ضَمَّت القوات التي استعادت تدمر مؤخرا من قبضة داعش سوريين وإيرانيين ومقاتلين من حزب الله. ويوم الاثنين 28 فبراير ذكر المسؤولون الروس أن مجموعة أخرى ساهمت في الانتصار هي قوات النخبة الخاصة في روسيا. وتعرف أيضا باسم «سبيتسناز». إن القوات الروسية ليست جديدة على الحرب البرية السورية. فالروس منذ وصولهم في سبتمبر الماضي استخدموا مشاة البحرية لتأمين الميناء الرئيسي في طرطوس والسور المحيط بمطار حميميم في اللاذقية. لقد ظلت القوات الروسية التي تنشط على الجبهة بعيدة عن الأنظار في الغالب، باستثناء عدد صغير من وحدات المدفعية والدبابات.
ولكن مع الاستيلاء على تدمر لم تعد الحال كذلك. فقد أعلن المسؤولون الروس يوم أن تدمر «تم تحريرها بمشاركة قوات سبيتسناز والمستشارين العسكريين» وكانت داعش قد سيطرت عليها في مايو الماضي ثم بعد فترة وجيزة من ذلك دمرت جزئيا عددا من المواقع التاريخية في المدينة.
يقول كريس كوزاك، محلل الأبحاث بمعهد دراسات الحرب، أن «الإشارة إلى مشاركة» القوات الخاصة الروسية اتخذ موقعا متقدما في السردية السورية التي تتبناها روسيا (حول تدخلها في سوريا) لأن معركة السيطرة على تدمر تخدم على نحو مباشر خطابها الدعائي المعادي لداعش. وهو خطاب تستخدمه لتبرير هذا التدخل ابتداء.
ويقول كوزاك إن مشاركة القوات الخاصة الروسية في معركة تدمر «تبدو شيئا عظيما» في السردية الروسية. ولكن مشاركتها في القتال ضد جماعات المعارضة في حلب «لا ينسجم مع تلك السردية» ومن غير الواضح بالضبط متى بدأت القوات الخاصة الروسية نشاطها في سوريا على الرغم من أن القوات الروسية ساعدت في توجيه وتدريب القوات السورية قبل فترة طويلة من التدخل الروسي هناك. وبحسب مايكل كوفمان، وهو محلل بمركز تحليلات البحرية ومهتم أساسا بالعمليات العسكرية الروسية، لدى روسيا في الوقت الحاضر عدة وحدات خاصة نشطة في سوريا متمثلة في وحدة «زاسلون» وقيادة العمليات الخاصة (كي اس أو) ومفارز فرق استطلاع. إن زاسلون، وهي جزء من جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، مفرزة موغلة في السرية وغالبا ما تتولى مسؤولية الأمن في المناطق التي تتعرض لتهديد كبير. أما قيادة العمليات الخاصة فهي المكافئ الروسي لقيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية.
وكانت قد شكلت خلال الأعوام القليلة الماضية. وقال كوفمان «تنفذ القوات الخاصة الروسية الكثير من المهام المتعلقة بإرشاد الطائرات الروسية المغيرة لأهدافها بجانب الكثير من مهام التوجيه للسوريين» مضيفا أنها تقدم معظم المعلومات الاستخبارية الأرضية التي تحتاجها القوة الجوية الروسية وتساعد في إدارة العمليات السورية. وبعكس أغلب القوات الخاصة الأمريكية التي تقدم المشورة للقوات العراقية والسورية في الوقت الحاضر من وراء خطوط القتال على مستوى الكتائب والألوية، يبدو أن القوات الخاصة الروسية تشارك في القتال جنبا إلى جنب مع القوات السورية على المستوى التعبوي (التكتيكي.) وبدوره، ساعد وجود القوات الخاصة الروسية والمستشارين الروس على الخطوط الأمامية القوات السورية وحلفاء الرئيس بشار الأسد في تعزيز المكاسب والسيطرة على الأرض في سوريا.
وحسب كوفمان، فإن المستشارين العسكريين الروس، رغم الدعاية التي تحيط بمفرزة الطائرات الروسية في سوريا، هم «اللُحمة» او الرابط الأساسي الذي يساعد السوريين على القتال كجيش أكثر اقتدارا. يقول كوفمان « إنه لمن الصعب حقا أن تحدث ذلك التغيير الكبير في الوضع بمثل هذا العدد القليل من الطائرات حتى إذا استخدمتها في طلعات بوتيرة مرتفعة جدا».
لقد لعبت روسيا دورا مهما في محاولات الأسد استعادة ما خسره خلال ما يقرب من خمسة أعوام لصالح الجماعات المعارضة وجبهة النصرة وداعش. ولكن في الشهور الأخيرة، تمكنت القوات الإيرانية وقوات حزب الله وعدد كبير من المليشيات إلى حد بعيد من تعزيز الجيش السوري. غير أن مشاركة روسيا في العمليات البرية لم تكن بدون ثمن. فقبل أيام فقط من إعلان روسيا أن قوات سبيتسناز ساعدت في تحرير تدمر، نقلت وكالة انترفاكس للأنباء عن مسؤول روسي لم تذكر اسمه أن جنديا في القوات الخاصة مات «ميتة بطولية» بعد أن استدعى ضربات جوية لموقعه حينما أحاطت به قوات داعش. وقد انتشر الخبر «انتشار النار في الهشيم» بعد إعلان موت الجندي.
لقد كانت روسيا، تماما كما في أثناء تدخلها في أوكرانيا، بطيئة في الإعلان عن مقتل أي من جنودها في سوريا. فهي في العادة تقر بذلك بعد شهور من واقعة القتل. وحتى الآن اعترفت روسيا بمقتل سبعة من جنودها في سوريا. وحسب كوفمان فإن روسيا كانت أكثر انفتاحا في الإعلان عن مقتل جنودها في معركة تدمر. وقال إن تلك الوفيات تعزز صورة روسيا باعتبار أنها تقاتل في سوريا لهزيمة داعش. ولكن هنالك حدودا للصراحة. فالحكومة الروسية لم تكشف العدد الإجمالي للخسائر البشرية في القتال من أجل استعادة تدمر. وفي الأسابيع الأخيرة، ادعت جماعة داعش أنها قتلت عددا من جنود القوات الخاصة الروسية.
وفي إحدى هذه الادعاءات، عرضت وكالة أنباء مرتبطة بداعش ما بدا أنه عتاد جندي به عدة أشياء تشمل لغما روسيا متطورا يمكن أن يكون جزءا من عتاد جندي من القوات الخاصة. كما عرضت داعش أيضا صورا من المفترض أنها منقولة من هاتف جندي. يظهر في الصور جندي ميت وأفراد من وحدته. وليس واضحا إذا كان العتاد والصور خاصة بنفس الجندي. فبعض التقارير تشير إلى أن جنود الوحدة الذين تم تصويرهم في الهاتف يتبعون إلى مجموعة متعاقدة (مرتزقة) وليس إلى القوات الخاصة الروسية.
عمان اليوم