كشفت دراسة علمية جديدة أن العصور الجليدية التي عاشتها الأرض خلال المليون سنة الأخيرة انتهت عندما اقتربت زاوية ميلان محورها من حدها الأقصى.
ويقول الباحثون إن فصل الصيف في تلك الحقبة أصبح أكثر طولا وأشد حرارة، مما سمح بإذابة الصفائح الجليدية الكبيرة في نصف الكرة الشمالي، ودفع مناخ الأرض إلى حالة دافئة “بين جليدية” مثل تلك التي نشهدها حاليا وبدأت قبل حوالي 11 ألف سنة.
أسئلة تبحث عن إجابات
شهدت الأرض منذ القدم -كما أثبت العلماء- العديد من الفترات الجليدية، منها ثلاث فترات جليدية مهمة خلال المليون سنة الأخيرة، إضافة إلى عدد من الفترات الجليدية الصغيرة.
ورغم الجهود التي يبذلونها لمعرفة أسباب حدوثها فإن العديد من الأسئلة ما زالت دون إجابة، مثل تلك المتعلقة بالأسباب التي تؤدي إلى انتهائها، ومتى يمكن أن نتوقع فترة جليدية جديدة.
وفي الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة ملبورن في أستراليا وجامعة كامبريدج في بريطانيا والمعهد البرتغالي للبحار والغلاف الجوي ونشرت في مجلة “ساينس” العلمية في 13 مارس/آذار الحالي، يقول العلماء إن ميلان محور الأرض يلعب دورا أساسيا في هذه العملية.
يذكر أن ميلان محور دوران الأرض حول نفسها -بالنسبة للعمود على مستوى الدوران الذي تدور فيه الكواكب حول الشمس- يبلغ حاليا حوالي 23 درجة، وهو يتغير باستمرار، كما أنه يحدد مدد الفصول الأربعة في شمال الكرة الأرضية وجنوبها.
وفي الدراسة الجديدة بشأن التأثير المستمر لميلان محور دوران الأرض على إنهاء العصر الجليدي خلال فترة الانتقال إلى العصر البليستوسيني الأوسط التي حدثت بين 1.2 مليون و700 ألف عام، اقترب الباحثون من حل بعض الغموض بشأن سبب انتهاء العصور الجليدية من خلال تحديد زمن نهايتها.
فقد أثبتوا أن مستويات الطاقة المتأتية من الأشعة الشمسية في الصيف عندما بدأت مرحلة “إنهاء العصر الجليدي” قد حددت المدة التي استغرقتها الألواح الجليدية للذوبان، فكلما كانت مستويات الطاقة أعلى كان انهيار الكتل وذوبانها أسرع.
تزامن نهايتين مع ميلان أقصى
جمع الفريق بيانات من الصواعد الإيطالية، وهي تكونات كربونات الكالسيوم التي تنتصب على أرضية الكهوف من جراء تقاطر المياه المعدنية عبر زمن طويل، أي إنها تدل على فترة حدوث ذوبان الجليد، مع معلومات من رواسب المحيطات التي تم حفرها قبالة ساحل البرتغال.
ويقول الأستاذ المساعد في جامعة “ملبورن” راسل درايسدال “جمع الزملاء من جامعة كامبريدج والمعهد البرتغالي للبحار والغلاف الجوي السجلات التفصيلية لاستجابة شمال الأطلسي لانهيار الغطاء الجليدي”.
ويضيف عضو الفريق البحثي “لقد تمكنا من العثور في طبقات الصواعد على نفس التغييرات التي تم تسجيلها في رواسب المحيطات”.
وعلى ضوء ما لديهم من معلومات بشأن عمر الصواعد، توصل الباحثون إلى تحديد عمر سجل رواسب المحيط التي لم يتمكن العلماء من تأريخها في السابق، وحددوا باستخدام أحدث التقنيات في التأريخ الإشعاعي عمر نهايتين لفترتين جليديتين حدثتا قبل حوالي 960 ألف سنة، و875 ألف سنة.
ووجد الباحثون أن هذين التاريخين يتسقان مع ارتفاعين في زاوية ميلان الأرض، ونتيجة لهذه الارتفاعات كان الصيف أكثر دفئا فوق المناطق التي تقع فيها الصفائح الجليدية في نصف الكرة الشمالي، مما يتسبب في ذوبانها.
ويقول الدكتور درايسدال “إن مقارنة هذه النتائج بالبيانات المنشورة سابقا من عمليات الإنهاء الأصغر سنا تظهر أن هذا النمط كان سمة متكررة في ملايين السنين الماضية”.
هذا، ويخطط الفريق في المستقبل لدراسة المرحلة الانتقالية إلى العصر البليستوسيني عندما تضاعف متوسط طول دورات العصر الجليدي فجأة.
نقلا عن الجزيرة