إحدى تفسيرات التحرش السياسي والإعلامي بالأردن في المراحل الأخيرة أن النظام السوري يرغب من القيادة الأردنية أن تساعده في فتح القنوات مع الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة، وهذه الاحتمال أو الخيار تعززه القناعات التي تحملها أطراف عديدة في المنطقة بما فيها المبعوث الدولي إلى سوريا بأنه لا حل سياسيا للأزمة السورية دون النظام السوري، وأيضاً لا حرب مكتملة ضد داعش والإرهاب دون النظام السوري، لكن هذه القناعة لا تحملها الإدارة الأمريكية ولا تركيا وأيضاً بعض الدول الخليجية التي ما زالت تؤمن بضرورة إسقاط نظام بشار الأسد.
والنظام السوري لا يريد أن يكون جزءاً من صفقة إيرانية أمريكية، أي لا يريد أن يكون جزءاً من تفاصيل الملف الإيراني، ورغم التحالف الحديدي بين إيران وسوريا والوقوف التاريخي من إيران ومن يتبعها إلى جانب نظام بشار إلى أن النظام السوري لا يريد أن يتحول إلى أحد بنود الملف النووي الإيراني، فهو يرى نفسه لاعباً مهماً في المنطقة، وأن صموده في وجه ما تعرض له حتى وإن كان بمساندة إيرانية إلا أنه إنتصار له ولا يريد أن يقطف ثمرته أي طرف، وبخاصة أن نظام بشار يرى أن الاعتراف من بعض الأطراف بأن أي حل سياسي لا يمكن تحققه دون وجود النظام، وأن الحرب على داعش التي تشغل العالم لن تحسم بشكل كامل دون مشاركة نظام بشار، هذا الإعتراف يراه النظام السوري انتصاراً سياسياً، وجزءاً من انتصار عسكري.
بشار الأسد يدرك أن القيادة الأردنية تحظى بحضور دولي، ومصداقية عالية، وأنها تملك رؤية عميقة لملفات المنطقة، وهو من الأطراف التي أزعجها تفوق القيادة الأردنية في إدارة ملف استشهاد معاذ رحمه الله، ويعلم النظام السوري جيداً الدور الهام الذي مارسه الأردن في ملفات إقليمية هامة مثل الملف المصري، والأبواب التي فتحها الأردن لبعض الدول الشقيقة في المجتمع الدولي، وهو يأمل أن يقوم الأردن بمساعدته في العودة إلى الحالة الدولية سواء من خلال ملف الحل السياسي للأزمة السورية أو من خلال ملف محاربة الارهاب.
النظام السوري يريد العودة للحالة العربية من خلال المجتمع الدولي والقوى الكبرى، ويريد أن يعود ليس باعتباره تابعاً لإيران بل باعتباره سوريا التي تملك أن تقدم للعالم خدمات في ملف الاٍرهاب وملف الحل السياسي للأزمة السورية، ولا يخطر على باله دولة تملك القدرة على الامساك بيده ومساعدته دولياً إلا الأردن ولهذا يمارس الكثير من الهجوم على الأردن في ملف تدريب المعارضة حتى بعدما أعلنت تركيا وأمريكا قبل أيام اتفاقهما على التدريب للمعارضة المعتدلة.
ربما هي الفوقية التي تجعل النظام السوري يطلب المساعدة من خلال الهجوم والاتهامات التي يعلم قبل غيره أنها غير حقيقية، وأن مشكلته الكبرى مع دول وجهات هي التي أغرقت سوريا بالسلاح والمقاتلين من كل العالم بل واستباحت الأرض السورية ولا يوجه لها النظام السوري أي اتهامات كما يفعل مع الأردن الذي يعلم النظام السوري الدور الإيجابي له في منع نار الحرب من الزيادة عبر حدوده.
إذا كان النظام السوري يطلب المساعدة والعون الأردني، فهناك طرق أخرى، وإذا كان أن يعود للمجتمع الدولي وحتى العربي عبر بوابته كسوريا وليس باعتباره من أتباع إيران وتفاصيل ملفها النووي، فهناك طرق أخرى، ومن كان في حاجة لمكانة دول أخرى فليكن متواضعاً وليس كما يحدث اليوم.
الرأي الاردنية
سميح المعايطة الاثنين 23-2-2015