لم يكن يدر في خلد احد السوريين ، ان تفقد سورية احد اهم جزء من ترابها الوطني ( الجولان ) الذي يضم اراض تبدأ من مائتي مترا تحت منسوب البحر ، الى قمة جبل الشيخ لثلاثة آلاف متر تقريبا ، هذه البقعة الجغرافية التي تحوي كنوزا عظيمة بما فيها وادي خالد ، وذكريات النصر على الروم ، وخزان مياه للجنوب السوري ، واستحكامات عسكرية صرف على انشائها شعبنا في سورية الجريحة ، دماءه وماله .
حرض ذاكرتي الصديق الاستاذ عقاب يحيا في كتابته عن الخامس من حزيران ، وتعرض فيها لنكستها ، وهزيمة دول الطوق ، والواقع ،بالنسبة الى جبهة الجولان لم تكن هزيمة ،بالمعنى العسكري ، وانما كانت خيانة مكتملة الاركان والمعالم
وحين اعلن ( المرحوم ) حافظ الاسد سقوط ( القنيطره) عاصمة محافظتها لم تكن قدم جندي واحد من قوات عصابة ( صهيون) قد وطئت ارض الجولان ، كما لم يكن قد حصل اي اشتباك بين جنودنا وجنود العدو ، ولقد سألت شخصيا عميدا في الجيش ضمن فريق وزير الدفاع الذي كان هو حافظ الاسد ، وكان الجميع يقبعون في مخبأ تحت الارض ما يطلق عليه ( بلوكوس) وهذا العميد من اسرة ( بركات ) فاجابني العميد المذكور بصحة هذه المعلومات ، وبان الاوامر صدرت الى الجيش بالإنسحاب كيفيا ، قلت له وكيف قبلتم على انفسكم هذه الخيانه ، اوليس كان من الاجدر بكم اطلاق الرصاص على ( المرجوم ) قال لي نعم كان هذا واجبنا ولكن لم نفعله !!
من المعروف ان العديد من المثقفين و ( المشايخ ) ورجال الاعمال قد عملوا بل ودعموا الخائن المجرم حافظ الاسد ونظام حكمه ، بل واختلطوا بهم وصاهروهم بالانساب ، وغير ذلك ، ونافق الكثير من ابناء شعبنا لهذا النظام ، ولافراده من مسؤولي الجيش و( الامن ) وقدم الكثير الرشا من اجل متاع الدنيا الزائل ، ونسينا القرآن الكريم الذي يحضنا على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله تعالى ( ولتكن منكم امة يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وكذلك حث الرسول للناس بالتصدي للحاكم بقوله ( سيد الشهداء حمزة ، ورجل قام الى امام جائر فامره ونهاه فقتله ) .
كتب الاخ الفاضل ( خليل مصطفى بريز ) كتابيه ( سقوط الجولان و ملفات الجولان ) اتهم فيهما حافظ الاسد بالخيانه ومع ذلك اختطف المؤلف من لبنان عام ١٩٦٨ ، عقب خيانة ( المرجوم ) في حين لم يسأل احد من السلطة او من خارجها وزير الدفاع عن ضياع الجولان ، وحكم على المؤلف ، خمسة عشر عاما بالسجن ، قضاها فعليا ، ثمان وعشرين عاما ، ولا ادري اذا كان لا يزال على قيد الحياة ، ارجو الله له المغفرة في كل حال
سال خياط ملابس ، احد العلماء : نحن نخيط اثواب الظلمة ، فهل نعتبر من اعوانهم ؟ فاجابه ، لا بل انت منهم ، ولقد ترك بعض المتعونين مع النظام ، ممن هم في موقع السياسة ، او من موقع الوظيفة ، تركوا التعاون مع النظام ( فانشقوا) عنه وهذا امر جيد ويحسب لهم ، ولكن فيما يتعلق باستلام اماكن قيادية في الثورة ، ينبغي علينا التفريق بين من تعاون على قمع المواطنين ( تعاون وثيق ) مع اجهزة القمع ، او انخرط ولا يزال في صفوف حزب البعث ، وفي العمل السياسي ففي رايي لا يجوز ان يتسلم هؤلاء قيادة في الثورة ، في حين نجد الان من كانو ينكلون بالمواطنين ، ولم يعلنوا توبتهم قد تقدموا الصفوف ، ويشكلون قيادات في احزاب ( معارضة) برزت ولا تزال في صفوف الثوره ، وكذلك من لا يزال في صفوف حزب البعث الذي مهد الطريق لاستمرار الخونة ، وتدمير المجتمع السوري ونشر الفساد .
ان في اعتماد امثال هؤلاء في صفوف الثوره من النواحي السياسية ، لا يمكن ان يخدم الثورة ، ولا ان يساهم في نجاحها.
كلنا شركاء