في جلسة مجلس الأمن الدولي حول ميانمار، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن الواقع على الأرض يتطلب القيام بعمل عاجل: «الواقع على الأرض يتطلب عملا، عملا عاجلا، لحماية المدنيين وتخفيف المعاناة ومنع مزيد من انعدام الاستقرار، ولمعالجة جذور الوضع، والتوصل إلى حل دائم».
وقدم الأمين العام لأعضاء المجلس إحاطة مبنية على تقارير من الميدان، وما يتعين فعله.
وكان الوضع قد تدهور منذ 25 آب/ أغسطس عندما هاجم جيش إنقاذ الروهينجا أراكان، قوات الأمن في ميانمار. وقد أكدت الأمم المتحدة إدانتها لتلك الهجمات. ومنذ ذلك الوقت تصاعد الوضع ليصبح أسرع أزمة لاجئين، وكابوسا إنسانيا وحقوقيا.
وكرر في كلمته دعوته لسلطات ميانمار لاتخاذ ثلاث خطوات فورية:
أولا إنهاء العمليات العسكرية، ثانيا السماح بوصول الدعم الإنساني بدون عوائق، ثالثا ضمان العودة الآمنة والطوعية والكريمة والدائمة للاجئين إلى مناطقهم الأصلية.
وقد فر أكثر من 500 ألف مدني على الأقل من ديارهم في ميانمار إلى بنغلاديش بحثا عن الأمان منذ 25 من شهر آب/أغسطس الماضي. وعلى الرغم من عدم معرفة العدد الإجمالي للنازحين، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الروهينجا يمثلون 94٪ منهم.
وقال الأمين العام إن هذا الوضع الإنساني لا يعد فقط أرضا خصبة للتطرف، ولكنه يعرض الضعفاء وخاصة الأطفال الصغار لخطر الجرائم بما في ذلك الاتجار بالبشر.
وذكر الأمين العام أن الشهادات، التي تقشعر لها الأبدان، تشير إلى حدوث عنف مفرط، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما في ذلك الإطلاق العشوائي للأسلحة واستخدام الألغام الأرضية ضد المدنيين، والعنف الجنسي. وشدد الأمين العام على ضرورة وقف تلك الانتهاكات على الفور.
ودعا الأمين العام مجلس الأمن الدولي إلى الانضمام له في الدعوة بالسماح لجميع من فروا إلى بنغلاديش بممارسة حقهم في العودة السالمة والطوعية والكريمة والدائمة إلى ديارهم.
«الأزمة شددت على الحاجة الملحة لإيجاد حل سياسي للأسباب الجذرية للعنف. جوهر المشكلة هو انعدام الجنسية طويل الأمد وما يرافق ذلك من تمييز… يتعين منح مسلمي ولاية راخين الجنسية. قانون الجنسية الحالي في ميانمار يسمح بذلك فقط جزئيا. نشجع ميانمار على تعديل القانون بما يتوافق مع المعايير الدولية».
وفي الفترة الانتقالية قال الأمين العام إن عملية تحقق فعالة ستسمح لمن يمتلكون الحق، بالحصول على الجنسية وفق القوانين الحالية. وشدد على ضرورة أن يتمكن الآخرون من الحصول على وضع قانوني يسمح لهم بعيش حياة طبيعية، بما في ذلك حرية الحركة والوصول إلى أسواق العمل والخدمات التعليمية والصحية.
وناشد الأمين العام قادة ميانمار، بمن فيهم القادة العسكريون، إدانة التحريض على الكراهية العرقية والعنف واتخاذ جميع التدابير اللازمة لنزع فتيل التوتر بين المجتمعات.
وأشار إلى ما ذكرته السلطات في ميانمار عن عدم وضع أحد فوق القانون، وقال إن هناك حاجة واضحة لضمان مساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان لكبح جماح العنف الحالي ومنع وقوع الانتهاكات في المستقبل.
وقال غوتيريش إن الأمم المتحدة ستبقى شريكا مقربا من ميانمار في معالجتها لهذه القضايا الملحة. وأكد عدم وجود أجندة للأمم المتحدة خلافا على مساعدة ميانمار على النهوض برفاه جميع شعبها، مضيفا أن مصلحة المنظمة الدولية الوحيدة تتمثل في تمتع جميع المجتمعات بالسلام والأمن والازدهار والاحترام المتبادل. وفي ختام كلمته، دعا غوتيريش مجلس الأمن إلى الاتحاد ودعم جهود الأمم المتحدة لإنهاء هذه المأساة بشكل عاج.
وتناول الكلمة في الجلسة، يو ثاونج تون، مستشار الأمن القومى فى ميانمار، فقال إن الادعاءات التى ذكرت فى وسائل الاعلام بأن حملة إرهابية قد شنت فى شمال راخين وأن جرائم لا توصف قد ارتكبت ضد الابرياء أخبار مغرضة وغير مثبتة. لم تحدث أي اشتباكات مسلحة أوعمليات تطهير عرقي منذ 5 أيلول / سبتمبر وبدلا من ذلك، اندلعت أعمال العنف الأخيرة من جراء الهجمات التي شنتها الجماعة الإرهابية المسماة «جيش روهينغيا أراكان للإنقاذ».
وقال: «إن زعماء ميانمار، الذين يكافحون من أجل الحرية وحقوق الإنسان، لن يعتمدوا أبدا سياسة الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي، وستبذل الحكومة كل ما في وسعها لمنع ذلك. ميانمار واحدة من أكثر البلدان تنوعا عرقيا في العالم، وهي موطن ل 135 مجموعة إثنية معترف بها رسميا وقال من مآسي العصر أن لا يسمح لنا تحت تأثير الدعاية أن لا نعبر عن وجعة نظرنا للتأكيد أن ما يحدث في راخين يطلق عليه تطهيرعرقى دون إجراء مراجعة قانونية أولا».
غير أن ممثل بنغلاديش، مسعود مؤمن، قال إن العنف لم يتوقف في ولاية راخين الشمالية، كما أنه فرار الروهينجا إلى بنغلاديش لم يتوقف، حيث دخل عشرون ألف شخص إلى بلادنا في اليوم الأخير ومع تواصل تدفق اللاجئين، تستضيف بنجلاديش حاليا أكثر من 900 الف شخص من الروهينجا المشردين قسرا، محذرا من أان هذا وضع لا يمكن الدفاع عنه، على أقل تقدير.
وأشار أيضا إلى أن الوافدين الجدد وصفوا استخدام الاغتصاب كسلاح لتخويف العائلات إلى المغادرة. وقد اعتبر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أن القتل والتعذيب العشوائيين اللذين تقوم بهما قوات الأمن في ميانمار، بمساعدة من الجماعات الحاكمة التي لها انتماء ديني وعرقي، قد اعتبر أنها «نص مكتوب حرفيا للتطهير العرقي» ويتعين ضمان حماية المدنيين المتبقين من الروهينجا فى ولاية راخين الشمالية دون قيد أو شرط من خلال إنشاء «منطقة آمنة» تديرها الأمم المتحدة داخل ميانمار.
وفي تصعيد حاد للضغط على ميانمار التي تعرف أيضا باسم بورما رددت هيلي اتهامات الأمم المتحدة القائلة إن تشريد مئات الآلاف من سكان ولاية راخين تطهير عرقي.
وقالت لمجلس الأمن الدولي «لا نخشى أن نصف أفعال سلطات بورما بما تبدو عليه بأنها حملة وحشية ومستدامة لتطهير بلد من أقلية عرقية».
وكانت الولايات المتحدة قد قالت من قبل إن رد الجيش على هجمات المتمردين «غير متناسب» وإن الأزمة تثير الشكوك في انتقال ميانمار إلى الديمقراطية بقيادة أونج سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام بعد عشرات السنين من الحكم العسكري.
وليس لسو كي سلطة على قادة الجنرالات بمقتضى دستور أعده الجيش يحظر عليها تولي رئاسة البلاد. ومع ذلك تعرضت لنقد قاس من مختلف أنحاء العالم لأنها لم تستنكر العنف ولم توقفه.
وتلقى حملة الجيش ضد المتمردين الروهينجا تأييدا كبيرا في ميانمار.
وقالت هيلي إن على الجيش أن يحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وقالت «يجب استبعاد من اتهموا بارتكاب انتهاكات من الاضطلاع بمسؤوليات القيادة فورا ومحاكمتهم لما اقترفوه من مخالفات».
ومضت قائلة «على أي دولة تمد جيش بورما حاليا بالسلاح أن تعلق هذه الأنشطة لحين اتخاذ إجراءات المحاسبة الكافية».
وقال مستشار الأمن القومي في ميانمار ثاونج تون في الأمم المتحدة الخميس إن ميانمار لا تشهد تطهيرا عرقيا أو إبادة جماعية. وقال لمجلس الأمن إن بلاده دعت الأمين العام أنطونيو جوتيريش لزيارتها. وقال مسؤول بالأمم المتحدة إن جوتيريش سيدرس زيارة ميانمار إذا توفرت الظروف المناسبة.
وعبرت الصين وروسيا عن دعمهما لحكومة ميانمار. وقالت ميانمار هذا الشهر إنها تتفاوض مع البلدين اللذين يتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لحمايتها من أي إجراء محتمل من جانب المجلس.
إلى ذلك، ذكر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في قرار له أمس الجمعة أنه ينبغي على ميانمار أن تسمح بدخول لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق بشأن مزاعم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل قوات الأمن في البلاد.
وشدد المجلس في قراره على «الحاجة لمنحه الدخول الكامل وغير المقيد أو المراقب لكل المناطق والمحاور».
وأعرب مجلس حقوق الإنسان عن «قلقه البالغ بشأن التقارير الأخيرة التي تفيد بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وسوء معاملة في ميانمار لاسيما في ولاية راخين».
ورفض مبعوث ميانمار في المجلس مجددا تفويض البعثة التي جرى تشكيلها ردا على العملية الأمنية التي جرت العام الماضي في راخين، قبل الهجرة الجماعية الحالية لمسلمي أقلية الروهينجا من ميانمار.
القدس العربي