“قد نسامحهم كثيراً و لكن سيأتي يوم لا نستطيع فيه حتى سماع أعذارهم”، هذه مقولة إحدى العاملات في مشغل متواضع تابع لإحدى الجمعيات الخيرية في محافظة إدلب، رغم بساطة العاملة إلا أنها استطاعت كشف حقيقة تلك الجمعية، حيث كشفت حادثة اختلاس راتبها ورواتب زميلاتها بعد تحرير مدينة إدلب في أواخر مارس العام الماضي.
جمعية خيرية اجتماعية ترعى الأيتام، وتساعد العائلات الفقيرة وذوي الاحتياجات الخاصة، كانت تعتمد في مواردها المالية على تبرعات المحسنين وأصحاب الأموال، ولها عدة نشاطات من بينها إنشاء مشغل تعمل فيه نساء فقيرات بحاجة ماسة للعمل من أجل تحصيل “لقمة العيش”، تشكل كادر العاملات حوالي عشرين امرأة كلهن بسيطات كما يقال “درويشات”، منهن من يعمل بالخياطة رغم سوء أنواع الماكينات، ومنهن أصبحن يحضرن الأطعمة وبعض الحلويات لبيعها لصالح الجمعية باسم مشغل ينمي أموال الأيتام المسجلين لديهم.
بعد مرور عدة أشهر من افتتاح المشغل عام 2013م، فوجئن بقلة راتب العاملة حيث كان لا يتعدى 2000 ليرة في الشهر الواحد، فكن يتوقعن أن يكون الراتب بحدود المعقول وثابت بشكل شهري، لكن “بعد إعداد حسابات الشهر المالية وأخذ قسم منها ليوضع في حساب الأيتام لم يبقى إلا القليل منها، مما أدى لتناقص عدد العاملات إلى خمسة عشر.
ولزيادة التبرعات للأيتام تم تسليط الضوء إعلاميا من قبل النظام وتم ذلك عن طريق قناة “الدنيا”الموالية للنظام، فجاء الدعم المالي عن طريق المنظمات العالمية حيث تم تحديد رواتب للعاملات بالمشغل والعاملين في مبنى الجمعية الخيرية، بالإضافة لمنحهن بطاقات شخصية تعريفية بطبيعة العمل، وبدأ القائمون على الجمعية بوضع الأموال في البنك، “وتلك الطامة الكبرى”حيث أن العاملات لم ينلن أي مبلغ مالي، رغم الدعم وحرّص القائمين على ذلك بالتعتيم الكلي على الأمور المالية.
ناشدت العاملة الفقيرة ومن معها بتحسين الأجور لكن “عبس لمن تنادي” في كل شهر يمضي على عملهن ولسان حالهن يقول “لن نسامحكم”.
وأخيرا حررت المدينة من قبل الثوار، ونزح أهالي تلك المدينة لعدة أشهر ثم ما لبس أن عادوا لمنازلهم، بعد أن تضررت جراء قصف النظام وأحدث فيها أضرار مادية جسيمة، لتكن المفاجأة الكبرى أن الجمعية كانت تضع في بنوك النظام مبلغا وقدره 55 مليون ليرة سورية!، وطبعاً جاءت الأعذار لتجميد تلك الأموال مع العلّم أن اليتيم المسجل لديهم لم يكن يتقاضى شهرياً سوى 1500 ليرة سورية وعاملات المشغل أجرهن على الله.
وكانت أعذارهم، “كانوا سيقيمون مشاريع خيرية وهم قائمون بمشروع ضخم وهو متعلق بمياه المدينة و……..”.
لقد انكشفت الحقائق وأن كل عاملة في ذلك المشغل كان يجب أن تتقاضى أجرا لا يقل عن 45 ألف ليرة سورية شهرياً، طبعاً كانوا يحصلون بأسمائهم على دعم بالدولارات، “لن نسامحهم مهما كانت أعذارهم ، نشكوهم إلى الله” ، تلك هي صرخاتها وصرخات من كنّ يعملنّ في ذلك المشغل الفقير، أين نحن من قول رسولنا الكريم أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه؟، نحن في زمن يقال فيه للمستضعفين “إلكم الله”.
بيان الأحمد
المركز الصحفي السوري