لم تهدأ الساحة السياسية الأميركية منذ أن وصل دونالد ترامب إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية، ثم فوزه على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. ومنذ أن حمل رسميا لقب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، تتسع رقعة الجدل الذي يثيره دونالد ترامب يوما بعد يوم، بقراراته ومواقفه، حتى أن عددا من الأصوات الأميركية باتت تتحدث اليوم عن انهيار “الإمبراطورية العظمى”.
وتصدرت عدة مجلات وصحف أميركية تقارير تتحدث عن هذا “الانهيار”. فخصصت مجلة “ذي أتلنتك” في عدد سبتمبر – أكتوبر 2017، ملفا حمل تقريره الرئيسي عنوان “كيف سيقضي ترامب على العصر الأميركي”. وتصدرت غلاف المجلة صورة للبيت الأبيض وهو يغرق، فيما حمل التقرير الرئيسي صورة أخرى تظهر فيها خارطة متآكلة للولايات المتحدة الأميركية.
جاء التقرير بتوقيع إليوت كوهين الذي أشار إلى أن الأمور أسوأ بكثير مما هو واضح بالنسبة للأضرار الواضحة التي تسبب بها ترامب وأضرت بمكانة الولايات المتحدة العالمية. ويضيف كوهين أن ترامب ورث حالة من الفوضى، وقد تعمقت أكثر، حتى أن القادة الأجانب بدأوا في إعادة تشكيل التحالفات وتجاوز الولايات المتحدة وتقليص تأثيرها ودورها.
وفي تقرير آخر حمل عنوان “هل يدمر ترامب الرئاسة” كتب جاك غولد سميث أن ترامب يتعالى على سيادة القانون، ويدوس على قواعد معايير السلوك الرئاسي، ويسحب معه المؤسسات الحيوية للبلاد إلى القاع. وفي قراءة لعقل ترامب وشخصيته الاستثنائية توصل دان ماك آدامس إلى أن من أبرز سماتها: النرجسية وعدم المواءمة والعظمة.
وكتبت هيذر ديغبي بارتون، في مجلة صالون الأميركية، “ترامب لا يتصرف كرئيس جمهوري، لكنه لا يتصرف كرئيس ديمقراطي ولا حتى مستقل. هو لا يتصرف كرئيس على الإطلاق»، وتضيف ديجبي أنه كان يجب على الإعلام أن يتوقف عن محاولات وضع ترامب في قالب ليفهموه. فبينما يستمر هو في عرضه الديماغوجي الغريب، تعمل إدارته بأقصى سرعة لتطبيق أكثر أجندة جمهورية يمينية عنصرية في التاريخ، وهو لا يمانع ذلك طالما أنه ينال التقدير على ذلك.
وكان المقال الأبرز بإمضاء المؤرخ نايجل هملتون، ونشرته مجلة نيوستيسمان. وفيه أجرى تشخيصا للحالة الأميركية من عهد روزفلت إلى عهد ترامب. وتوقف عند مقارنة في غاية الأهمية بين ريتشارد نيكسون ودونالد ترامب، توضح طبيعة الرئيس الأميركي الخامس والأربعين من خلال تحليل نقاط التشابه بينه وبين الرئيس الأميركي السابع والثلاثين.
ينطلق نايجل هملتون، الزميل في كلية الدراسات العالمية والسياسية ومؤلف كتاب “قياصرة أميركا: حياة الرؤساء الأميركيين من فرانكلين روزفلت وحتى جورج بوش الابن”، من الحديث عن تأسيس الإمبراطورية الأميركية مشيرا إلى أن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة سعوا إلى تجنب مخاطر الملكية، وخاصة الملكية المطلقة، لذا جاؤوا بفكرة رئيس يكون في بعض النواحي له مطلق الحرية من أجل إنجاز الأمور، لكنه مقيّد في نواح أخرى. يرتبط الرئيس بالكونغرس في ما يتعلق بالقوانين والقضايا المالية، وخاضعا للمحكمة العليا في ما يتعلق بتأويل الدستور الأميركي عندما يكتب ويتم الاتفاق عليه. كما سيكون هناك حد للفترات الرئاسية وانتخابات جديدة كل أربع سنوات.
ومع وجود عدد من الانتكاسات (وكان هناك الكثير منها، وخاصة الحرب الأهلية) سارت منظومة الحكم بشكل جيد جدا، بالنسبة إلى أميركا، وبشكل ليس سيئا بالنسبة إلى بقية العالم. وبحلول الحرب العالمية الثانية، ومع تطوير القنبلة النووية كانت الولايات المتحدة فعليا مجبرة على أن تصبح إمبراطورية، في كل شيء ما عدا الاسم.
بسحب أميركا من الاتفاقيات الدولية فإنه يقوم بـ(أميريكسيت) وذلك لجعل أميركا عظيمة ثانية، ولكن (الصغيرة العظمى)
وبذلك أصبح من المهم التقيد بتطوير الرئيس فرانكلين روزفلت “نظاما عالميا جديدا”، خصوصا مع حصول ثمانية بلدان أخرى، غير أميركا، على الأسلحة النووية (وروسيا وفرنسا والصين وإسرائيل والهند وباكستان والمملكة المتحدة وكوريا الشمالية). لكن بفضل اقتصادها وامتداد قوتها العسكرية البحرية والجوية ظلت الولايات المتحدة قائدة المجموعة، فهي البلد الوحيد الذي يحظى باحترام عالمي لمثله الإنسانية واستعداده عند الضرورة للقتال مع شركائه في التحالف والدفاع عنهم بنشاط عند اللزوم (وحتى عندما لا يكون هناك لزوم كما يجادل البعض).
لماذا إذا يصر الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة على تفكيك هذا الإنجاز؟ يجيب هملتون على هذا التساؤل قائلا “توجد عوامل أعمق داخل أميركا وخارجها. وبوصفي كاتب سير ومؤرخا درس مؤسسة الرئاسة منذ أن أصبحت الولايات المتحدة ‘إمبراطورية’ من كل النواحي ما عدا الاسم، دعني أشير باقتضاب إلى البعض من هذه العوامل”.
طريق الانحدار
ليس ترامب من صنع الإمبراطورية الأميركية، فهو لا يعرف شيئا عن صنعها ولا يقرأ التاريخ وستسعده رؤيتها تنهار تحت ثقلها مثلما انهارت الإمبراطوريات البريطانية والفرنسية والهولندية. لقد أعجبه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) باعتباره يمثل تخلصا مقصودا لنوع المسؤوليات والمثل التي يحتقرها. وعن طريق انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقات الدولية والمعاهدات التجارية وما إلى ذلك، يقوم باعتزاز بتنفيذ “أميريكسيت”، وذلك “لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”، لكن باعتبارها “أميركا الصغيرة العظمى”.
يجري نقاش في العاصمة واشنطن وفي أماكن أخرى بخصوص مدى الحكمة من ذلك، لكن الانعزالية ليست جديدة في التاريخ الأميركي إذ رفض مجلس الشيوخ المصادقة على معاهدة فرساي أو قبول العضوية الأميركية في عصبة الأمم في سنة 1920. وبمساندة الكونغرس اختار وارن ج. هاردينغ وضع حد للتعريفات الجمركية المنخفضة والنزوع إلى السياسة الحمائية من التجارة الخارجية في بداية العشرينات، وبحلول العشرية التالية انخفضت التجارة العالمية بقرابة الثلثين. زيادة على ذلك، لما كانت البلدان الأوروبية تكافح ضد الفاشية والشيوعية أصبح الناخبون الأميركيون انعزاليين بشكل عميق وناهضوا الهجرة، تحت قيادة حركة أميركا أولا.
ولم يتغير الإجماع الأميركي إلا بحدوث هجمة بيرل هاربر وإعلان هتلر الحرب ضد الولايات المتحدة في ديسمبر 1941. وبالرغم من المرور بفترات ساخنة، اتبع رؤساء أميركا المتعاقبون (هاري ترومان، دوايت ايزنهاور، جون ف. كينيدي، ليندون جونسون، ريشارد نيكسون، جيرالد فورد، جيمي كارتر، رونالد ريغن، جورج بوش، بيل كلينتون) هذا السيناريو للنظام العالمي.
لكن مع الصعود الاقتصادي للصين ما بعد ماو تسي تونغ وسقوط الاتحاد السوفييتي وتفاقم الصراعات بين الشيعة والسنة والحروب المهلكة للطرفين في الشرق الأوسط (وفي الكثير من الأحيان يؤججها التدخل الأميركي المتهور) بدأ مفهوم النظام العالمي المستقر في التزعزع، وهو أمر حتمي، ولم يبقه على قيد الحياة غير منظمة الأمم المتحدة السبعينية وحلف الناتو المتهرم وإجماع أميركي متكون من حزبين عفا عليه الزمن يعبر عنه استعداد ملزم من الكونغرس وغالبية الناخبين لتحمل مسؤولية مطلقة تجاه الأمن العالمي، لكن القائد الأعلى الأميركي ليس له هذا الاستعداد.
زمن روزفلت
العامل الثاني الذي أدى إلى وصول ترامب هو الاقتصاد. ويذكر هملتون أن بيل كلنتون، خلال حملته الرئاسية، سنة 1992، كتب على الجدران وعلى الألواح في مقر حملة شعار “الاقتصاد، أيها الأبله”. وفي سنة 1992 لتذكير الموظفين بأن أكثر شيء كان الناس يريدون سماعه هو أفكاره عن النمو الاقتصادي وزيادة الأجور.
وفي سنة 1993 تبين الفشل التام لمحاولة كلينتون توفير الرعاية الصحية للجميع، لكن إجراءاته الاقتصادية وزيادة الضرائب على الأغنياء تحدت تحذيرات الجمهوريين من وقوع كارثة إذ ازدهر الاقتصاد الأميركي، وكان ذلك في معظمه بفضل زيادة وليس تخفيض التجارة الدولية والاتفاقيات التجارية.
لكن خلف المشاهد الاقتصادية كان الاقتصاد العالمي يميل لا محالة نحو البلدان الأخرى الأكثر سكانا التي تقدم يدا عاملة أرخص، وخاصة في آسيا، وقد فعل. وكان من شأن ذلك أن يؤثر على النظام العالمي لا محالة.
الفوائض التي حققها الرئيس كلينتون في التسعينات سرعان ما بذّرها خلَفه جورج و. بوش الذي تمثل رده على الإرهاب الإسلامي العالمي في محاولة استعراض للقوة العسكرية الأحادية في أواخر عهد الإمبريالية وربما مع الأمل في الحصول على المزيد من النفط. لم تنجح العملية ولم تسفر إلا على إفلاس الخزينة في واشنطن بينما وسعت منافستها الصين اقتصادها بلا حدود.
ليس ترامب من صنع الإمبراطورية الأميركية
وبتواصل الحربين في أفغانستان والعراق كانت أرقام الفواتير مستوجبة الدفع ترتفع، وأدى ذلك إلى تراجع الاقتصاد الأميركي، وعلى الرغم من محاولات باراك أوباما الانسحاب من الصراعات الأجنبية المكلفة ذات الطريق المسدود، أتى التحول الاقتصادي العالمي نحو آسيا بنتائجه المتوقعة في أميركا. وبما أن المداخيل لم ترتفع بالطريقة نفسها التي ارتفعت بها في العقود السبعة الماضية واقترب الازدهار الاقتصادي الأميركي من نهايته نظرا لمعاناته من دين وطني لا يمكن تحمله، لن يكن بوسع المركز الصمود أكثر.
“أقوياء معا”، كان ذلك هو أفضل شعار قدرت هيلاري كلينتون على الإتيان به ومن ثم تحالفت مع الدعاة الى حركة المثليين وثلة من المساندين من الفئات الأقل حظا، لكن لم يكن ذلك كافيا، على الأقل تبعا للنظام الانتخابي الأميركي، ووصل ترامب، المرشح الأقل حظوظا، إلى البيت الأبيض.
وينهي هملتون الحديث عن هذا العامل مشيرا إلى أنه في خضم هذه المتغيرات، لم يجرؤ أي من المرشحين على قول الحقيقة المرة بأنه لا يمكن جعل أميركا “عظيمة” ثانية لأن هذا الزمن ليس 1945، ولا 1955، ولا 1965، ولا السنوات التي تلت إلى نهاية القرن العشرين، مثلما حذر روزفلت في رسالة إلى الكونغرس في يناير 1944، بأن أميركا في حاجة إلى لائحة حقوق جديدة حتى لا يؤدي التفاوت الاقتصادي إلى تقسيم البلد، ولا يؤدي إلى “روح الفاشية”، مثلما جرى في أوروبا في الثلاثينات. ويقود هذا هملتون إلى الحديث عن شخصية الرئيس. وكان الكثير من علماء النفس أشاروا إلى أوجه التشابه بين دونالد ترامب وريتشارد نيكسون، على الرغم من اختلاف طفولتهما.
لكن لم يسمح لهم بقول أي شيء. لأن جمعية علماء النفس الأميركية التي تضم 37 ألف عضو أصدرت ما يعتبر أمر تكميم (قاعدة غولدواتر) في سنة 1973، بعد بضعة سنوات من تتبع عضو مجلس الشيوخ باري غولدواتر مجلة فاكت لتشخيصه على أنه غير مناسب لأن يكون رئيسا وربح القضية. ومن ذلك الوقت لم يسمح لأي عالم نفس منخرط في الجمعية بنشر محاولة تشخيص، أو تحذير للأداء العقلي لأي شخصية عامة حتى لا يجلبوا الازدراء لهذه المهنة.
ويقول هملتون إنه نظرا لعدم أهلية ترامب (وهي حقيقة معترف بها بشكل واسع) ليكون رئيسا أو قائد أعلى للقوات المسلحة، بحكم عدم استقراره، كان ذلك علامة فارقة في تاريخ السياسة لدى مؤسسة الرئاسة الأميركية. ومن ثم لجأ المراقبون إلى كتّاب السير الذين لا تقيدهم قواعد تكميم.
ترامب- نيكسون
يتلقى ريتشارد نيكسون حاليا أكبر قدر من الاهتمام في أميركا بما أن صعوبة التكهن بشخصيته وسلوكه الشاذ وازدراءه للمعايير الأخلاقية واستعداده ليجلب إلى نفسه قرار العزل من قبل الكونغرس، تجعله شخصا شبيها نوعا ما بالرئيس الحالي.
وأثبتت سجلات فتحت مؤخرا ما أكده هملتون ومؤرخون آخرون بأن نيكسون (الملقب “تريكي ديكي”) قام عمدا بتخريب محادثات باريس للسلام لإنهاء حرب فيتنام خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لسنة 1968، على أمل عقد الصفقة هو بنفسه إذا تم انتخابه هو رئيسا وليس هيوبرت هامفري.
من سخرية الموقف أنه مع نهاية رئاسته أصبح نيكسون مدفعا طليقا إلى حد جعل موظفيه (حسب الاعتقاد الرائج) ينزعون الشيفرات النووية من الحقيبة
وتم انتخاب نيكسون لكنه اكتشف أنه لا يستطيع عقد الصفقة مع ما تبع ذلك من عواقب مميتة لعشرات الآلاف من الفيتناميين والأميركان. طلب من وزير خارجيته هنري كيسينجر تصويره في المفاوضات مع الفيتناميين الشماليين على أنه “مدفع مسلح نوويا طليق” من أجل دفع العدو على التفاوض، لكن الحيلة لم تنجح.
ومن سخرية الموقف أنه مع نهاية رئاسته أصبح نيكسون مدفعا طليقا إلى حد جعل موظفيه (حسب الاعتقاد الرائج) ينزعون الشيفرات النووية من الحقيبة. أصبح نيكسون مهووسا بمعارضيه مستهدفا المحتجين الأفراد والخصوم وحتى علماء السياسة.
وبينما تتسرب أسرار حملة ترامب وسوء تصرف إدارته في ما يتعلق بروسيا، ويسعى محام عينته السلطات الفيدرالية للتحقيق في “روسياغيت”، تكرر ردات فعل الرئيس الخامس والأربعين ردات فعل الرئيس السابع والثلاثين. وتتضمن ردات الفعل هذه إصرارا يزداد تعمقا على الكذب وإيجاد مخرج له عن طريق التهديدات بما في ذلك طرد رئيس أف.بي.آي جيمس كومي، والتهديد بعزل المستشار الخاص في وزارة العدل المكلف بالتحقيق في المسألة، روبرت ميلر، والتهديد بطرد المدعي العام جيف ساشينس، وحتى التلميح بأنه سيعفو عن كل المتورطين عند الضرورة. (ادعى ريتشارد نيكسون في تصريحه لديفيد فروست بأنه ‘لما يفعلها الرئيس ذلك يعني أنها ليست غير قانونية’”).
ويقوم ترامب بإجراءات دفاعية عن طريق تعيين المزيد من الموظفين العسكريين للدفاع عنه سواء من خصومه وطاقم موظفين في البيت الأبيض أصبحوا في وضع فوضوي جراء عدم قدرته على توفير قيادة رئاسية متسقة. وفي بعض الأحيان بدا البيت الأبيض وكأنه روضة دون معلم فهو في حرب مع حزبه الجمهوري والكونغرس والاستخبارات والإعلام. كل هذا له أثر كبير على مكانة الولايات المتحدة في العالم.
وهناك رأي غير متفق عليه يقول إن ووترغيت ساهمت في وصول نيكسون إلى الانهيار العقلي. وبعد مضي ثمانية أشهر على عمل إدارة ترامب، هناك مؤشرات بأنه تم تحديد علماء النفس الممنوعين من التصريح بتشخيصاتهم، بعد أن انتابتهم مخاوف كبيرة حول السلوك الغريب للرئيس وبأن ترامب يمكن أن ينتهي به الحال إلى انهيار مماثل.
ويذهب نايجل هملتون إلى أبعد من ذلك، مشيرا إلى أنه وفي حال لم يعد ترامب رئيسا، قبل انتهاء ولايته سيخلفه نائب الرئيس الأصولي المسيحي مايكل ريشارد بنس، اليميني الموالي لحزب حفلة الشاي، والمناهض للحكومة الفيدرالية والمناهض لحصانة المهاجرين والمناهض للإجهاض والمناهض لبرنامج الرعاية الصحية، والمناهض لقوانين التدخين، والمناهض لحماية البيئة، والمناهض للتأمين الاجتماعي الفيدرالي، والمناهض لإصلاح الحملات الانتخابية والمؤيد لحرب العراق والمؤيد لأحكام السجن الدنيا الملزمة.
ويختم هملتون دراسته قائلا “احذر مما تتمناه، فقد تحصل عليه”، وهي مقولة قديمة من الأحسن أن نتذكرها وربما ندعو بأن يتمكن الديمقراطيون في ظل غياب الأفضل من إيجاد نسخة جديدة من جون ف. كينيدي: زعيم يلهم مواطنيه الأميركان بلم الشمل وليس التفرق والتأقلم مع حقائق العالم الحديث وليس الهروب منها، سواء كانت بيئية أو اقتصادية أو علمية أو سياسية، وللسعي وراء مساواة أكثر وليس أقل. والعمل مع، وليس ضد، حلفاء أميركا القدماء مثل الناتو لتأمين أمن العالم.
قد لا يحدث ذلك فعلا، على الأقل على المدى القصير، إلا أن ذلك لا يعني أن المسؤولين على صناعة السياسة الأميركية لم يأخذوا هذه التشخيصات والمقارنات في الحسبان. ويرصد هملتون مقاومة متزايدة في كامل أرجاء البلاد ضد أجندة ترامب التدميرية تجاه نظام الرعاية الصحية والبيئة والطاقة والتعليم والبحث وسياسات الهجرة.
وتعتبر الكاتبة هيذر ديغبي بارتون أن ما صدر مؤخرا عن ترامب من تصرفات وقرارات “معقولة” خصوصا قرار وافق على رفع سقف الدين وتمرير حزمة مساعدات طارئة، بمساعدة الديمقراطيين هي نتيجة صفقة مدبرة من قيادات الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لمواجهة تجمع الحرية الذي كان يستعد لإثارة المشاكل ودفع البلاد نحو أزمة اقتصادية. وقد يتكرر الأمر مع مواقف أخرى لتجنب انحدار “الإمبراطورية” الأميركية.
العرب