قال المعلق ديفيد إغناطيوس إن هناك بوادر لحل النزاع البحري التركي- اليوناني دبلوماسيا. وأشار إلى التحول في الموقف الأمريكي الذي بات داعما لليونان ومنزعجا من تركيا.
وفي مقالته التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” قال إن دفعة دبلوماسية قوية من الولايات المتحدة وألمانيا أدت بتركيا واليونان لاستئناف المفاوضات التي توقفت منذ وقت لترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط.
ويأتي استئناف المحادثات الذي أكده المسؤولون الأمريكيون واليونان بعد أربعة أعوام من التعليق. ويأمل البلدان أن يلتقيا بنهاية الشهر للتفاوض على حل الحدود البحرية وربما إحالتها إلى طرف ثالث للتحكيم أو المحكمة الدولية في هيغ.
وفي مقابلة أجراها الكاتب مع رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس أكد أن الإنجاز المحتمل جاء بعد “شهر من التوتر العالي” مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقال “نرى أن تركيا أخذت خطوة للوراء ونراها خطوة إيجابية ونأمل أن تكون نهجا جديدا”.
وكان أردوغان يدفع باتجاه تأكيد الحقوق التركية في المياه التي تقول اليونان وقبرص أنها تابعة لها في شرق المتوسط. وأرسلت تركيا سفنا للتنقيب مرفقة ببوارج حربية. وردت اليونان بمناورة عسكرية بحرية وجوية شاركت فيها فرنسا والإمارات العربية المتحدة. ووصلت الأزمة إلى نقطة الإنفجار هذا الشهر من خلال الخطاب الداعي للحرب والقادم من تركيا واليونان.
ويقول إغناطيوس إن زيادة التوتر أدى لتعبئة القوى الكبرى التي راقبت تقدم أردوغان نحو الهيمنة الإقليمية بنوع من القلق. ويشير هنا إلى موقف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي زار قبرص في 12 أيلول/ سبتمبر وحذر قائلا: “نعبر عن قلقنا المستمر من الطموحات التركية للبحث عن المصادر الطبيعية في منطقة شرق المتوسط”.
وكان بومبيو قد رفع قبل اسبوعين من زيارته للجزيرة حظر تصدير الأسلحة المفروض عليها منذ عام 1973.
ويقول إغناطيوس إن بومبيو سيؤكد الرسالة في زيارته لإثينا في 27 و28 أيلول/ سبتمبر وسيقوم بزيارة البحرية اليونانية في خليج سودا وبرفقة رئيس الوزراء ومناقشة التعاون العسكري الأمريكي- اليوناني. ولن يزور بومبيو أنقرة علامة على انزعاجه والمسؤولين الأمريكيين من أردوغان.
وكان نائب وزير الخارجية الأمريكية ستيفن بيغان قد انتقد تركيا يوم الأربعاء في خطاب الٌقاه بالمجلس الأمريكي- التركي بواشنطن. وقال “هناك قلق محدد في الولايات المتحدة من عدة سياسات تركية” و”نحث تركيا التوقف عن استفزازاتها البحرية والخطوات التي تزيد التوتر في المنطقة”.
وأضاف أن الولايات المتحدة “قلقة جدا من تراجع الديمقراطية في تركيا”. وتابع أن تصريحات بيغان وزيارة بومبيو تعكس القلق الأمريكي من أردوغان الذي تجاوز الحدود في إظهار القوة وأغضب حتى المدافع الأقوى عنه ترامب.
ويرى الكاتب أن التحول في الموقف الأمريكي الداعم لليونان مرتبط بالحملات الإنتخابية واقتراب موعد التصويت، حيث تركز الإدارة عينها على أصوات الأمريكيين اليونانيين خاصة في الولايات المتأرجحة. ودعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الداعمة لتركيا في العادة ولعبت دورا في الوساطة أنقرة لتخفيض التوتر.
ونقل إغناطيوس عن مسؤول يوناني قوله إن ميركل أخبرت أردوغان في محادثة معه “لو واصلت (في شرق المتوسط) فلن أكون قادرة على منع العقوبات”. ولن يتم إحالة الملف على جهة ثالثة بدون تنازلات تقدمها تركيا واليونان وهو ما لا يمكن لأردوغان أو ميتسوتاكيس تحمله من الناحية السياسية. لكن يجب على الطرفين الإتفاق على “الشروط المرجعية” لتحديد الموضوعات التي تحتاج إلى تحكيم.
وحاول كل طرف تقوية موقفه التفاوضي من خلال معاهدات مع دول المنطقة، فتركيا عقدت معاهدة مع ليبيا واليونان مع مصر. ويقول إغناطيوس إن رئيس الوزراء اليوناني هو وجه البلد بعد فترة من الشعبوية والديون التي عانت منها البلاد. ونقل عنه قوله “نعيد تشكيل صورة البلد” في مرحلة “ما بعد الشعبوية” وسيريزا.
ويختم بالقول إن السياسة الخارجية ليست ظاهرة في الحملات الرئاسية الأمريكية لهذا العام ولكن الدبلوماسية الأمريكية المعقولة متواصلة بين بلدين عضوين في الناتو كادا يطلقان النار على بعضهما البعض.
نقلا عن القدس العربي