يبدو أن الإيرانيين لم يقدروا بشكل سليم حينما ظنّوا أن تدخلهم في الحرب السورية، لم يكن سوى نزهة قصيرة تتيح لهم تحقيق مصالحهم وأحلامهم العقائدية ومساندة حليفهم “بشار الأسد” لاستمرار انتعاش سلطته على الأرض السورية، فيما كشفت الأيام الأخيرة أنهم لم يجنون من الحرب السورية إلا مئات القتلى من أفراد الحرس الثوري والميليشيات الموالية لإيران، وخسارة فادحة في الأموال المنفقة على الحرب
كشف “مصطفى زهراوي” رئيس الشؤون الاستراتيجية في معهد الدراسات السياسية والدولية التابع للخارجية الإيرانية أن هناك معضلة في طهران لوضع استراتيجية للخروج من الحرب السورية وأشار أيضاً أن كفة النظام السوري تميل لصالح روسيا القادرة على حمايته في مواجهة أمريكا وإسرائيل
ليظهر السؤال المربك لإيران، هل سيدير “الأسد” ظهره لها ويقترب من روسيا أكثر؟
ربما موسكو استطاعت أن تحقق أهدافها في سوريا وستتجه لعقد صفقات مع واشنطن وربما مستقبلاً مع تل أبيب، فهي تشاطرهم الرأي بأن لا يكون لإيران وحزب الله قواعد عسكرية في سوريا على الحدود مع إسرائيل، ومع نظام الأسد الذي يقترب ممن يقدم له مساعدات أكبر تظهر معادلة جديدة على الساحة السورية من شأنها الميل لصالح روسيا لا إيران
ذاك ما أظهر التشاؤم الأكثر سوءاً بشأن إيران التي لا تملك استراتيجية تمكنها من الخروج من الصراع السوري المتأجج في المنطقة، بعد أن ظنت أن الحرب ستكون قصيرة الأمد، وأن العدو يتصف بالهشاشة والضعف الأمر الذي ما لبث أن تكشف تلقائياً وخالف التوقعات
أما موسكو الحليفة المنقذة بطيرانها الموالي لنظام الأسد والذي أنقذها عدة مرات من الانهيار بعد أن أوشك النظام على السقوط خلال أسبوعين فقط، وحدها من حقق أهدافها ويمتلك استراتيجية خروج تعظم مكاسبها اقليمياً ودولياً، والأكثر من ذلك كون موسكو تستطيع سحب جنودها وهم قلائل على الأرض وكذلك طائراتها
أما المعضلة الأكبر لإيران وجودها العسكري على الأرض وتدخلها الطائفي وربما الأخير هم السبب الأكثر أهمية، بالنسبة لها، مما يرجح خيار الغرق في المركب المثقوب خياراً عقائدياً واضحاً
وإن صح التعبير هناك مقولة ونظرة إيرانية ( بأن أفضل الحروب هي الحرب الدفاعية) لذلك نجد في سوريا أن إيران دخلت الحرب السورية بشكل متدرج، أي دون استراتيجية مسبقة ومحكمة منذ البدء لذلك لا توجد استراتيجية للخروج، تلك النظرة السائدة في السياسة الإيرانية لن تحصد الكثير من الأهداف
الإيرانيون لم يحسموا الأمر على الأرض السورية بينما الروس بتدخلهم حسموا الأمر لصالح الأسد وساهموا بقوة طائراتهم وصواريخهم القديمة منها والحديثة على وجوده في السلطة، فهل ستحظى بابتسامة الأسد دائماً
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد