تركزت الأضواء في الحرب الدائرة في سوريا على معاناة كافة فئات المدنيين من أطفال ونساء وشباب أثناء القصف الهمجي للنظام السوري الذي لا يعرف كبيرا ولا صغيرا، متناسين كبار السن الذين يحتاجون لمن يساعدهم ويخدمهم، فأغلبهم فقدوا أحبة لهم.
أغلب كبار السن في سوريا يرفضون مغادرة البيت أثناء قصف النظام للمناطق الآمنة، وإن اضطروا للنزوح تحت ضغط أولادهم فالأسى والحزن لا يفارق وجوههم التي ملأتها التجاعيد، ولكل “تجعيدة” حكاية تروي لناظرها ألم معاناة وقهر، فكبار السن هم الأكثر تذكرا لما ارتكبه آل الأسد من جرائم بحق شعبه، جعلت بعضهم يتكلم همسا عن جرائمهم، ودفعت بعضهم الآخر للتسلح ومواجهة نظام الأسد.
يقول حازم في معاناته مع والده العجوز: “عندما كنا نسمع صافرة الإنذار للنزول إلى الملاجئ، كان والدي يرفض النزول، فكنا نضطر لحمله رغما عنه، إلا أنه لا يجد راحة له هناك، ويصر على إعادته للمنزل حتى وإن كان ذلك سيعرضه للخطر”.
أما أم عمر التي تبلغ من العمر 75 والتي تبقي حجابها ليلا نهارا خشية من القصف المفاجىء وانكشافها على الرجال تقول: ” أؤمن أن الأعمار بيد الله، ولن أهرب من الموت اذا تركت منزلي”.
أما عن العجائز الذين تركوا منازلهم قسرا، و لجؤوا إلى بيوت بعيدة عن القصف أو اضطروا للعيش في ظروف قاهرة تحت المخيمات، فلهم حكاية أخرى.
ليس لكبار السن الضعفاء، تماما كاللاجئين السوريين الأصغر سنا، القدرة على الصراع في مشقات الحياة، فأغلبهم يحتاج للمساعدة، لضعفهم جسديا وعدم قدرتهم على التنقل.
لكن الشيء الوحيد الذي يرسخ في أذهانهم مجازر حافظ الأسد وخوفهم من الاعتقال لأن كبر سنهم وكما يعلموا لن يشفع لهم عند النظام.
يجلس أحد العجائز في مخيم للجوء قرب تركيا، يروي بصمته حزنا لما وصل إليه، واشتياقه لبيته الذي هدم بفعل القصف الأسدي يقول بصوت مرتجف : ” هل جربت أن تخرج من منزل اعتدت عليه طيلة 82 عاما، إن ما فعله بشار لم يفعله كافة المحتلين لسوريا سابقا، لم يمر على ذاكرتي أسوأ من مجازر بشار وأبيه الموت أرحم من النزوح”.
ولبعض رجال السن مواقف ثورية لا تنسى، دفعهم الظلم والمعاناة من الاعتقالات والقتل إلى تشكيل كتيبة لبعض الشيوخ الطاعنين في السن في حلب في بداية الثورة لمواجهة النظام القمعي أطلق عليها اسم” كتيبة المشايخ المتطوعين”. لم يمنعهم كبر سنهم من حمل السلاح في وجه الظلم فانضم بعضهم لقافلة الشهداء.
ما بين القصف والدمار في سوريا وأمراض الشيخوخة ونقص الدواء وصعوبة التنقل وشعورهم بتشكيل عبء على أولادهم يعيش المسنين في سوريا مأساة كبيرة و حقيقية يرجو الكثير منهم نهايتها إما بالفرج القريب أو بالموت الرحيم.
المركز الصحفي السوري – سلوى عبد الرحمن