نتج عن الحرب السورية كوارث فادحة وجرائم بحق الشعب المسالم، فظهرت آثارها السيئة على نفوس الأطفال، وازدادت سلبياتها عندما تأذوا منها حيث ألحقت بنفوسهم البريئة نتائج مأساوية ترافقهم طيلة حياتهم، فمنهم من يحدث له رجفة جسدية بمجرد سماع صوت طائرات النظام، ومنهم من يغمى عليه، ومنهم من “يبول بغير إرادته”خوفا من البراميل المتفجرة.
فعند مشاهدة الأطفال لأحداث الدمار والموت وصراخ ذويهم واستنجاداتهم، لابد من الآثار الجانبية مثل الاكتئاب والخوف والوحدة النفسية ومشاهدة الأحلام المزعجة والكوابيس التي تعكس سلباّ على مخيلة الأطفال، حيث أن أغلب الكوابيس تلازم ما يقارب 10 بالمئة من الأطفال الصغار خصوصاّ في المرحلة العمرية من 6 إلى8 سنوات، فيتعرض الطفل إلى تكرار في الأحلام المزعجة، مع احتمالية تذكرها بعد الاستيقاظ مما يشكل للطفل عائقاّ آخر يمنعه من العودة إلى النوم من جديد، وذلك لأنه يستمر في تذكره الأجواء المرعبة و المقلقة التي رآها خلال حلمه.
ويتمتع الطفل في هذا العمر بذاكرة قوية قادرة على تسجيل تفاصيل الحلم بدقة دون أن ينسى المعلومات والأحداث التي شاهدها خلال المنام
كما وقد تم بدراسة على عينة من الأطفال لمعرفة الأسباب التي تحدث الكوابيس بسببها، وجد الباحثون أن الأطفال الذين تعرضوا لظروف قاسية أو أحداث مفجعة كموت شخص قريب أو كوارث طبيعية أو حروب شرسة أو التهجير، كانوا يعانون بشكل أكبر بكثير وبصورة أكثر فظاعة من الكوابيس من الأطفال الذين تكون طفولتهم مريحة جداّ ولا يعانون من الضغوط، ولم بتعرضوا خلال طفولتهم لأي حادث.
وكلنا نعلم أن الكوابيس من أكثر مايثير خوف الناس وقلقهم لدرجة لاتسمح لهم بالنوم بسبب هذه الكوابيس وخاصة الأطفال، حتى أن الناس تطلق مصطلح كابوس على أشد الأمور فظاعة وهذا لأن ما يحصل في داخل الكابوس أمر مستحيل الحصول في الواقع فالكابوس يعتمد على مخيلة الإنسان ولهذا يكون أكثر فظاعة لدى الأطفال الذين يتمتعون بمخيلة خصبة جراء ما تعرضوا له من صعوبات في الحياة ومواقف أليمة في سنن مبكرة، فتعتبر الكوابيس كالمرآة لأشد الأمور التي يخيل للعقل أنها ستحصل، وهذا مايجعلها مخيفة بشكل كبير للناس والأطفال الذين لا يستطيعون أن يميزوا بعد إذا ماكان هذا الأمر محتمل الوقوع في الحياة الحقيقية أو لا وهذا بجعلهم يخافون منه حتى النوم .
وطبعاّ من الضروري عندما يشعر الطفل بالهلع والخوف نتيجة كابوس شاهده، يلجأ إلى ترك فراشه والمضي إلى غرفة الوالدين بحثاّ عن الشعور بالأمان والحماية وطلباّ لراحة النوم بجوارهما، وهما من يستطيع تخفيف ذلك بصوت رقيق وعدم نهره أو زجره.
ورغم تلك الصعوبات التي يتعرض لها الأطفال لا بد من زرع حب الحياة في داخلهم وتقوية شخصيتهم وأن لابد للظلم من زوال ولابد لحياتهم السعيدة أن تعود لهم وتنتهي معاناتهم التي أحدثها النظام وزرع البسمة على شفاههم.
بيان الأحمد
المركز الصحفي السوري