من ” على قدر أهل العزم تأتي العزائم”، إلى تهنئات العيد والتبريكات الرمضانية، وعرض صور المجندات الإسرائيلية على صفحته، واستشهاده بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، عبثا حاول المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي مع أول صاروخ أطلقه جيش الاحتلال على غزة بأول عيد الفطر هذا.
في سعي حثيث ومخطط له، وتغيير الانطباع العربي تجاه الجيش الإسرائيلي المحتل لفلسطين، الذي يسعى إليه الناطق الرسمي والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفخاي أدرعي عبر معرفاته الرسمية فى مواقع التواصل، بغرض محو الهوية العربية تجاه قضية فلسطين، قضية العرب الأولى منذ عام 1948، ذكرى أسوأ نكبة شهدت تهجيرا لشعب كامل من بلده، ليتوزع في مخيمات الشتات، ودول لجوء، محروم من حقوقه مدنية، وسرقة واضحة وعلى عينك يا تاجر.
من هو أفخاي أدرعي الناطق باسم الجيش الإسرائيلي؟
ينحدر أدرعي من حيفا المحتلة، مولده سنة 1982، جدته من ناحية أمه عراقية الأصل، درس أدرعي اللغة العربية والحاسوب، ما ساعده على مخاطبة جمهوره من العرب والتركيز على قضايا حسّاسة أراد إثارتها وإيصالها.
خدم في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وترأّس قسم الإعلام العربي، وأصبح المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، ليكون ثاني شخص يتقلد هذا المنصب في فلسطين المحتلة.
الظهور الأول
الظهور الإعلامي الأول لأفخاي كان في الحرب على غزة عام 2005، حيث خرج يبرر قصف المدنيين والأطفال بذريعة حماس، تماما كحجته غير المقبولة اليوم منذ بدء العدوان الثاني في أول أيام العيد مايو الحالي.
تتقاطع سياسة أفخاي الإعلامية مع كثير من سياسات دول عربية طبعت مع الاحتلال الإسرائيلي وتريد التطبيع. بل حتى تشابهت أقواله في تبرير القصف الجوي والصواريخ وهدم البيوت بذريعة حماس “الإخوانية” كما وصفتها، هذا الكلام كرره بعض من يسمون أنفسهم “دعاة”، كوسيم يوسف الأردني، المقيم في الإمارات. وللمفارقة، أن أفخاي قد أشاد بموقف يوسف اليوم بمنشور له على فيسبوك، معتبرا إياه من الدعاة الجيدين والوسطيين.
عام 2018 تعرضت قناة الجزيرة لانتقادات لاذعة من الشعوب العربية مرة ثانية.
استضاف الإعلامي السوري فيصل القاسم في برنامجه الشهير ” الاتجاه المعاكس” أفيخاي، في حلقة عن أخلاقيات الاحتلال الإسرائيلي. اتُهمت قطر وقتئذ بتمهيد التطبيع مع الكيان المحتل. ثم تكرر ظهور أفخاي مرات عدة. يخرج يبرر قتل المدنيين وقصفه، ويكرر على مسامع الناس مصطلحات كـ ” دولة إسرائيل” و “أرض الإسرائيليين”.
لا يفتأ أدرعي بمحاولات لإزاحة الكره بين العرب والإسرائيليين. يهنئ المسلمين في مناسباتهم الدينية كرمضان والأعياد الرسمية الأساسية. وينشر على حساباته صورا لمجندين عرب تطوعوا في جيش الاحتلال وهم يتناولون الإفطار مع إسرائيليين.
يعلم أدرعي محبة العرب للإسلام، فينشر آيات قرآنية وأحاديث نبوية، تحضّ على التسامح والتعايش مع الآخر. محاولا أن يظهر الاحتلال ككيان سلمي، ومحترم، وأن ينسى العرب قضية فلسطين المحتلة، ويستبدلوها بدولة إسرئيل، ليتقبلوا التعايش مع اليهود على مبدأ الدولتين بدولة واحدة حسب قرار رقم ، 242 هو قرار أصدره مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة في 22 نوفمبر 1967، وجاء في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة والتي وقعت في يونيو 1967، التي أسفرت عن هزيمة الجيوش العربية واحتلال إسرائيل لمناطق عربية جديدة.
وقد جاء هذا القرار كحل وسط بين مشاريع قرارات طرحت للنقاش بعد الحرب. وورد في المادة الأولى، انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير»
حذفت “أل” التعريف من كلمة “الأراضي” في النص الإنجليزي بهدف المحافظة على الغموض في تفسير هذا القرار وقتئذ. وإضافة إلى قضية الانسحاب فقد نص القرار على إنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمنا بإسرائيل دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التي اعتبرها القرار مشكلة لاجئين. ويشكل هذا القرار منذ صدوره صُلب كل المفاوضات والمساعي الدولية العربية لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي.
تبنى بعد ذلك اتفاق أوسلو سنة 1993 هذا الحل الذي أكدته منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل.
محاولات باءت بالفشل
في كل محاولة لأفخاي لتبرير القصف على غزة من خلال لوم المقاومة الفلسطينية حماس أنها السبب وراء ذلك، تنهال التعليقات الهائلة بالسب وبالشتم عليه، إضافة للتأكيد على هوية فلسطين وحقها الذي لا يموت. آلاف المعلقين من كل الدول العربية، يجمعهم حب فلسطين وتعظيم المسجد الأقصى. ينتقدون سياسة الاحتلال ومن لفّ لفيفهم من دول التطبيع ودعاتهم ومشاريعهم. فشل مشروع أدرعي الذي حاول بناءه منذ 2005 مع أول صاروخ أطلقته طائرات F16 على غزة. يظهر ذلك جليا في معرفاته الرسمية.
لن يستطيع أحد مسح هوية فلسطين من قلوب الشعوب العربية ولا من معتقادتهم تجاه الأقصى الشريف.
مقال رأي
محمد إسماعيل
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع