ربما كانت لأهازيج احتفالات السوريين بذكرى الثورة وقع خاص على آذان المجتمع الدولي هذه المرة، فهو على غير عادته في السنوات الماضية التي ألفنا من جانبه التجاهل والتهميش واعتبار الذكرى حالة سورية خاصة، يستعرض فيها السوريون “فلكلور” مآسيهم وأحبابهم الذين فقدوهم ثم يطوي النسيان والإهمال الدولي الذكرى وأصحابها.
ولكن مع هذه المرة اختلفت الأمور وأصبح لذكرى الثورة حضور وتضامن دولي غير مسبوق، فقد أصدرت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة بياناً مشتركاً بمناسبة الذكرى الحادية عشرة “للصراع” في سوريا، نددت فيه بدور روسيا وقالت: إن “تزامن ذكرى هذا العام مع العدوان الروسي المروع على أوكرانيا والذي يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة يسلط الضوء على سلوك روسيا الوحشي والمدمر في كلا النزاعين”.
إذاً المتغير هذه السنة هو تزامن احتفالات الثورة مع الغزو الروسي لأوكرانيا وحالة التضامن الدولي الغربي مع الشعب الأوكراني، والذي استدعى سياسياً الحالة السورية لتشابههما إلى حد كبير، فمن ناحية لا يوجد غموض أو لبس في أحقية مطالب الشعب السوري وثورته ويوازيها صوابية موقف الشعب الأوكراني الذي يدافع عن أرضه ضد المحتل الروسي، كما أن المجرم في كلا الحالتين واحد يستخدم الأساليب الوحشية ذاتها من قصف للمدن وتهجير سكانها.
ربما من الدوافع التي حركت الغرب ليس اكتشافه بعد إحدى عشر عاماً أن نظام الأسد مجرم ويستحق العقاب، بل لأن النظام قرر الوقوف -كما هو متوقع منه كنظام وظيفي- مع أسياده وأصحاب القرار الفعلي وهم الروس في مواجهة رأي عام عالمي جامع، إذ كانت سوريا وكوريا الشمالية وروسيا البيضاء وإريتريا هي الدول الوحيدة التي خرقت الإجماع الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرار إدانتها للعدوان الروسي على أوكرانيا.
وبغض النظر عن تحليل الدافع الذي حرّض الغرب على الالتفاف فعلياً للقضية السورية، فيجب على القوى الثورية أن تستفيد من هذه الحالة وتعيد انطلاقة الثورة من جديد وتعريف العالم بعدالة مطالب الشعب السوري ومظلوميته، مقابل نظام الأسد الذي ظهر جلياً أنه يسير بعيداً عن حركة المجتمع الدولي وقيمه الإنسانية، بل تتوارد الأنباء عن مشاركة عناصره في القتال إلى جانب روسيا على الأراضي الأوكرانية، مما يجعله طرفاً في الصراع مباشرة مع المجتمع الدولي، يضاف إلى ذلك تفكك النظام اقتصادياً وانهياره المتسارع بعد العقوبات المفروضة عليه بسبب قانون قيصر، وإصابته بشظايا العقوبات الغربية الموجهة إلى الاقتصاد الروسي .
نحن أمام فرصة تاريخية فهل نحسن استغلالها؟
محمد مهنا – مقالة رأي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع