تحدث الأسير المفرج عنه من قبل «حزب الله» اللبناني، الدكتور إياد الصطيف لـ «القدس العربي» عن تجربته في سجن تابع للحزب، والذي مكث فيه ثلاث سنوات ونصف السنة، في بلدة «قبر الست» بالقرب من مقام السيدة زينب، التي وصفها بأنها «خاضعة لسيطرة حزب الله بالكامل، وباتت المنطقة التي تقع في ريف دمشق الجنوبي نسخة عن الضاحية الجنوبية لبيروت» حسب تعبيره.
وقال الدكتور السطيف المفرج عنه قبل حوالي ستة أيام من سجون ميليشيات حزب الله اللبناني: «أسرت بكمين لقوات حزب الله بالقرب من بلدة العتيبة بريف دمشق الشرقي في أيلول/سبتمبر 2013، وخرجت الأسبوع الفائت، مقابل ست جثث للميليشيات».
وشرح خلال لقائه مع «القدس العربي» عملية التبادل التي خرج بموجبها قائلاً: «يملك حزب الله آلية للحوار مع فصائل المعارضة، وأساليب وقنوات تواصل عدة، ويعتمد بشكل أساسي على عرضنا على كل الفصائل العاملة على الرقعة السورية، كل واحدة على حدة، بهدف الكشف عن أسراه لدى الطرف الثاني، ومعرفة مكان تواجد كل شيعي مفقود، ثم يرفض الصفقة، معتمداً بذلك على المماطلة، متربصاً بالفرص الأفضل، حتى يكّون قنوات تواصل مع كل الفصائل التي تحتجز أسرى أو جثثاً، ويجمّع إحصائية دقيقة لجميع الأسرى والجثث قدر الإمكان، وبالدرجة الثانية يعتمد على تشويق ذوي الأسرى لديه من أهل السنّة، عبر السماح بالتواصل الهاتفي معهم، وهي الطريقة التي خرجت بموجبها، حيث عرضنا حزب الله على فصائل المعارضة، وما ان ينتهي من إحداها حتى يبدأ مع الأخرى، حتى استقر عند جبهة النصرة، وبدأت المفاوضات في ما بينهم، إلا أن عرض الجبهة بتسليم جثة واحدة من مقاتلي الحزب مقابل الافراج عني، لم ينل رضى ميليشيا حزب الله، فطلب الأخير ست جثث، الأمر الذي رفضته النصرة».
وأضاف: «لم تتوقف المفاوضات هنا، لجأ أهلي إلى صديق قديم للعائلة، وهو قيادي لدى حركة «أحرار الشام» ويحظى بمرتبة مرموقة لدى جبهة النصرة شمال سوريا، فتدخل الأخير كوسيط لدى الجبهة، التي طلبت 20 ألف دولار أمريكي مقابل ست جثث، فاشترى أهلي الجثث بالمبلغ المعروض، بعد موافقة الحزب على العرض، وتم تسليم الجثث للوسيط، حيث انطلقنا من منطقة السيدة زينب جنوب مدينة دمشق، صباح يوم الثلاثاء الفائت، ووصلنا إلى منطقة ابو دالي في محافظة ادلب ظهراً، حيث استلمني الوسيط وأوصلني إلى المناطق المحررة ثم عاد وسلم الجثث». وأردف: «سابقاً كانت قنوات التواصل بين حزب الله وفصائل المعارضة السورية معدومة، باستثناء حالات فردية من عمليات الخطف التي كانت تتم بين السنّة والشيعة في ريف دمشق في محيط «السيدة زينب»، ومع تطور القتال وتوسعه إلى مناطق خارج بلدة «قبر الست» لتشمل كل الأراضي السورية فإن من الطبيعي سيتم أسر وقتل عناصر من الطرفين، وبالتالي على الحزب أن يوجد آلية للحوار مع الفصائل المسلحة».
وقال: «الصفقة التي خرجت بموجبها فريدة من نوعها، ولكن جرت صفقة أخرى مع ميليشيا حزب الله في سجونه داخل بلدة «قبر الست» أفرج خلالها عن المدير الإداري لألوية الفرقان، وهو زميلي الأسير المحرر «جهاد محمد نور النجار» من بلدة كفربطنا بالغوطة الشرقية، مقابل مرجع شيعي من بلدة الفوعة، وهي باكورة هذا التواصل وعن طريقنا بدأت الاتصالات بين الطرفين».
ووصف بلدة «قبر الست» بأنها «كانت عبارة عن قرية سنّية قبل اندلاع الثورة، وانقلبت موازينها لتصبح اليوم ضاحية دمشق الجنوبية، بمسمّى جديد «السيدة زينب» يبسط حزب الله نفوذه عليها بالكامل، ويملك فيها عشرات المقرات، والسجون والمعسكرات، والأجهزة الأمنية، بالرغم من وجود عدد كبير من الميليشيات الشيعية العراقية».
المصدر: «القدس العربي»- هبة محمد