في وقت نُقل عن مسؤول لبناني قوله لوكالة «رويترز» إن الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أبلغ سفراء أجانب ان الرئيس سعد الحريري مخطوف ويجب ان تكون له حصانة، من دون أن تنفي دوائر قصر بعبدا هذا الكلام. فإن لهجة رئيس الجمهورية بدأت تأخذ منحى تصاعدياً مع المملكة العربية السعودية ولاسيما ان عون قال إن لبنان لا يمكن ان يقبل ان يكون رئيس وزرائه في وضع يتناقض مع الاتفاقيات الدولية .وقد أوعز عون لمنظمي ماراتون بيروت امس «ان يكون ماراتون بيروت تظاهرة رياضية وطنية للتضامن مع الرئيس الحريري ومع عودته الى وطنه».
وأكد القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري، ان عودة الحريري تتعلق به شخصياً، وانه ربما قرّر عدم العودة خشية تعرضه لاغتيال. وتمّ تنظيم مقابلة تلفزيونية من الرياض مع الرئيس الحريري مع الاعلامية بولا يعقوبيان تتزامن مع زيارة رسمية للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى الرياض بدءاً من اليوم بدعوة من خادم الحرمين الشريفين.
جعجع يلاقي السبهان حول «الدموع»
وحيال التضامن الذي يعبّر عنه حزب الله وقوى 8 آذار تجاه سعد الحريري، غرّد وزير الدولة السعودي ثامر السبهان قائلاً «المزايدات في موضوع الحريري مضحكة جداً، كل هذا الحب والعشق، قتلتم أباه وقتلتم أمل اللبنانيين في حياة سلمية ومعتدلة وتحاولون قتله سياسياً وجسدياً، والغريب حقيقة هو من يغرّد معهم وسنكشف قريباً الشخص الذي باع اللبنانيين ويحرّض علينا الآن».
ومن معراب، لاقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تغريدة السبهان ، فتوجّه الى «من يذرفون الدموع على غياب الرئيس سعد الحريري من فريق الثامن من آذار»، قائلاً لهم «لو كنتم فعلاً تريدون عودته إلى لبنان لتطلّب الأمر قراراً واحداً لا غير، وهو الانسحاب من أزمات المنطقة والسلام».
تزامناً، فإن المخاوف من فوضى وفتن في الشارع بدأت تطلّ برأسها وخصوصاً مع تسريب معلومات عن إحباط الامن العام عملية اغتيال كانت تستهدف النائبة بهية الحريري، وأن الموقوف ويدعى محمد ضابط كان يتواصل مع الموساد الاسرائيلي لتنفيذ عملية الاغتيال في صيدا بحسب إحدى القنوات الفضائية في لبنان.
إلا أن وزارة الداخلية والبلديات نفت «الأنباء التي ترددت في بعض وسائل الإعلام حول اعتقال شخص كان يراقب موكب النائب السيدة بهية الحريري». وأكدت أن «مثل هذه الأنباء تؤدي إلى مزيد من البلبلة بين اللبنانيين، وهو ما لا يحتاجونه على الإطلاق في هذه الظروف». وتمنّت الوزارة «على وسائل الإعلام نشر الأنباء الأمنية التي تصدر في بيانات رسمية عن الجهة المعنية، وإلا فإنها تكون تساعد في نشر أخبار تضرّ بالسلم الأهلي، مثلها مثل الذي يسرّب هذه الأنباء إليها، وذلك تحت طائلة المحاسبة الوطنية».
إحراق صورة بن سلمان
ومن طرابلس، لم يكن المشهد أفضل حيث تمّ إحراق صورة لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان على يد مجهولين بعد رفعها من قبل أنصار الوزير السابق اللواء أشرف ريفي. وقد أسفر إشعال هذه الصورة عن إشعال سجال بين وزير الداخلية نهاد المشنوق والوزير ريفي. فالمشنوق اتصل بمحافظ الشمال رمزي نهرا، وطلب منه العمل فوراً على إزالة كل الصور في طرابلس والشمال، وذلك بعد ورود صور وفيديوهات عن إحراق صورة ولي العهد السعودي. وأفاد المكتب الإعلامي للمشنوق «أن وزير الداخلية يدين هذا العمل المؤسف، ويعتبره مشبوهاً في لحظة حسّاسة، ويضعه في سياق محاولات التأزيم التي تعمل جهات مريبة على افتعالها بهدف جرّ البلاد إلى مزيد من التوتر». وشدد المشنوق على أن «أعمالاً كهذه لا تعبّر عن حقيقة مشاعر أهل طرابلس والشمال وكل لبنان، تجاه المملكة العربية السعودية». وطلب من القوى الأمنية ملاحقة الفاعلين وتسليمهم إلى القضاء لإجراء اللازم.
وردّ ريفي على المشنوق قائلاً «حرق صورة الأمير محمد بن سلمان مدان ومفتعل ومشبوه والفاعل معروف، وعلى وزارة الداخلية أن توقفه دون إبطاء لمحاسبته. وهذه الصورة ستبقى مرفوعة في طرابلس لأنها تمثل علاقة الصداقة التاريخية بين لبنان والمملكة». واضاف « لوزارة الداخلية نقول: من أحرق صورة الأمير محمد بن سلمان معروف. أوقفوه وحاسبوه، أما صور الأمير محمد بن سلمان فستبقى مرفوعة في طرابلس». وعقّب وزير الداخلية بالقول «صور الأمير محمد بن سلمان نضعها على صدورنا وليس في الشوارع، لكي يأتي حاقد ويحرقها».
ومن جديد ردّ ريفي «محل ما منعلّق صور ما في حاقد بيوصلها، وإذا بدك تشيل الصور بلّش من طريق المطار (ويقصد شعارات حزب الله) وبس توصل عطرابلس منحكي».
كذلك، اعتبر تيار المستقبل ان «إقدام عناصر مشبوهة على إحراق صور قيادات سعودية في طرابلس، هو عمل مريب ومدان، ولا يمت بأية صلة لأخلاق اللبنانيين وأبناء طرابلس عموماً الذين يحفظون للملكة العربية السعودية وقيادتها مكانتها ودورها التاريخي في دعم لبنان وشعبه».
وقال الرئيس نجيب ميقاتي «طرابلس الوفاء لا تقبل أي تعد على من وقف إلى جانب لبنان وأهله، ومن هذا المنطلق نحن نشجب احراق صور قيادات المملكة العربية السعودية، وهذا العمل فردي ولا يمثل أهل طرابلس».
«الوطنيون الأحرار»
وكانت منظمة الطلاب في «حزب الوطنيين الأحرار» نفّذت وقفة احتجاجية مساء السبت في البيت المركزي للحزب في السوديكو، «رفضاً لأي تدخل خارجي في الشؤون اللبنانية» وللمطالبة بـ»الحفاظ على مصالح اللبنانيين في دول الخليج»، بمشاركة مؤيدين للواء ريفي حضروا من طرابلس وسط انتشار عناصر قوى الأمن الداخلي امام المدخل الرئيسي لمقر الحزب حيث تمّ منع المتظاهرين من التوجه الى وزارة الخارجية.
وتحدث مسؤول منظمة الطلاب في «حزب الوطنيين الأحرار» سيمون درغام، فقال «نحن لدينا الجرأة والقدرة على ان نميّز بين دول عربية صديقة وشقيقة تريد مصلحة لبنان وبين دول أخرى تسعى لدعم طرف داخلي لبناني وتقوّيه وتجعل منه دويلة فوق سلطة الدولة، هذا الأمر نرفضه ولدينا الجرأة ان نواجه أي مجموعة تسمح لنفسها ان تستزلم للخارج على حساب لبنان». وأضاف: «هناك حوالي 700 الف لبناني مستفيد بشكل مباشر وغير مباشر من الوظيفة الموجودة على ارض الخليج، وهذه يد عاملة تؤمن الاستقرار المادي والاقتصادي للبنان، فهل يجوز تهجيرها بسبب مواقف بعض الأطراف الداخلية اللبنانية؟ هل لدينا القدرة على إيجاد سوق عمل آخر لها؟ هل لدينا القدرة على استيعابها؟».
بعدها طلب ممثل ريفي احمد خوجة الكلام، فاعتذرت منه عضو المجلس الأعلى في «حزب الوطنيين الأحرار» دعد قزي. ثم ألقى خوجة كلمته عند مدخل مقر الحزب، فرأى ان «خطوة الرئيس سعد الحريري بالاستقالة، والتي باركها اللواء اشرف ريفي، من أهم أسبابها الرفض المطلق للهيمنة الايرانية على جميع مفاصل الدولة اللبنانية». وقال: «من اليوم وصاعداً لن نقبل الا ان تبسط الدولة سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، لن نقبل أن يشارك أي حزب أو ميليشيا الجيش اللبناني والقوى الأمنية بالسلاح. من هذا المنطلق نعلن تأييدنا الكامل لموقف المملكة العربية السعودية، وواجبنا كلبنانيين ان نتكاتف ونقول بالفم الملآن: لبنان كان ولايزال ولن يكون إلا عربياً».
القدس العربي