مرت مجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام السوري في مدينة خان شيخون الواقعة في ريف إدلب الجنوبي بتاريخ 4-4-2017م مرور الكرام وكأن شيئاً لم يكن, جعجعة في وسائل الإعلام وتباكي على صور الأطفال المقتولين خنقاً, وحملات إدانة وتنديد واسعة شملت أصقاع العالم شرقاً وغرباً وعاد الوضع إلى بدايته وكأن المجزرة لم تكن, قصف وتدمير وقتل للمدنيين بجميع أنواع الأسلحة المحرمة دولياً كالقنابل الفوسفورية والعنقودية والبراميل المتفجرة وغيرها من الأسلحة الفتاكة التي لم تبق ولم تذر!
أفلت الجاني من العقوبة عندما تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها “زعماء السياسة” في العالم بعد قصفه لمدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية بغاز السارين القاتل, وأيضاً تباكى العالم وقتها وتوعد واستعد للانتقام ولكن دون جدوى فقد لجأت روسيا حليفة النظام وشريكته في قتل السوريين إلى لعب الأساليب الملتوية التي تحتوي على الحيل المكشوفة والخداع المفضوح, فقرر المجتمع الدولي أن يسحب السلاح الكيماوي من جعبة النظام وكأنه يوجه رسالة مفادها :
“الأسلحة الكيماوية خطيرة علينا لذلك نريدها, ولا تهمنا بقية الطرق التي سيقتل بها النظام المدنيين في سورية”, على الأقل هكذا يعتقد السوريون أن خطوط المجتمع الدولي الحمراء هي خطوط تحدد الجريمة المسموحة من الجريمة الممنوعة!
الجرائم مستمرة:
التراخي الذي أظهره المجتمع الدولي في تعامله مع النظام جراء استخدامه للأسلحة المحرمة دولياً شجعه على تكرار الكارثة والجريمة مرة أخرى بحق أهالي مدينة خان شيخون, ولأن الإدارة الأمريكية الجديدة تريد حفظ ماء وجهها ووجه الإدارة السابقة التي تذرعت بسحب الأسلحة من النظام السوري, قامت بردة فعل محدودة وهزيلة باستهداف مطار الشعيرات الذي أقلعت منه تلك الطائرة التي ألقت قنابل السارين المميتة على المدنيين, وبعد يومين عادت الطائرات الحربية لتقلع منه من جديد وكأن تلك الصواريخ كانت مجرد ذرٍ للرماد في العيون, واستمرت بارتكاب المجازر بحق المدنيين من جنوب البلاد حتى شمالها دون رادع أو محاسب, بل قامت طائرات العدوان الروسي أيضاً بتوسيع نطاق حملتها في قصف المناطق المحررة بشتى أنواع القنابل المدمرة كردة فعل انتقامية من السوريين على فعل خجول لم يفعله السوريون أنفسهم وذلك لاعتبارات عديدة ياتي في مقدمتها استسهال سفك الدماء في سورية.
هل نسي العالم الجريمة:
دائماً تكون لحظات ما بعد الحدث هي مختلفة في ردة الفعل عن انتهاء مدة هذه اللحظات وتحولها إلى حدث من الماضي, وهذا ما حصل في سورية تماماً عند ارتكاب النظام للمجازر, فقد تصاعدت وتيرة العنف من قبل النظام رويداً رويداً مستغلاً صمت المجتمع الدولي ومواقفه الخجولة فتدرج النظام باستخدام الأسلحة الفتاكة على مراحل, وفي كل مرة منها يصبح اسنخدام النظام لهذه الأسلحة أمراً مألوفاً, بل بات سماع أرقام ضحايا المجازر اليومية هو أمر طبيعي طالما أنها مصنفة ضمن نطاق “الجريمة المسموحة”..
لذلك يبدو وكأن المجتمع الدولي قد أكل الطعم مرة ثانية وتقبل الجريمة واكتفى بالحراك الذي لا يفيد ونسي مشاهد الأطفال المقتولين بالغازات السامة ليستقبل المشاهد الجديدة لاطفال قضوا تحت الأنقاض..,وتبقى الجريمة مستمرة..
المركز الصحفي السوري-حازم الحلبي.