عما جاء في تقرير «بوليتكو» عن طرح ترامب مسألة تمويل التطرف في اجتماع الرياض إلا أن السفير القطري مشعل آل ثاني قال في تصريحات خاصة لموقع «ديلي بيست»: «نشعر بالأسى لرؤية هذه التغريدات» في إشارة لتغريدات الرئيس الأمريكي ترامب. وأكد السفير أن ترامب اعتبر قطر «حليفًا استراتيجيًا مهمًا» ولم يقدم شكاوى»شاركنا في الرياض وكان لقاءً جيداً مع الملك سلمان ولم يتم فتح أي موضوع». كما أصدرت الخزانة الأمريكية تقريراً أثنت فيه على جهود القطريين وعملهم على الحد من تمويل الإرهاب. وأضاف السفير «لدينا علاقة قريبة وتنسيق مع الولايات المتحدة. ويعرفون جهودنا في مكافحة تمويل الإرهاب».
وقال السفير إن كل شيء بدأ بالتغير عندما تم اختراق وكالة الأنباء القطرية في 233 أيار/مايو حيث نشرت تصريحات كاذبة للأمير مدح فيها إيران. ورغم التحقيقات الجارية التي يشارك فيها مكتب التحقيقات الفدرالي إلا أن وسائل الإعلام في الدول الجارة ظلت تردد الأخبار المكذوبة. وفي اليوم نفسه نظم مركز الدفاع عن الديمقراطية مؤتمراً حول قطر ودعمها المزعوم للإخوان المسلمين وتحدث فيه وزير الدفاع السابق روبرت غيتس حيث قال إن قطر لا يمكنها التحرك ضد الإرهاب إلا إذا دفعت دفعاً. وقال: «لن يلاحقوا أحداً إلا إذا طلب منهم ولن يفعلوها من أنفسهم» وكان من بين الحضور أحد رموز اليمين المتطرف ومستشار ترامب لشؤون الإرهاب سبستيان غوركا. ولخص جوناثان شانزير من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية ما تم تداوله في المؤتمر من أن «قطر حليف إسمي لأمريكا ولكنها تدعم وبشكل منتظم وتبيض الجماعات الإرهابية». ودافع السفير القطري عن سجل بلده وعلاقتها بكل من إيران وحماس وحزب الله كجزء من الوساطات التي تقوم بها في المنطقة. وقال: «واحد من أهم أعمدة السياسة الخارجية القطرية هي الوساطات» و»نعمل بين الأطراف المتنازعة من أجل إحلال الا ستقرار في المنطقة».
وعملت قطر على التوسط مع طالبان وبنجاحات قليلة كما توسطت بين الأطراف اللبنانية وحزب الله «ولكننا اليوم نختلف معهم بسبب دورهم في سوريا ولهذا لا نقول أن لدينا خط اتصال معهم». وعن جهود دولته مع حماس قال: «أهدافنا لم تكن قائمة على أي موقف سياسي أو أيديولوجي ولكن من أجل دفع العملية السلمية».
وأضاف «لقد طلبت منا إدارة أوباما التعامل مع حماس في سياق العملية السلمية، وهذا لا يعني أننا على الخط السياسي والأيديولوجي نفسه» و «من أجل تحقيق السلام يجب أن تكون هناك مصالحة بين الفلسطينيين وحماس كانت واحداً من الأطراف». وأضاف «لا نمول حماس بل نعمل ضمن جهود إعادة إعمار غزة وبناء بيوت ومستشفيات بالتنسيق مع الفلسطينيين وإسرائيل». وعن دعم قطر للإخوان قال «عندما كان طلب منا مرسي شحن خمس سفن غاز وأطيح به قمنا بتسليمها للسيسي ولو أردنا التأثير عليه لما قمنا بشحنها». وأكد «لقد قلنا مراراً أننا لا نتشارك معهم في المواقف الآيديولوجية». وعن إيران قال إن بلاده خفضت مستوى التمثيل الدبلوماسي مع طهران بناء على موقف مجلس التعاون الخليجي بعد الاعتداء على السفارة السعودية هناك «نفهم انهم (الإيرانيون) قوة تزعزع الاستقرار فهم في العراق وسوريا واليمن والبحرين ونوافق على كل هذا».
وفي مقال مشترك لكل من ديانا اسفنديري الباحثة في كينغز كوليج لندن وأريان طبطبائي من جامعة جورج تاون نشره موقع مجلة «فورين أفيرز»، جاء إن زيارة ترامب للمنطقة أدت لانقسامات بين دول الخليج العربي وانتقادات إلا أنها جرأت التيار المتشدد في الخليج. فقد ظلت مسألة التعامل مع إيران محلاً للخلاف بين دول الخليج، فهي وإن أرادت الوقوف ضد الجارة القوية إلا أنها اختلفت حول الطريقة. وكشف الإتفاق النووي 5+1 عن حدة الخلافات الخليجية حيث عبرت السعودية والبحرين والإمارات عن تشككها به، فيما عبرت عمان وإمارة دبي عن الأمل بالاستفادة منه اقتصادياً. ووجدت قطر والكويت نفسيهما في الوسط. وكانتا حريصتين على احتواء إيران، فبعد كل هذا تشتركان مع إيران في حقول الغاز والتجارة.
وتشير الكاتبتان إلى أن حرب اليمن عقدت الوضع. ففي الوقت الذي أكدت فيه السعودية التي قادت الحملة ضد الحوثيين ضلوع إيران في اليمن لم تكن الدول الأخرى متأكدة من هذا. ورفضت عُمان المشاركة في التحالف السعودي أما بقية دول مجلس التعاون الخليجي فقد انضمت لاعتقادها أن ادارة أوباما تحولت عن منطقة الخليج باتجاه إيران. ومع استمرار الحرب في اليمن زادت الخلافات بين دول الخليج حيث رأت بعض الدول أن تم تضييع الكثير من المصادر التي تحتاجها في ظل أزمة أسعار النفط واستمرار سقوط الجنود على الساحة اليمنية. وعندها بدأ البعض بمساءلة الجهود خاصة عندما تم تجاهل مظاهر قلقه أو التعامل معها كأمر ثانوي لما تريده الرياض. فقد كانت أبو ظبي مهتمة باحتواء انتشار الإسلاميين في جنوب اليمن، مع أن هذا الهدف تعارض في بعض الأحيان مع جهود السعودية لهزيمة الحوثيين. وفي الوقت نفسه بدأت الإمارات تشعر بقوتها السياسية والعسكرية.
وأخذ المسؤولون الإماراتيون يتحدثون عن مشاركتهم العسكرية في حملة اليمن وأصبحت دبلوماسيتهم العامة أكثر قوةً ووضوحاً. وظلت الخلافات تدور وراء الأبواب المغلقة وهو ما قرب السعودية للإمارات حيث بدأ المسؤولون السعوديون يشيرون للإماراتيين باعتبارهم حلفاءهم الأقرب في المنطقة. ووصفوا تحالفهم بأنه مبني على «الدم الواحد والتضحية والمصير الواحد». وفي الموقف من إيران كان مجلس التعاون الخليجي متحداً. ففي كانون الثاني/يناير 2017 حمل أمير الكويت معه رسالة لطهران تحتوي على شروط الحوار وأهمية توقف إيران عن التدخل في شؤون الدول العربية. واستقبل المسؤولون الإيرانيون المبادرة بإيجابية مع أنهم رفضوا الشروط المسبقة.
وكان من نتائج المبادرة الكويتية هو الحوار السعودي- الإيراني لحل مشكلة الحج والتي كانت مقدمة لحوار أوسع. وجاءت زيارة ترامب وسط هذه التطورات حيث انتخبت إيران حسن روحاني الذي دعا للحوار مع الجيران. لكن الرئيس الأمريكي عقد من الوضع عندما أعطى التيار المتشدد الفرصة ورفض التحاور مع إيران. وقد أدى هذا الموقف لانتقاد بعض دول الخليج ومنها قطر والتي نفت أن يكون أميرها قد تحدث بشيء من هذا القبيل في التعليقات المنسوبة له، وكانت بداية للحملة عليه. وتعتقد الكاتبتان أن التحرك لعزل قطر وإن كان مبرره دعم الإسلاميين إلا أنه مرتبط بموقف الإمارة من إيران. وعليه ترى الكاتبتان أن ترامب يجب أن يعرف قبل التدخل وحل المشكلة أو تخفيفها أن دول الخليج ليست متشابهة. فالتوتر قائم وكل دولة تواجه مشاكلها الأمنية بطريقتها وبدلاً من إشعال التوترات الإقليمية ودعم التيار المتشد في الرياض وعواصم الخليج الأخرى والتأكيد على عدم التحاور مع إيران يجب على إدارة ترامب استخدام تأثيرها وتشجيع الحوار الإقليمي لمعالجة الخلافات الموجودة.
القدس العربي-إبراهيم درويش