فيما بدا أنها رسالة واضحة لتحجيم حضور وصلاحيات ولي العهد السعودي محمد بن نايف وزير الداخلية، واستمرارا بدفعه للبقاء في زاوية “الظل السياسي” أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز صباح اليوم السبت، أمرا ملكيا بتحويل “هيئة التحقيق والادعاء العام” التابعة لوزير الداخلية إلى “نيابة عامة” ووضعها تحت إشراف سلطات الملك، وإزاحة مدير الأمن العام وإحالته للتقاعد.
وبُرر القرار الملكي بحسب وكالة الأنباء السعودية “واس” لـ”ضمان استقلاليتها تماشيا مع القواعد المتبعة في معظم دول العالم، وتحقيقا لمبدأ الفصل بين السلطات”.
ورأى مراقبون في القرار الملكي استمرارا لنهج تحجيم صلاحيات واختصاصات ولي العهد الأمير محمد بن نايف، الذي يعيش مع ولي ولي العهد محمد بن سلمان “نجل الملك” حالة تنافس غير مسبوقة للاحتفاظ بكرسي ولاية العهد.
وفتح تصدر ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (32 عاما) واجهة الحدث السياسي للمملكة العربية السعودية “تصريحا وزيارات وحراكا داخليا وتمثيلا خارجيا” وتحديدا في ظل الأزمة الخليجية مع قطر، باب التساؤل عن وجود وموقف وتحرك ولي العهد محمد بن نايف الذي بدا غائبا أو هكذا يراد، في مرحلة هي الأدق بتاريخ دول الخليج والمنطقة ومستقبل كرسي الملكية الموعود بالجلوس عليه “كولي للعهد” حتى هذه اللحظة.
وباتت أوساط سياسية وصحافية تتحدث بصوت عال عن أسباب غياب بن نايف عن مشهد السخونة مع قطر، وفيما إذا كان يمتلك موقفا مغايرا لما بات يسمى بطغيان حضور وتربع ولي ولي العهد ابن عمه محمد بن سلمان على سدة الدفة السياسية للمملكة.
ونص الأمر الملكي الخاص بـ”النيابة العامة” على تبعيتها للملك مباشرة واستقلاليتها الكاملة، ومنع التدخل في أعمالها، وتكليف هيئة الخبراء في مجلس الوزراء بمراجعة نظام “هيئة التحقيق والادعاء العام”، واقتراح تعديل ما يلزم منها خلال فترة لا تتجاوز 90 يوما.
وشملت القرارات إعفاء الشيخ محمد بن فهد بن عبد الرحمن العبد الله العريني، رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام من منصبه (كان تابعا لوزير الداخلية محمد بن نايف)، وتعيين الشيخ سعود بن عبد الله بن مبارك المعجب نائباً عاماً بمرتبة وزير (أصبح تابعا مباشرة للملك).
وأكد المستشار القانوني نبيل هادي ملحان لصحيفة “عكاظ” السعودية أن النيابة العامة أصبحت مسؤولة عن جميع المخالفات القانونية بما فيها الجزائية والأحوال الشخصية والقضايا التعزيرية، وليس فقط المخالفات التي تتبع وزارة الداخلية.
وأكد ملحان أن أهم ما سيلمسه المواطنون من هذا الأمر هو الحياد، إضافة إلى اطلاع الملك على كل القضايا التي ستنظر فيها النيابة وفي المحاكم، وذلك لأن مرجعية النيابة تعود مباشرة إلى الملك، وهو ما سيزيد نسبة الثقة لدى المواطنين، على عكس المعمول به سابقًا بأن ترفع من هيئة التحقيق والادعاء العام إلى وزارة العدل ثم ترفعها العدل إلى وزير الداخلية الذي بدوره يحيلها إلى الملك.
كما شملت القرارات إنهاء خدمة الفريق عثمان بن ناصر المحرج مدير الأمن العام بإحالته إلى التقاعد، وترقية اللواء سعود بن عبد العزيز هلال إلى رتبة فريق، وتعيينه مديراً للأمن العام.
إلى ذلك، تضمنت الأوامر الملكية تعيين عبد الحكيم بن محمد بن سليمان التميمي رئيساً للهيئة العامة للطيران المدني بمرتبة وزير، وسهيل بن محمد بن عبد العزيز أبانمي محافظاً للهيئة العامة للزكاة والدخل بالمرتبة الممتازة، وفيصل بن عبد العزيز بن لبده مستشاراً بالديوان الملكي برتبة فريق أول، والدكتور عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الحامد مديراً لجامعة الأمير سطام بن عبد العزيز بالمرتبة الممتازة.
عربي 21