نقلت وكالة رويترز الأسبوع الماضي، عن مصادر ديبلوماسية، أن مفتّشين دوليين عثروا على آثار غاز السارين والعامل العصبي VX، في مركز بحث علمي في سورية لم يبلَّغ مفتّشو الأسلحة الكيماوية الدوليون بوجوده. وثبت أن العينات التي جمعها خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) المنصرمين، تحمل آثار عناصر عوامل سامة. وزار مفتّشو المنظمة هذه، سورية 8 مرات للتأكد من دقة تفاصيل برنامج التسلّح الكيماوي السوري التي قُدمت في تقرير أولي. ولكن إثر كل زيارة، كان عدد أسئلتهم حول هذا البرنامج يزيد، يقول ديبلوماسيون. وعلى رغم أن سورية بدأت عملية تدمير عشرات منشآت صناعة السلاح الكيماوي وتخزينه، أنشأت العام الماضي عدداً جديداً من منشآت التسلّح الكيماوي، وتستّرت على وجودها في وقت أول. وعلّق حاكم تكساس السابق، ريك بيري، على التقرير، قائلاً: «… هي مأساة أن تتواصل معاناة الشعب السوري على يد هذا الديكتاتور، بسبب وقوف إدارة أوباما موقف المتفرّج، وعدم كفّ يد الأسد. لا نستطيع وضع ثقة عمياء في مستبدّ يهاجم شعبه، وانتظار أن يلتزم اتفاقات دولية من غير جزاء الانتهاك».
ولم يبلغ الأميركيين خبر عدم التزام سورية باتفاق نزع سلاحها الكيماوي، لأن إدارة أوباما لم تعلن أن النظام السوري «يغشّ» على نطاق واسع في تنفيذ الاتفاق. والى هذا الإخفاق، آل «نجاحنا» في نزع السلاح الكيماوي السوري، ومفهوم تنظيم سلاح الدمار الشامل في مجتمعات يحكمها عنيفون. ولكن، هل يُعقل أن نتوقع أداء أفضل من طهران في وقت شريكها الأصغر يتصرّف على هذا المنوال؟ ولا يُخفى أن الإيرانيين طوال عقود، انتهكوا الاتفاقات والقرارات الدولية. وعلى خلاف مزاعم إدارة أوباما، خرجت طهران عن التزاماتها في مرحلة خطة العمل المشتركة (الممهدة للاتفاق النووي المرحلي). وحين ضبطت إيران وهي تختبر أجهزة طرد مركزية متطورة، تسترت الإدارة الأميركية على الانتهاك، وقالت إنه على الغالب ناجم عن غلطة موظّف صغير. وقدمت مصادر بريطانية أخيراً، أدلة الى الأمم المتحدة تثبت أن إيران تسعى الى شراء تكنولوجيا نووية من شركات محظورة. وتجاهل البيت الأبيض هذه المعلومات. وإذا تواصلت فصول «استسلام» الإدارة الأميركية وتراجعها، وسمحت لإيران بعدم الكشف عن الجوانب العسكرية من برنامجها النووي، وأجازت أن تعرقل عمليات التفتيش ساعة تشاء وحيثما تشاء، أرست خريطة طريق الى انتهاكات إيرانية جديدة. خلاصة القول، إن الأميركيين لا يسعهم الثقة في أن الإيرانيين سيلتزمون الاتفاق النهائي، ولا في أن الإدارة الأميركية ستلاحقهم حين ينتهكون هذا الاتفاق. فالمؤشرات كثيرة الى أن إدارة أوباما ستتسامح مع مثل هذه الانتهاكات في سبيل بلوغ مآربها الديبلوماسية. وحريّ بالكونغرس مطالبتها (الإدارة) بمعلومات عن تفاصيل الانتهاكات السورية والإيرانية، وفي وسعه الحؤول دون فتح مكاتب ديبلوماسية إيرانية وفرض مزيد من العقوبات، وحظر رفعها إذا لم تكشف طهران عن الجوانب العسكرية من برنامجها النووي.
جنيفر روبين – الحياة