أطاحت وثائق بنما المسربة عن المسؤولين والشركات المتهربة من الضرائب على مستوى العالم بعدد من الشخصيات السياسية الأوروبية ولاحقت آخرين وتسببت بمساءلتهم والتحقيق معهم، لكن على مستوى العالم العربي لم ترد تقارير تتحدث عن فتح تحقيق في تورط رؤساء ومسؤوليين في قضايا تهرب ضريبي بعد ورود أسمائهم في الوثائق.
ولا يخلو بلد في العالم من تورط مسؤولين أو رجال أعمال أو مؤسسات في عمليات التهرب الضريبي والارتباط بمكتب موساك فونسيكا الذي خرجت الـ11.5 مليون وثيقة من قاعدة بياناته إثر اختراق، لكن الدول التي شرعت في التحقيق مع مسؤوليها الواردة أسماؤهم في فضائح التهرب كانت قليلة وبعض الدول تجاهلت الأمر وفرضت قيودا على الحديث عن “الفضيحة”.
وكان أول من أطاحت به التسريبات رئيس الوزراء الأيسلندي سيغمندور ديفيد غونلاغسون، فبعد الضغوطات الكبيرة التي واجهها لورود اسمه في الوثائق المسربة تقدم باستقالة حكومته.
ولم يكن غونلاغسون الوحيد الذي ورد اسمه في التسريبات بل ورد اسم زوجته أيضا، والتي ارتبطت بشركات خارجية ما أحدث ضجة في البلاد.
وواجه وزير الصناعة والطاقة والسياحة الإسباني خوسيه مانويل سوريا مصير رئيس الوزراء الأيسلندي نفسه وتقدم باستقالته الجمعة من منصبه في الحكومة بسبب ورود اسمه في التسريبات.
واعترف سوريا بارتكاب عدد من الأخطاء في عمله التجاري قبل دخوله المجال السياسي عام 1995.
وكتب الوزير الإسباني في بيان عممّه على وسائل الإعلام: “لم يكن لدي علم بكل المعلومات التي وقعت في السنوات العشرين الماضية. دون أي تجييز هذه الأنشطة التجارية لم تكن أبدا متصلة بنشاطي السياسي لكن مع ذلك وبسبب الإساءة الواضحة التي سببتها للحكومة ولحزبي ولرفاقي ولمن صوتوا لي قررت الاستقالة من منصبي”.
وواجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تساؤلات وانتقادات ومطالبات بكشف إقراراته الضريبية بعد ورود اسم والده في وثائق بنما.
وأظهرت الوثائق أن والد كاميرون آيان كان أحد عملاء شركة الخدمات القانونية موساك فونسيكا واستعمل تدابير سرية على الرغم من قانونيتها للاستثمار في شركة غير مقيمة في بريطانيا.
وأكد كاميرون في مقابلة أجراها مع قناة “إي تي في” الإخبارية البريطانية أنه سدد جميع الضرائب المستحقة على الفوائد التي جناها جراء بيع تلك الأسهم، مشيرا إلى أن الهدف من إنشاء والده لتلك الشركة لم يكن التجنب الضريبي.
وعلى صعيد المؤسسات في العالم، أعلنت الولايات المتحدة إجراءات جديدة لمنع المجموعات المتعددة الجنسيات من التهرب من دفع الضرائب عبر إقامة مقارها في الخارج عن طريق شراء شركات.
ونقل بيان عن وزير الخزانة الأمريكي جاكوب ليو أن “الشركات استفادت لسنوات من نظام يسمح لها بإقامة مقارها الضريبية في الخارج لتجنب الضرائب في الولايات المتحدة من دون تغيير نموذجها الاقتصادي”.
وفي السويد اتصلت هيئة الرقابة السويدية بالسلطات في لوكسمبورغ لطلب معلومات حول مزاعم أفادت بأن مجموعة نورديا البنكية السويدية ساعدت بعض العملاء على فتح حسابات في ملاذات ضريبية في الخارج.
وفي أوكرانيا دعا مشرعون البرلمان إلى التحقيق في الادعاءات بأن الرئيس بيترو بوروشينكو استخدم شركة خارج البلاد للتهرب من الضرائب.
وفي فرنسا وأستراليا ونيوزيلندا والنمسا والسويد وهولندا انطلقت التحقيقات، أما في ألمانيا فإن مئات من رجال الأعمال الألمان الذين وردت أسماؤهم في الوثائق المسربة يواجهون قفص الاتهام بالتهرب الضريبي.
وفي باكستان نفت الحكومة الباكستانية ما أوردته الوثائق عن تورط أبناء رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في التهرب الضريبي وقالت الحكومة إن موقف رئيس الوزراء وأبنائه وتعاملاتهم قانونية.
أما على صعيد التفاعل العربي مع تسريب الوثائق فلم تقدم سوى دولة عربية واحدة تشكيل لجنة للتحقيق في تورط شخصيات محلية في التهرب الضريبي الذي كشفته الوثائق.
وأجمع البرلمان التونسي على تشكيل اللجنة الجمعة وصوت بالموافقة على التشكيل 124 نائبا، فيما رفض نائب واحد اللجنة التي تتكون من 22 عضوا.
أما بقية الدول العربية التي ورد في عدد كبير منها أسماء رؤساء ورؤساء حكومات ووزراء سابقين فلم ترد تقارير عن أي تفاعلات مع التسريبات وتجاهلت كثير منها خبر تسريب الوثائق وقام إعلامها بالتعتيم على القضية.
عربي 21