لا يفتأ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، حتى عندما يتجنب ترديد معزوفته “الموت لأميركا”، على القول إن مفاوضات بلاده مع الولايات المتحدة والدول ال5 الأخرى تقتصر على ملفها النووي من دون أي ملف سياسي أو إقليمي آخر. لكن خطابه الأخير في مدينة مشهد، والذي جاء بعد يوم واحد من رسالة الرئيس الأميركي باراك أوباما المتلفزة للشعب الإيراني لمناسبة “عيد النوروز”، تضمّن الأمرين معاً. قال خامنئي في خطابه هذا: لا حديث مع أميركا إلا الحديث النووي، مع ذلك ف “الموت لأميركا”.
ولا مفاجأة هنا. فقد كان معروفاً منذ البداية أن إيران رفضت أن تبحث مع الدول ال6 في أي أمر سوى ملفها النووي، وفي مقابله رفع العقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية المفروضة عليها. لكن ما ينبغي التوقف عنده أنها، في أثناء هذه المفاوضات، لم تعمد فقط الى توسيع انفلاشها العسكري وتمددها السياسي في المنطقة، بل اختطت الى جانبهما سياسة الإعلان الرسمي عنهما أيضاً (كأنها تبلغ بهما المتفاوضين معها؟!) عشية أو بعد كل جلسة من جلسات التفاوض.
وليس خافياً أنه في الأشهر الأخيرة تحديداً، أي تحت مظلة المفاوضات مع الدول ال6، بدأ الكلام الإيراني غير المسبوق، بلسان رجال السياسة والدين كما بلسان القادة والضباط العسكريين، عن سقوط أربع عواصم عربية (بغداد، دمشق، صنعاء وبيروت) تحت سلطة “الولي الفقيه”، وعن تحرير 85 في المائة من الأراضي السورية بأيدي “الحرس الثوري الإيراني” والميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية التابعة له، وصولاً في المدة الأخيرة الى إعلان مستشار الرئيس الإيراني، علي يونسي، بعبارات لا ينفع فيها النفي أو التوضيح، عن قيام “الإمبراطورية الفارسية، وعاصمتها بغداد”، وبعده بأيام حديث قائد “فيلق القدس” اللواء قاسم سليماني عن وجود “عناصر” في الأردن تجعله مهيأ للانضمام في فترة لاحقة الى سلة النفوذ الإيراني في المنطقة.
وبغض النظر عن أسباب ما يمكن وصفه ب “اللهاث” الأميركي تحديداً لعقد اتفاق نووي مع إيران، فلا مبالغة في القول إن خامنئي استغلّ فترة المفاوضات بشأنه لتعزيز ما كان قد باشره منذ أعوام، لمدّ هيمنته الى كل بقعة في المنطقة يمكنه الوصول إليها. ولا حاجة هنا الى التذكير بأن ما كان يقوله سابقاً عن سورية، لم يكن يتجاوز الحديث عن “حماية المزارات الدينية” أو عن “خبراء” لتقديم المشورة الى ما يسميه “نظام الممانعة” فيها… الى درجة أنه بادل نحو ثلاثين من أفراد قواته كانت المعارضة السورية قد اعتقلتهم تحت اسم أنهم مجرد “حجاج” الى هذه المزارات. كذلك الحال بالنسبة الى العراق أو لبنان أو البحرين، إذ كانت الذريعة هي دعم المطالب الشعبية في هذه الدول، والإسراع الى نفي أية تهمة بوجود علاقة سياسية أو عسكرية مع “كيانات” مذهبية وميليشياوية يعرف العالم كله أن ايران هي التي أنشأتها وموّلتها وسلّحتها بمختلف أنواع الأسلحة منذ سنوات.
لماذا اختلفت الحال الآن، وتحديداً في الفترة الزمنية التي جرت فيها المفاوضات النووية بين إيران والدول ال6، فبات الكلام على أعلى المستويات من جهة، كما توزيع صور سليماني يقود المعارك على الجبهات من جهة ثانية، كما نعي ضباط وجنود قتلوا في الحرب في سورية والعراق من جهة ثالثة، رسمياً وعلنياً وموضع اعتزاز وتبجّح الى هذا الحد؟.
قد لا تكون لذلك علاقة مباشرة ب “المؤامرة”، وتحديداً منها الأميركية والغربية عموماً ضد العرب كما اعتاد البعض على القول (من دون تجاهل أهمية التساؤل عنها)، إلا أن ما لا شك فيه أن إيران استغلّت اللهاث الأميركي الى عقد اتفاق نووي معها لتحقيق هدفين اثنين في وقت واحد: أولهما، مواصلة التفاوض من مركز قوة، بل من أمر واقع جديد على الأرض، وثانيهما قبض ثمن مسبق لأية تنازلات قد تقدّمها في هذا المجال نفوذاً إقل%D
ولا مفاجأة هنا. فقد كان معروفاً منذ البداية أن إيران رفضت أن تبحث مع الدول ال6 في أي أمر سوى ملفها النووي، وفي مقابله رفع العقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية المفروضة عليها. لكن ما ينبغي التوقف عنده أنها، في أثناء هذه المفاوضات، لم تعمد فقط الى توسيع انفلاشها العسكري وتمددها السياسي في المنطقة، بل اختطت الى جانبهما سياسة الإعلان الرسمي عنهما أيضاً (كأنها تبلغ بهما المتفاوضين معها؟!) عشية أو بعد كل جلسة من جلسات التفاوض.
وليس خافياً أنه في الأشهر الأخيرة تحديداً، أي تحت مظلة المفاوضات مع الدول ال6، بدأ الكلام الإيراني غير المسبوق، بلسان رجال السياسة والدين كما بلسان القادة والضباط العسكريين، عن سقوط أربع عواصم عربية (بغداد، دمشق، صنعاء وبيروت) تحت سلطة “الولي الفقيه”، وعن تحرير 85 في المائة من الأراضي السورية بأيدي “الحرس الثوري الإيراني” والميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية والباكستانية التابعة له، وصولاً في المدة الأخيرة الى إعلان مستشار الرئيس الإيراني، علي يونسي، بعبارات لا ينفع فيها النفي أو التوضيح، عن قيام “الإمبراطورية الفارسية، وعاصمتها بغداد”، وبعده بأيام حديث قائد “فيلق القدس” اللواء قاسم سليماني عن وجود “عناصر” في الأردن تجعله مهيأ للانضمام في فترة لاحقة الى سلة النفوذ الإيراني في المنطقة.
وبغض النظر عن أسباب ما يمكن وصفه ب “اللهاث” الأميركي تحديداً لعقد اتفاق نووي مع إيران، فلا مبالغة في القول إن خامنئي استغلّ فترة المفاوضات بشأنه لتعزيز ما كان قد باشره منذ أعوام، لمدّ هيمنته الى كل بقعة في المنطقة يمكنه الوصول إليها. ولا حاجة هنا الى التذكير بأن ما كان يقوله سابقاً عن سورية، لم يكن يتجاوز الحديث عن “حماية المزارات الدينية” أو عن “خبراء” لتقديم المشورة الى ما يسميه “نظام الممانعة” فيها… الى درجة أنه بادل نحو ثلاثين من أفراد قواته كانت المعارضة السورية قد اعتقلتهم تحت اسم أنهم مجرد “حجاج” الى هذه المزارات. كذلك الحال بالنسبة الى العراق أو لبنان أو البحرين، إذ كانت الذريعة هي دعم المطالب الشعبية في هذه الدول، والإسراع الى نفي أية تهمة بوجود علاقة سياسية أو عسكرية مع “كيانات” مذهبية وميليشياوية يعرف العالم كله أن ايران هي التي أنشأتها وموّلتها وسلّحتها بمختلف أنواع الأسلحة منذ سنوات.
لماذا اختلفت الحال الآن، وتحديداً في الفترة الزمنية التي جرت فيها المفاوضات النووية بين إيران والدول ال6، فبات الكلام على أعلى المستويات من جهة، كما توزيع صور سليماني يقود المعارك على الجبهات من جهة ثانية، كما نعي ضباط وجنود قتلوا في الحرب في سورية والعراق من جهة ثالثة، رسمياً وعلنياً وموضع اعتزاز وتبجّح الى هذا الحد؟.
قد لا تكون لذلك علاقة مباشرة ب “المؤامرة”، وتحديداً منها الأميركية والغربية عموماً ضد العرب كما اعتاد البعض على القول (من دون تجاهل أهمية التساؤل عنها)، إلا أن ما لا شك فيه أن إيران استغلّت اللهاث الأميركي الى عقد اتفاق نووي معها لتحقيق هدفين اثنين في وقت واحد: أولهما، مواصلة التفاوض من مركز قوة، بل من أمر واقع جديد على الأرض، وثانيهما قبض ثمن مسبق لأية تنازلات قد تقدّمها في هذا المجال نفوذاً إقل%D