وقّع الاحتلال الإيراني اتفاقية شاملة للتعاون العسكري مع نظام أسد في خطوة تحمل العديد من الرسائل في طياتها من حيث الظروف والتوقيت، ولا سيما بعد دخول قانون قيصر الأمريكي حيز التنفيذ، والذي يهدف إلى معاقبة أسد وحلفائه، وخاصة إيران وميليشياتها التي تتلقى ضربات جوية متصاعدة على مواقعها، في ظل صمت، وربما تنسيق روسي دولي متكامل لإضعاف دورها في سوريا، بحسب ما يرى الكثير من الخبراء.
الرد على روسيا وأمريكا
ويأتي الاتفاق في وقت يزداد فيه الخلاف بين الاحتلالين الإيراني والروسي على الأراضي السورية، ويترافق ذلك مع انتشار قوات الأخيرة في أكثر من منطقة تسيطر عليها مليشيات إيرانية، ولا سيما في دير الزور مؤخرا، ناهيك عن العمليات والاغتيالات المتعددة والغامضة التي تطال عسكريين سوريين كبار مقربين من إيران .
وفي السياق، أشار الكاتب والمحلل السياسي طه عودة أوغلو لأورينت نت، أن الاتفاقية في هذا التوقيت جاءت كرد على العقوبات الأمريكية المشددة المتمثلة بقانون قيصر ضد نظامي أسد وإيران، كما تأتي في الوقت الذي تتعرض فيه الأخيرة لضربات عسكرية متصاعدة، حيث سجلت انزعاجها أكثر من مرة من سكوت حليفها الروسي عن هذه الغارات الكثيفة على مواقع ميليشياتها، وعدم تفعيل دفاعاته الجوية لصد هذه الضربات، بما فسرته بأنه تنسيق روسي أمريكي إسرائيلي ضدها في سوريا .فيما ذهب الأستاذ في القانون الدولي فادي شعبان إلى أن هذه الاتفاقية ليست الأولى من نوعها، ففي عام 2018 وقع نظام أسد وإيران اتفاقية تعاون عسكري أعم وأشمل من هذه الأخيرة، والتي لا تعدو عن كونها مجرد رسائل دعائية وسياسية موجهة إلى جميع الأطراف التي تعمل على تحجيم الدور الإيراني في سوريا وخاصة روسيا، والتي تسعى لفرض حل سياسي عبر صفقات لا تتوافق مع الرؤية الإيرانية وخاصة مع أمريكا وتركيا، والتي ذكرها وزير الدفاع الإيراني بالاسم مطالبا إياها بضرورة خروج قواتها من سوريا، و ذلك في خضم حديثه عن الاتفاقية الأخيرة.
وفيما يتعلق ببند تعزيز قدرات الدفاع الجوي لميليشيا أسد، والتي نصت عليها الاتفاقية، فأكد العقيد والخبير العسكري حاتم الراوي لأورينت نت أن الاحتلال الروسي هو الذي يمسك بالسماء السورية، وأنه لا يمكن لإيران مزاحمتها في هذا الجانب، والدليل على ذلك هو كثافة الضربات الجوية التي تتعرض لها سواء على أراضيها أو في سوريا دون أن تبدي حيالها أي رد أو مقاومة تذكر، ناهيك عن تخلف القدرات الإيرانية في هذا المجال، لذلك لا تعدو عن كونها مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي شأنها شأن شعاراتها في المقاومة والممانعة والتي لم يتحقق منها شيء يذكر.
شرعنة هيمنتها
وبالمحصلة يرى الأستاذ في القانون الدولي فادي شعبان أن إيران تريد من اتفاقيتها الأخيرة شرعنة هيمنتها، ولتؤكد أنها باقية رغم كل الضغوط التي تهدف لمحاولة إخراج ميليشياتها من سوريا، ولا سيما من قبل روسيا التي تحاول عمل ترتيبات سياسية عبر لقاءاتها الأخيرة المكثفة مع شخصيات علوية، وأخرى معارضة، ناهيك عن تحركاتها العسكرية والاشتباكات الأخيرة المحدودة بين عناصر مليشيات الطرفين.
يشار إلى أن هذه الاتفاقية العسكرية ليست الأولى من نوعها، فقد شهد صيف العام 2018 توقيع اتفاق مماثل ينص على تقديم دعم كامل لإعادة بناء جيش نظام أسد وصناعاته الدفاعية، كما وتدعم إيران النظام بعشرات المليشيات المحلية والعربية والأجنبية، والتي ساهمت في قتل وتشريد مئات الآلاف من السوريين.
نقلا عن اورينت نت