هل نحن من يحكم العادات والتقاليد أم أنها هي التي تحكمنا؟؟
لا تزال العادات والتقاليد هي التي تتحكم بحال المرأة السورية لتظهر كالتراث المتجذر لا يمكن للمجتمع السوري التخلي عنه بسهولة، فترتكب أفظع الجرائم بحق المرأة باسم العادات والتقاليد التي حلت مكان الأخلاق والدين فحدّت من حرية المرأة، لتطلق العادات والتقاليد العنان أمام سلطة الرجل.
تظلم المرأة حين يُسخط منها منذ ولادتها، تظلم المرأة حين تجبر على الزواج بغير موافقتها، تظلم المرأة حين تزوج لرجل مسن، وحين يحرمها الأهل من الميراث وحين يتزوج زوجها بأخرى دون إذنها وعندما يطلقها زوجها أو تصبح أرملة.
قليلات هن الفتيات اللواتي يرتبطن بالشخص الذي يحببنه، وكثيرات هن من حلمن بلبس ثوب الزفاف لشخص يحببنه لتزف لشخص آخر، وتصبح أحلامهن رمادية اللون، وتعاني أغلب النسوة من فرض العريس عليهن والتدخل بكل قرار شخصي يتعلق بهن، و الآباء هم من عزز فكرة التسلط لدى الذكور منذ نعومة أظفارهن.
مريم فتاة أجبرت على الزواج من ابن عمها، تقول: ” منذ أن كنت طفلة صغيرة فرض أبي علي الخطبة من ابن عمي، وأجبرني على الزواج به في عمر 14سنة، لأبدو مهمشة لا رأي لي ومجبرة أن أرقد في عش الزوجية لأفقس البيض بحسب اعتقادهم”.
“أكثر ما يستفذ الأعصاب ويؤلم القلب حين ترى ملامح الطفولة في وجه فتاة صغيرة حامل، فمسألة الحمل والولادة تشكل خطرا على حياة المرأة في سن مبكر، فكيف لها أن تعتني بمولودها وهي لا تزال طفلة”. هذا ما قاله أحد الأطباء المختصين بمشفى للتوليد، حيث يعتبر تسلط الأب والأخوة على الأخوات أمور متوارثة من زمن الأجداد حيث لا تزال بعض العائلات يرون أن الذكر القوي يحق له أن ينتهك حرية الأخت التي لا حول لها ولا قوة وعليها أن تنصاع لأوامره فذنبها أنها خلقت أنثى.
تقول هاجر فتاة لم يحالفها الحظ بالزواج لحد الآن، ” لا يمارس أخي التسلط على زوجته مثل ما يمارسه علي، فكل تحركاتي مراقبة بشكل دائم داخل البيت وخارجه، وعلي أن أقوم بكل الواجبات المنزلية وأي اعتراض مني سيعرضني للضرب المبرح”.
تلاحق العادات والتقاليد المرأة حتى المرأة المتعلمة فبعض صاحبات الشهادات يعلقن شهادتهن على جدار المطبخ بعد زواجهن، ومنهن من يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن فشهادتهن لن تشفع لهن، وبعضهم من يتجاهل رأيهن في أبسط الأمور التي تتعلق بهن وبعضهم من يقيد حريتهن خاصة في مسألة الخروج والدخول إلى المنزل.
تقول المحامية رهف:” لا أكره زوجي ولست ضد فكرة زواجه بأخرى، لكني أكره فكره في فرض ضرة علي دون إذن مني، كرهت استبداده وتهميشه واستخفافه برأيي، كان بالنسبة لي جزئي الثاني وسندي لكنه جرح قلبي حين استبدلني بأخرى ولكني مجبرة على الاستمرار معه بسبب أطفالي”.
أغلب الأسر في سوريا وخصوصا من ينخفض عندهم الوعي الديني والمستوى التعليمي، يحرمون المرأة من حقها في الميراث أو يقسموا لها قسمة أقل مما شرع لها حسب الشريعة الإسلامية، بحجة أن أهلها يصرفون عليها أو أنها ستعطي ميراثها لزوجها الغريب.
أم محمد تقول:” قسم أبي الميراث قبل موته ولكنه احتفظ بحق الانتفاع برزقه حتى الممات و اليوم بلغت من العمر 60 عاما ولم أنتفع بعد برزق أبي وماله على الرغم من حاجتي الماسة له”.
بعض النسوة اقتنعن بالعبودية واستسلمن للأمر الواقع وفضلن العيش في قيود الرجل وبراثنه ويعتبرن “الرجل رحمة ولو كان فحمة” على حسب المثل القائم. وبعضهن الآخر خرجن من صمتهن ليعلو صوتهن و يستنشقن عبق الحرية، فقد آن الأوان لتموت تلك العادات والتقاليد التي حجمت دور المرأة وهدرت حريتها.
لا يمكن لأحد أن يتجاهل دور المرأة الأساس في بناء المجتمع، ودورها في بناء سوريا المستقبل، فهي الأم والزوجة و الأخت و الابنة والمربية التي صبرت وعانت وضحت في سبيل استمرار الحياة، والوطن بحاجة الجميع المرأة والرجل، الطفل والشاب بدون استثناء.
سلوى عبد الرحمن
المركز الصحفي السوري