بات الشمال السوري المحور الأبرز للصراع، وقد تحسم المعارك هناك مسار التغييرات المستقبلية في هذا البلد، وقد تحول إلى نقطة جذب لقوى دولية مختلفة.
فبعد روسيا والولايات المتحدة، ها هم الفرنسيون يشاركون في عمليات لدعم قوات سوريا الديمقراطية في هجومها على معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في بلدة منبج المهمة.
وفي السياق عينه، يصعّد الرئيس السوري بشار الأسد ويجدد موقفه الرافض للحل على أساس مبادئ جنيف، بينما يجتمع وزير دفاعه في طهران مع وزير دفاع روسيا وإيران لبحث محاربة ما يسمونه الإرهاب.
تصعيد الأسد هذه المرة لم يردعه سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين كما جرى في فبراير/شباط الماضي، وهذه ملاحظة أبداها الكاتب الصحفي السوري أحمد كامل وقال إنه لا تبدو فرصة للحل السياسي مع تغير الموقف الروسي الذي لم يرد على الأسد.
ومضى يقول لحلقة السبت (9/6/2016) من برنامج “حديث الثورة” إن روسيا فرضت وقفا لإطلاق النار والتزمت برفع الحصار، لكن أجندتها الآن تغيرت.
ومع ذلك خلص إلى أن الحرب التي تقودها لم تحقق أي نتيجة في حلب، وبينما “العراق العظيم” احتل في عشرين يوما فإن روسيا وإيران ومليشيات طائفية متعصبة لم تفلح في احتلال حلب منذ ثمانية أشهر.
الخلاف مع موسكو
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي الروسي يفغيني سيدوروف إن التزام روسيا الصمت على تصعيد الأسد لا يعني أنها تشاطره الرأي، مضيفا أن هناك خلافات مع سوريا، وموسكو تضغط على الرئيس السوري ليوافق على بعض الطروحات. أما وصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة فقد تم بجهود روسية بالدرجة الأولى.
ويمضي قائلا إن خلافات روسيا وإيران “ربما أكثر خطورة”، إذ لا تصغي موسكو للدعوة الإيرانية إلى زيادة وجودها العسكري في سوريا، كما أن ثمة محاولة لإيجاد تفاهمات وأرضية مشتركة مع الولايات المتحدة.
بدوره قال الخبير في النزاعات الدولية بجامعة جورج تاون في الدوحة إبراهيم فريحات إن اجتماع وزراء دفاع روسيا وسوريا وإيران يشير إلى أن فرص الحل تتضاءل.
ولفت إلى أن هناك أزمة إيرانية في الملف السوري، إذ إن روسيا أصبحت هي “الوالي”، وهي من تفاوض باسم سوريا، وهذا على حساب الدور الإيراني.
ورأى أن الدعوة إلى الاجتماع الثلاثي في طهران جاءت عقب لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أثار حساسية إيرانية.
وخلص فريحات إلى أن المعارضة السورية ليس لها سوى تقوية موقفها على الأرض، والدفع مجددا بالثورة السورية إلى صورتها الحقيقية، ثورةً على الاستبداد وليس “الحرب على الإرهاب”.
اقتحام منبج
من جانب آخر ناقشت الحلقة اقتراب قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي من اقتحام مدينة منبج, في ظل انهيار سريع لتنظيم الدولة استغلته المعارضة المسلحة في إعادة رسم خارطة السيطرة في ريف حلب الشمالي.
الباحث في المعهد الفرنسي للتحليل الإستراتيجي بيار بارتيلو تحدث عن دخول بلاده المشهد ميدانيا، فقال إن فرنسا تغيرت أولوياتها منذ هجمات باريس نهاية العام الماضي وبداية الحالي إلى إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة وليس رحيل بشار الأسد.
وأضاف أن باريس ترى أنه لا بد للأسد أن يغادر الحكم وألا تضمه في المستقبل أي مصالحة سياسية.
أما الخبير العسكري والإستراتيجي أحمد رحال فقال عن تغيرات المشهد العسكري في شمال سوريا إن ثمة صورة مغلوطة، فتنظيم الدولة انسحب من منبج دون قتال، أما الجبهة الحقيقية فهي في الجبهة الجنوبية في خان طومان والخالدية وما ينجزه فيها جيش الفتح.
وختم بأن المعارضة السورية تملك القدرة على مواجهة المخطط الإيراني والروسي، وأن الجيش الحر يستطيع قلب الطاولة، محذرا من أن دعم أميركا لقوات سوريا الديمقراطية سيضع المنطقة على فوهة بركان.
الجزيرة نت