بعدما نجحت السعودية خلال ولايتَي الرئيس السابق الشيخ أحمد الجربا والحالي المهندس هادي البحرة في منع سيطرة المَدّ الإخواني على الائتلاف، ها هو نفوذ الإخوان المسلمين يتصاعد، وقد تجلّى ذلك بقوة في إعادة تكليف الدكتور أحمد طعمة رئاسة الحكومة الموقتة، بعد مفاوضات ماراتونية وتأجيل العملية الانتخابية مرات عدة.
فخلال انتخابات رئاسة الحكومة الموقتة الشهر الجاري، حشدَت كلّ من تركيا وقطر كلّ إمكانياتهما في سبيل فوز مرشحهما، حتى أنّهما لم تتورّعا عن دفع الأموال إلى كتلة المجلس العسكري المُقال، والبالغ عددها 15عضواً، مقابل التصويت لمصلحة طعمة، علماً أنّ رئيس الائتلاف قد سبق وحلّ المجلس العسكري، وبالتالي ما قامت به هذه الكتلة إعتُبر تحدياً للبحرة وانتهاكاً لانتظام سَير عمل مؤسسات الإئتلاف.
الكتلة الديمقراطية نفسها، التي يمثّلها البحرة، لم تصوّت لمصلحة طعمة، فيما امتنع ممثّلو المجلس الوطني الكردي عن التصويت وانسحبوا من الجلسة.
واللافت أنّ الحكومة الموقتة، والتي طرح أعضاء الائتلاف الثقة بها في 23 تموز الماضي بعد تصويت 66 عضواً على عدم استمرارها بشكلها السابق، يعود طعمة إلى رئاستها بـ63 صوتاً.
في المقابل، اكتفت السعودية والإمارات بالدعم اللفظي، ولم تُبادرا إلى مساعدة الائتلاف في الأعباء المترتّبة عليه من مصاريف تنظيمية إلى وحدة تنسيق الدعم والجيش السوري الحرّ، تاركةً الساحة لتركيا وقطر.
حتى أنّ بعض أعضاء الاتئلاف بدأوا يتململون، وقد اضطرّوا إلى التصويت لمصلحة طعمة خوفاً من أن يتعرّض الاتئلاف لشَلل في عمله، في حال نفّذت أنقرة والدوحة تهديدهما بقطع الدعم المالي، مع أنّهم في قرارة أنفسهم يتوجّسون من «سَطو» الإخوان على المجلس، ولكن لا حول لهم ولا قوة.
لكن هل يعني ذلك استسلامهم؟ وهل هناك خطوات تصعيدية قد نشهدها في الأيام المقبلة؟
حتى الساعة، لا يبدو أنّ قسماً كبيراً من أعضاء الائتلاف سيُسلّمون بما أفرزته انتخابات رئاسة الحكومة، وهم يُعدّون العدّة لمعركتهم الجديدة، إذ انهم يَنوون الطعن في تشكيلة الحكومة التي يعدّها طعمة في الوقت الراهن.
وفي نظر مصادر مطّلعة، يبدو أنّ عدداً من أعضاء الائتلاف سيحجبون الثقة عن الحكومة، وإذا نجحوا في تقديم الطعن في ثلث أعضائها، سيوجّهون ضربة قاضية إليها ويسقطونها.
في نهاية المطاف، لا يمكن لمَن يتابع مجريات الأمور داخل أروقة الإئتلاف إلّا أن يتساءل: هل ستقبل الرياض بما آلت إليه الامور أم أنّها ستعود إلى انتزاع المبادرة قبل فوات الآوان؟