بعد مضي سنة من الحملة العسكرية الكبيرة لروسيا وميليشيات النظام على الشمال السوري والوصول إلى بعد 10كم عن مدينة ادلب، متجاوزة عدد من نقاط المراقبة التركية, تدخل الجيش التركي بشكل مباشر بداية بنشر قواعد عسكرية دفاعية أمام تقدم ميليشيات النظام ثم توجيه ضربات عسكرية كبيرة للميليشيات ثم توصل القيادة السياسية التركية مع روسيا، إلى هدنة واتفاق, مازالت بنود تنفيذه قيد التفاوض والاختبار الميداني.
والسؤال المطروح ماهي النتائج التي حققتها روسيا وميليشياتها في هذه الحملة من الناحية الاستراتيجية حالياً وعلى المدى المتوسط والبعيد؟
فأهداف روسيا الاستراتيجية المتوسطة والبعيدة ليست السيطرة على بعض المناطق والبلدات والوصول إلى الطرقات الدولية وتأمين المرور المدني والتجارة، وليس السيطرة على ثروات باطنية من نفط وغاز يعتبر الشمال السوري خاليا منها.
ولنستطيع تقييم أهداف روسيا الحقيقية ومطابقتها مع النتائج الحالية يجب تحديد ماذا تحتاج روسيا لإنقاذ وإبقاء حكم بشار الأسد ونظامه على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري, فالنظام السوري يخضع منذ سنوات لعزلة وعقوبات دولية, أثرت بشكل كبير على الاقتصاد وأدت إلى انهيار متصاعد لليرة السورية, ومؤخراً تم إقرار قانون قيصر ( من قبل أمريكا ) واقتراب تطبيقه خلال بضعة أشهر على النظام (المتهالك) وحلفاءه وربط عقوبات قانون قيصر بإجبار روسيا والنظام بالخضوع لحل سياسي وفق قرارات الأمم المتحدة وأيضا ربط عملية إعادة الإعمار بالوصول إلى الحل السياسي والعودة الطوعية للمهجرين ودائما يوجد مطالبات دولية متصاعدة لإخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا، والتي تعتمد عليها روسيا بشكل رئيسي في العمليات الدفاعية والهجومية.
لذلك لتستطيع روسيا الهروب من استحقاقات الحل السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة الذي ينهي أحلامها بالسيطرة على كامل سوريا ومواردها سعت لفرض أمر واقع جديد، من خلال الحسم العسكري واستكمال السيطرة على الشمال عسكريا, وإنهاء الحراك الثوري الداخلي بشكل كامل, ثم الجلوس على طاولة الحل السياسي بدون وجود أي قوة ثوريه (عسكرية، مدنية) حقيقية على الأرض السورية, متوقعة قبول تركيا لهذا الأمر الواقع وسحب نقاط مراقبتها شبه محاصرة.
ولكن التدخل العسكري الكبير للجيش التركي غير مجرى الأحداث بشكل كبير، حيث قام بالتصدي لتقدم الميليشيات ومنع انهيار المناطق المحررة في الشمال، ومن ثم توجيه ضربات قوية وصاعقة ضد الميليشيات ضمن عملية ( درع الربيع )، وبإظهاره قوته وقدرته في حال استمرار عمليته العسكرية على تدمير ميليشيات النظام المدافعة والمهاجمة وقلب كل حسابات روسيا وأنهى أحلامها وأحلام النظام، بإنهاء الثورة في الشمال، من خلال الحسم العسكري وأجبر روسيا بالخضوع لاتفاق وقف إطلاق النار، وهدنة، والشروع في مفاوضات تفصيلية ميدانية، لتنفيذ بنود تؤدي إلى وقف شامل للصراع العسكري في الشمال، وتأمين ضمان عودة أمنة للمدنيين المهجرين إلى مناطقهم، ضمن حدود اتفاق سوتشي, وتشريع وجوده كطرف عسكري مراقب لاختراقات النظام، وحقه بالرد على أي اختراق والعودة الى مفاوضات الحل السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة.
المركز الصحفي السوري / حسان الرحال