بعد ساعات على تأكيد مجلس الوزراء اللبناني التمسك بالدستور والإجماع اللبناني على رفض التوطين وأي سياسات تقوم على تشجيع استيعاب النازحين في أماكن وجودهم، واعتباره أن الحل الوحيد لأزمة النزوح هو بعودة السوريين السريعة إلى وطنهم وهو ما يتناقض مع مفاهيم العودة الطوعية والاندماج والتجنيس، استمر الاستنفار الدبلوماسي في لبنان ضد توصيات الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.
فقد استدعى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ لاستيضاحها حول ما ورد في التقرير الصادر عن الامين العام، وأبلغها موقف الحكومة اللبنانية، وسلّمها رسالة خطية موجهة إلى بان كي مون، تضمنت رفض لبنان لما ورد في تقريره لناحية استيعاب النازحين في أماكن تواجدهم وضرورة اندماجهم في المجتمعات ووضع السياسات الوطنية من قبل الدول للتكيف مع بقائهم وصولاً إلى اعطائهم الجنسية.
وأكد في رسالته على «موقف لبنان برفض التوطين وأي شكل من أشكال التجنيس وأي شكل من أشكال البقاء الطويل للسوريين». واعتبر ان «الحل الوحيد هو بعودتهم السريعة والآمنة إلى وطنهم سوريا».
وأكدت كاغ «ان تقرير بان كي مون لم يتحدث عن توطين أو تجنيس للنازحين السوريين في لبنان»، مشيرة إلى «ان حل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان لن يكون إلا بحل سياسي للأزمة السورية وعندما تسمح الظروف بعودتهم».
ونقلت كاغ توضيحات الأمم المتحدة بأن «التقرير ونطاق توصياته عالميان»، وأنه «لا يشير بالإسم إلى أي بلد محدد، وهو يسعى في المقام الأول إلى تشجيع مزيد من العمل الجماعي وتقاسم أفضل للمسؤولية من الدول الأعضاء لمعالجة التحركات الكبيرة من اللاجئين والمهاجرين».
تزامناً طرح الموضوع بين رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والقائم بأعمال السفارة الامريكية في لبنان السفير ريتشارد جونز الذي قال «بحثنا في البيان الذي صدر الليلة الماضية عن مكتب المفوضية العليا للاجئين والذي تضمن توضيحاً مفيداً للموقف، ونظرة الأمم المتحدة إلى هذا الامر. وبالتأكيد، فإن الولايات المتحدة تتفهم حساسية هذه المسألة بالنسبة للبنان ونعتقد ان الحل الافضل للاجئين هو العودة إلى ديارهم بمجرد ان تسمح الظروف بذلك، واذا اصبح هذا الامر مستحيلاً يجب ان يؤخذوا لتوطينهم في بلدان اخرى».
واضاف «بطبيعة الحال، فإن الولايات المتحدة تقوم بما يتوجب عليها في هذا المجال، وقد سبق للرئيس الامريكي ان أعلن عن زيادة الولايات المتحدة هذا العام في عدد اللاجئين الذين تستقبلهم»، واشار إلى «ان هذا العدد سيزداد في العام المقبل، لكن هذه المسألة هي مسألة معقدة بالنسبة لجميع الدول».
كذلك، كان عرض للمسألة بين وزير العمل سجعان قزي ومنسق أنشطة الأمم المتحدة والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي في لبنان فيليب لازاريني، وأوضح بعد اللقاء «ان اجتماعي بالسيد لازاريني أثبت مرة أخرى بأن ممثلي الأمم المتحدة في لبنان وخصوصاً السيد لازاريني لا يعملون على توطين السوريين في لبنان كما أبلغني، بل انهم في لبنان بمهمة انسانية واجتماعية لتحسين الظروف المعيشية للنازحين السوريين. لكن في المقابل ان مجموعة الاجراءات التي تطلبها الدول المانحة من لبنان تؤدي حتماً بشكل أو بآخر إلى تثبيت النازحين السوريين في لبنان».
وقال «نحن نعرف بكل موضوعية بأن التقرير الذي وضعته الأمم المتحدة من قبل الامين العام لتقديمه إلى الجمعية العمومية في 18 ايلول/سبتمبر المقبل، لا يدعو لبنان مباشرة أو بالاسم إلى توطين السوريين، ولكن لبنان معني بهذا التوجه والذي لا يستطيع أحد أن يفرضه عليه، ولكن نريد أن يدعو إلى وضع برنامج لعودتهم إلى ديارهم عوض طرح مشاريع لتثبيتهم».
وأكد قزي انه «يجب أن تنتقل الأمم المتحدة والدول المؤثرة وخصوصاً الدول الكبرى من منطق كيفية ادارة ملف النزوح السوري في لبنان، إلى منطق آخر مختلف وهو كيفية وضع برنامج تدريجي لإعادتهم إلى بلادهم ولو لم تنته الحرب، لان هناك مناطق يمكن أن يحميها المجتمع الدولي اذا كانت لديه الارادة لانتقال النازحين السوريين اليها، والا سيبقون هنا وهذا يعني نهاية الكيان اللبناني».
اما لازاريني، فقال «ناقشنا مع الوزير قزي التقرير العام عن أوضاع المهاجرين حول العالم والذين يبلغون 60 مليون مهاجر لايجاد حلول تقنية وعملية لهم، وهناك فرصة متاحة لان يعودوا إلى بلادهم».
وأضاف «في ما يخص لبنان فإن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كان واضحاً خلال زيارته إلى لبنان بشأن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بطريقة سلمية وبشكل تدريجي، كون أن لبنان استضاف النازحين بشكل استثنائي، والسلطات اللبنانية ايضاً كانت واضحة بموقفها بحسب الدستور اللبناني لجهة رفض التوطين، ومن أجل ذلك الأمم المتحدة تقف إلى جانب لبنان في هذا الشأن».
القدس العربي