أعلنت الأمم المتحدة الأسبوع الفائت عن تمكنها من الوصول لكافة المناطق المحاصرة في سوريا والبالغ عددها 18، وإدخال المساعدات الإنسانية إليها خلال العام الحالي.
وأتى إعلان المنظمة الأربعاء الفائت عقب إدخال مساعدات طبية وغذائية لمدينتي زملكا وعربين المحاصرتين بغوطة دمشق الشرقية، بواسطة قافلة مشتركة بين الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري.
وتقدر الأمم المتحدة وجود نحو خمسة ملايين شخص يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها داخل سوريا، منهم حوالي نصف مليون محاصرين من أطراف النزاع المختلفة ضمن مناطق منها مخيم اليرموكجنوب دمشق ومضايا وداريا وبلدات بالغوطة الشرقية في ريف دمشق وحي الوعر بـحمص وهي مناطق يحاصرها النظام السوري، وبلدتا كفريا والفوعة بريف إدلب والمحاصرتان من قبل فصائل المعارضة المسلحة، ودير الزور شرق البلاد والتي يحاصرها تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي الوقت نفسه، قدرت منظمات غير حكومية ومنها جمعية “باكس” الهولندية و”معهد سوريا” الأميركي وجود أكثر من مليون سوري تحت الحصار في 46 بلدة سورية بدمشق وريفها وحمص ودير الزور وإدلب ومعظمهم محاصر من قبل النظام، وذلك ضمن تقرير صدر في فبراير/شباط الفائت.
ومنذ مطلع العام الحالي، وصلت مساعدات الأمم المتحدة الطبية والغذائية لعشرات آلاف المحاصرين والذين يفتك بهم الجوع والمرض في مدن وبلدات منها مضايا وداريا والمعضمية بريف دمشق الغربي، وكفربطنا وحرستا وزملكا وعربين بغوطة دمشق الشرقية، وحي الوعر بحمص، وكفريا والفوعة بريف إدلب، إضافة لوصول مساعدات لمئات آلاف السكان في مناطق “يصعب الوصول إليها” كجيرود وقدسيا بريف دمشق وعفرين بريف حلب.
جهود ميدانية
ورغم الجهود الميدانية والتفاوضية والتي تبذلها المنظمة الدولية لمساعدة أكبر عدد ممكن من المتضررين داخل سوريا بسبب الحرب التي دخلت عامها السادس، فإن كثيرا من سكان وناشطي المناطق المحاصرة يعتقدون بأن الاستجابة الإنسانية للكارثة التي يعيشها ملايين السوريين منذ سنوات لا تزال قاصرة عن منعهم من الموت جوعا ومرضا كما حدث في مضايا ومخيم اليرموك والمعضمية وغيرها.
ففي حديث للجزيرة نت، يرى براء أبو يحيى الناشط إعلامي بمدينة عربين بغوطة دمشق الشرقية أن تدخل الأمم المتحدة لمساعدة المحاصرين في سوريا ما هو إلا “نقطة في بحر حاجات المناطق المحاصرة”.
فالقوافل التي دخلت مدينتي عربين وزملكا لأول مرة منذ عام 2012 -حاملة معها مواد طبية وغذائية ولوجستية- لا تكفي سوى ربع العوائل الموجودة في البلدتين والتي يقدر عددها بحوالي عشرة آلاف عائلة، وفق الناشط الإعلامي الذي كان شاهدا على دخول قوافل المساعدات منذ حوالي أسبوع.
ووفق تأكيدات أبو يحيى -الذي يعمل بالمكتب الإعلامي الموحد بمدينة عربين- يعيش معظم المدنيين في الغوطة الشرقية حالة مزمنة من البطالة والفقر الشديد بسبب الحصار المفروض عليهم من قبل قوات النظام منذ أكثر من أربعة أعوام، الأمر الذي يبرز الحاجة الماسة لفك الحصار، والإدخال المنتظم للمساعدات، دون الاكتفاء بمرة واحدة فقط.
مأساة إنسانية
ولا يختلف الوضع في المدن والبلدات المحاصرة غرب العاصمة، حيث تعيش أكثر من ثمانية آلاف عائلة حصارا مطبقا في بلدة مضايا القريبة من الحدود السورية اللبنانية، والتي تحاصرها حواجز النظام السوري وحزب الله اللبناني منذ حوالي عام، مما أدى لتفاقم المأساة الإنسانية لسكانها.
ورغم دخول المساعدات الأممية إلى البلدة عدة مرات كان آخرها منذ أكثر من شهرين، فإن شبح الجوع والمرض لم يبتعد عن أهلها، حيث حصد حتى الآن أرواح أكثر من ثلاثين من سكانها، معظمهم من الأطفال والشيوخ.
ويؤكد أحمد عبد الوهاب -وهو أحد ناشطي البلدة، للجزيرة نت- بأن مساعدات الأمم المتحدة ورغم مساهمتها الجزئية في تخفيف معاناة السكان فإنها مجرد حل مؤقت لمساعدتهم على البقاء على قيد الحياة.
ومع وصول سعر الكيلوغرام الواحد من حليب الأطفال إلى مئة دولار داخل مضايا، ومع وجود عشرات المصابين المحتاجين لعلاج فوري بالمشافي، فإن الحل الوحيد لمعاناة المحاصرين -كما يرى عبد الوهاب- هو فك الحصار، وليس بمساعدات لا تكفي سوى لأيام معدودة.
الجزيرة نت