لم تقتصر أضرار الحرب في سوريا على فئة معينة ولكنها شملت كافة الفئات العمرية ولا سيما الأطفال تلك البراعم الصغيرة والنساء فقد باتوا جميعهم تحت وطأة حرب لا ترحم، ما أدى لتعرضهم للعديد من الصدمات النفسية وأضرار جسدية، ترافقهم مدى الحياة, كيف لتلك الطفولة البريئة أن تتصدى بأجسادها الناعمة لآلة الحرب الثقيلة فكل من عاصرها يشكو آلامها وأضرارها.
فيما روت لنا الطفلة “مريم الخطيب” (9 أعوام) معاناتها وما تعرضت له ببراءة واضحة ورجفة في الصوت قائلة “لقد أجبرت مع أسرتي للهجرة خوفاً من الأهوال التي رأيناها، فقد شهدت خطف والدي من قبل جيش النظام وضربه وإهانته، عندما أذهب إلى السرير أخشى من مجيئهم… أنا خائفة منهم… أينما يتواجدون يكون هناك الكثير من الرعب والاعتقال والقتل.”
وأضافت ” أخاف منهم لأنهم يعذبون الناس بوحشية أمام أعيننا”.
ورغم فرارها من سوريا تحدثت “مريم” عن أزيز الطائرات التي لايزال صوتها مسموعاً في أذنها وخصوصاً عند حضورها للنوم، قائلةً “إن الأطفال بعمري أصبحوا يعرفون أصوات طائرات الميغ من أصوات المروحيات أو دوي قذائف الهاون والمدفعية، فذاكرتهم الغضة تمتص المعلومات”.
و هناك الكثير من الأمراض التي أصيب بها الأطفال دون سن ال12 منها القلق والخوف والتبول اللاإرادي وقد تعرض معظم الناس لصدمات نفسية بسبب هذه الحرب الهوجاء، فتعرض الإنسان لخطر مفاجئ أو رؤية مشهد مفزع أو سماع خبر مفجع، يتسبب في حدوث صدمة نفسية، نتيجة الضغط والمصدر الخارجي تتجاوز قدرة الإنسان على التحمل والعودة إلى حالة التوازن الدائم بعدها.
“حنان “أم سورية فرت مع عائلتها تحدثنا عن معاناتها بحزن وعيون دامعة و نبرة لا تخلو من الخوف وصوت يشوبه بكاء قائلة” كنت خاف من صوت الطيارة، حسو عم ينزل على جسمي مثل المية السخنة صار عندي فوبيا من أي صوت حتى لو سمعت صوت طبيعي متل سيارة و غيره….ارتعب وارجف ، وقت تطلع الطيارة ما أعرف وين بدي روح أحمل ابني واحضنوا، اتشنج و يتغير لوني وحتى لو ما كان في طيارة يضل صوتا بأذني وضل خايفة توقع البناية فوقي ما بقى قدرت فكر بشي إلا صوت الطيارة، عشت حالة رعب وفوبيا مو طبيعية وصرت عصبية كتير ما اتحمل كلمة حتى من طفلي حتى قرر زوجي أخذي إلى خارج سوريا لعله يتغير حالي ومازلت إلى الآن ارتعب عند سماعي أي صوت”.
تلك الاضطرابات العقلية التي تشكل فصلا آخر قاسيا من فصول الحرب السورية، والحالات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الدمار الذي سببته الحرب في سوريا تجاوز كثيرا ميدان القتال، والحالات النفسية التي نشهدها على أرض الواقع خير شاهد.
المركز الصحفي السوري –حنين حمادة.