خياران أحلاهما مرّ، أمام السوريين المقيمين في اليمن، خصوصاً أولئك الذين دخلوها لاجئين إليها مع احتراق بلادهم بنار الحرب، إذ وبعد الانقلاب الحوثي ضد شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومع ما تبعه من أحداث وتدخل التحالف العربي لاستعادة الشرعية، والحرب التي صاحبتها، لم يعد أمامهم سوى البحث عن وجهة لجوء جديدة أو التكيف مع نار الحرب التي جربوا لهيبها من قبل في بلادهم بعد اندلاع الثورة ضد نظام الأسد عام 2011.
أرقام مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في اليمن تتحدث عن نحو 15 ألف سوري يوجدون في اليمن، وهو رقم ليس كبيراً مقارنة باللاجئين الأفارقة، لكن معظمهم غير مسجلين، إذ لم يتوجه إلى المفوضية إلا جزء صغير منهم.
اليمن ليست ملجأ جديداً للسوريين، إلا أنه البلد التي سبق لها أن احتضنت عدداً كبيراً منهم في عام 1982 أغلبهم من الإخوان المسلمين الذين تعرضوا لمجزرة في حماة من قبل نظام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، ووجدوا أنفسهم في “اليمن السعيد” وعمل بعضهم كمدرسين والتحقوا بفرص عمل مختلفة.
– قرار الرحيل
الشاب السوري أسامة نادر لم يكن يعرف أن اليمن التي تحتضنه ستكتوي بنار حرب مماثلة للحرب التي تشهدها بلاده، فلم يكن أمامه وأسرته سوى اتخاذ قرار الرحيل إلى السعودية في مطلع يونيو/ حزيران الماضي واستغلال التسهيلات السعودية لاستقبال السوريين لا سيما الموجودين في اليمن.
أسامة الذي تخرج من كلية الإعلام بجامعة صنعاء قال “للخليج أونلاين”: إن “الحرب اليمنية سبب في رحيل عدد كبير من السوريين المقيمين في اليمن إلى دول أخرى أبرزها السعودية وتركيا، لكنها ليست كل الأسباب، فسبق للسوريين أن عاشوا أزمات في اليمن وتكيفوا معها، وما يزال هناك عدد من السوريين في اليمن مثلهم مثل اليمنيين تكيفوا مع الحرب وأصبحت بالنسبة لهم أمراً اعتيادياً”.
ولا تتوفر أي إحصائيات دقيقة للسوريين الذين غادروا اليمن مع اندلاع حرب إسقاط انقلاب مليشيا الحوثي وصالح على السلطة الشرعية أو حتى لأولئك الذين غادروا اليمن إلى السعودية.
– مضايقات أمنية
رغم أن السوريين عوملوا في اليمن كما لو أنهم في بلادهم، من خلال تعامل الشعب اليمني وأخلاقه، على ما يقول أسامة، إلا أنه كشف أن السوريين تعرضوا لمضايقات أمنية في الفترة الأخيرة وهي مرتبطة بالتغيرات السياسية في اليمن، ما عزز دوافع التفكير بوجهة لجوء جديدة خصوصاً وأن سوريا ما تزال تشهد صراعاً عسكرياً كبيراً.
ووفقاً لأسامة فإن اللاجئين السوريين في اليمن كانوا يحصلون على مساعدات غذائية وطبية وغيرها من جهات مختلفة حكومية وغير حكومية لكن عدم الاستقرار في البلد أثر على ذلك وبدأت تتقلص حتى انعدمت تماماً مما ضاعف معاناتهم المعيشية والإنسانية.
– تأشيرة زيارة
وأوضح أن التسهيلات التي قدمتها السعودية للاجئين السوريين في اليمن كانت عاملاً مهما لمغادرة اليمن، حيث تمثلت التسهيلات في منح السوريين القادمين من اليمن تأشيرة زيارة.
وعن وضع السوريين في السعودية، أكد أسامة أن تسهيلات القدوم لم تواكبها تسهيلات أخرى أو مساعدات من جهة رسمية، لا سيما فيما يرتبط بتوفير فرص العمل أو أي شيء آخر فهناك مساعدات بسيطة لا ترقى للحاجة.
وفيما كان اليمن متسعاً جيداً للعمل بالنسبة للسوريين لا تسمح تأشيرة الزيارة في السعودية لهم بالعمل؛ لكن هذا الأمر أصبح ممكناً في الفترة الأخيرة، ومع ذلك ما يزال أسامة عاطلاً عن العمل لكون ترخيص العمل في المملكة يمر بسلسلة إجراءات متعددة.
– أرقام سعودية
وكان مصدر مسؤول في السلطات السعودية صرح لوسائل الإعلام في سبتمبر/ أيلول الماضي أن بلاده تحتضن نحو مليوني ونصف المليون من السوريين، لافتاً إلى أن المملكة تعاملت معهم من منطلقات دينية وإنسانية وحرصت على عدم التعامل معهم كلاجئين أو تضعهم في معسكرات لجوء ومنحتهم حرية الحركة التامة والانخراط في سوق العمل والتعليم.
كما صدر أمر ملكي في عام 2012 اشتمل على قبول الطلبة السوريين الزائرين للمملكة في مدارس التعليم العام التي احتضنت ما يزيد عن 100 ألف طالب سوري على مقاعد الدراسة المجانية.
وشردت الحرب الدائرة في سوريا منذ نحو خمسة أعوام ملايين السوريين خارج بلادهم فوفقاً لتقارير دولية فإن تركيا تحتضن نحو 1.9 مليون لاجئ سوري ولبنان نحو 1.1 مليون والأردن نحو 629 ألفاً والعراق 249 ألفاً ومصر نحو 132 ألفاً فيما تتصدر ألمانيا البلدان الأوروبية بنحو 99 ألفاً.
الخليج اونلاين