قال الكاتب الأميركي أندرياس كريج، إن البيان الأخير لوزارة الدفاع الأميركية، والذي أكد أن إيران ربما شنت غارات جوية ضد أهداف لتنظيم الدول الإسلامية داخل العراق هو بمثابة موافقة ضمنية على الحضور العسكري المتزايد لإيران في العراق.
وأكد الكاتب أن عملية عسكرية بهذا الحجم لا يمكن أن تتفادى الرادارات الأميركية، مشيرا إلى أنه حتى لو لم تنسق إيران أو تحصل على موافقة مسبقة لشن عمل عسكري داخل العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فإن تلك العمليات لإيران تجعل منها شريكا فاعلا لأميركا في الحرب ضد الدولة .
وأشار الكاتب أن الرأي العام الأميركي لم يعد راغبا في الوقوع مرة أخرى في وحل حروب برية مطولة، وبالأخص عدم الدخول في قتال يعتبره الأميركيون شأنا إقليميا بالأساس.
وأوضح الكاتب أنه بعيدا عن الإعياء العام من الحرب والنفور من الخسائر، يبدو الرئيس الأميركي أوباما غير راغب بأن يذكره الأميركيون كرئيس شرع في مغامرة ثالثة في الشرق الأوسط. وأضاف: أوباما الذي أصبح أسيرا للرأي العام، يبدو بشكل متزايد خلال ولايته الثانية رئيسا متعثرا، آثر الحد الأدنى من المقاومة في الخارج، ويتخذ قراراته ليس بناء على الاعتبارات الاستراتيجية طولية الأمد، وإنما على نهج قصير الأمد لاحتواء الضرر. وضرب الكاتبُ عدة أمثلة على هذا الإحجام الأميركي، ومنها لعب أميركا دورا ثانويا، ودعوتها شركاءها المحليين ووكلاءها لتولي زمام الأمر، وأن عدم إرسال الولايات المتحدة لجنود مشاة إلى العراق يعني أن واشنطن لن تستخدم قوتها العسكرية لمعالجة تلك التحديات التي تهدد بتمزيق الشرق الأوسط. بينما في سوريا، تجاهلت أميركا مشكلة بشار الأسد، وغضت الطرف في العراق عن سياسيات الإقصاء التي مارسها نوري المالكي، في حين سمحت بتفسخ ليبيا إلى دولة من الفوضى.
وأشار الكاتب أنه من دون استراتيجية نشطة مستدامة تجاه الشرق الأوسط، فإن سياسية أميركا إزاء المنطقة لم تكن تصاغ كرد فعل على الأحداث المتصاعدة على الأرض، وأن غياب تلك الاستراتيجية أدى إلى اندثار دول كسوريا والعراق وليبيا.
وأضاف أن الفراغ السياسي والاجتماعي في تلك الدول ملأته تنظيمات غير حكومية مؤقتة يدعم كثير منها المبادئ الجهادية، وهو أمر يحدث اضطرابا لدى الرأي العام الأميركي. ولفت الكاتب إلى أن صور ذبح مواطنين أميركيين أمام سمع وبصر العالم هز أميركا بشدة، وبات أوباما، بعد سنوات من الكسل والانسحاب، مجبرا على اتخاذ خطوات بشأن سوريا والعراق في نهاية الأمر، وبالتالي فإن المبدأ الرئيسي على ما يبدو هو إبقاء الحضور العسكري في تلك المناطق صغيرا قدر الإمكان.