قال تقرير لصحيفة “هآرتس” إن أحد أهم الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى الحذر من التصعيد مع “حركة حماس” في قطاع غزة هو القلق المتنامي على جبهتها الشمالية، الأمر الذي دفع برئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار هناك بدلاً من الاعتماد على سياسة التصعيد.
ورأى التقرير الذي أعده (عاموس هاريل)، المراسل العسكري للصحيفة، أن إسرائيل تواجه مشكلة جوهرية في الشمال بعد أن اضطرت إلى إيقاف عملياتها العسكرية التي كانت تقوم بها طوال السنوات الماضية، مستغلة بذلك الاضطرابات في العالم العربي التي مكنتها من توسيع نشاطها الهجومي غير المعلن.
وركزت الحملة الإسرائيلية في سوريا ولبنان في بداية الأمر على منع إيران من تهريب أسلحة متقدمة إلى “حزب الله” إلا أنها سرعان ما أضافت هدف جديداً إلى الحملة، تحديداً في السنة الماضية، عندما بدأت في منع إيران من تعزيز قواتها العسكرية في سوريا. وصلت الحملة إلى ذروتها في الشتاء والربيع الماضيين، حيث تواجهت القوات الإسرائيلية مع “الحرس الثوري الإيراني”.
ما الذي تغير إذا؟
يرى التقرير، أن استقرار نظام (الأسد) يغير الوضع تدريجياً في سوريا. وسواء كانت روسيا غاضبة حقاً من حادثة إسقاط طائرة التجسس التابعة لها من قبل المضادات الجوية التابعة للنظام على إثر محاولتها التصدي للطائرات الإسرائيلية قبل شهرين، أو أن (بوتين) يفتعل حالة غصب لإملاء قواعد استراتيجية جديدة، تبقى النتيجة واحدة بالنسبة لإسرائيل في الشمال.
مع ذلك، تمكنت إسرائيل، بحسب التقرير، من شن غارتين جويتين منذ حادثة إسقاط الطائرة الروسية، إلا أن المشكلة في روسيا التي بدأت بتشديد القواعد المعول بها مع إسرائيل.
كما لم يتمكن (نتنياهو) والذي التقى (بوتين) على هامش اللقاء الدولي في باريس من التوصل إلى تسوية لحل الأزمة على الرغم من الترتيبات التي بذلت فيها إسرائيل جهوداً كبيرة للتحضير للقاء. أما (بوتين)، فقد خرج يوم الخميس قائلاً إنه لا يخطط لعقد أي اجتماع مع (نتنياهو) في المستقبل القريب.
أوضحت روسيا عدة مرات لإسرائيل، وعبر طرق عديدة، أن الوضع السابق الذي كانت إسرائيل تتمتع به قد تغير، خصوصاً أن الأنشطة العسكرية الجوية الإسرائيلية، كانت تعطل مشاريع موسكو الساعية لبسط سيطرة نظام (الأسد) على معظم الأراضي السورية. ماعدا أن موسكو تسعى لتوقيع عقود طويلة الأمد مع (بشار الأسد) لحماية مصالحها الأمنية والاقتصادية في البلاد.
هل تدخل إسرائيل في لعبة التحدي؟
تضع إسرائيل في حسبانها، ضمن إحدى السيناريوهات السيئة التي ترسمها للمنطقة، أن يقدم (بوتين) والذي أظهر اهتماما متزايداً بالأحداث في لبنان، إلى توسيع نطاق بطاريات الدفاع الجوي الروسية لتشمل لبنان، سواء بشكل رمزي أو عن طريق إجراءات جدية. الأمر الذي سيؤدي إلى تعقيد حسابات إسرائيل.
ويشير التقرير، إلى أن إسرائيل لم تشن غارات جوية على لبنان منذ شباط 2014. عندما قامت القوات الجوية الإسرائيلية بقصف قافلة أسلحة عبرت الحدود من سوريا باتجاه جنتا اللبنانية على الحدود.
استغل “حزب الله” الضربة العسكرية، وقام بتضخيمها، بسبب استهداف القافلة في الجانب السوري، وعمد إلى الرد فوراً، بسلسلة من الهجمات قام بها السكان الدروز في مرتفعات الجولان السورية. على أثرها، قتل قائد الخلية، اللبناني، “سمير القنطار” بعد أن استهدف خلفه في “حزب الله” (جهاد مغنية). ومنذ ذلك الوقت، تركزت عمليات إسرائيل في سوريا.
قال (نتنياهو)، أثناء زيارته لنصب تذكاري لـ (بن غوريون) في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن هنالك اعتبارات أمنية أخذتها إسرائيل بعين الاعتبار ولا يمكنه الحديث علناً عنها. والسبب، بحسب ما رأته الصحيفة، أن إسرائيل كانت تجيد لعب الشطرنج مع “حزب الله” أما محاولة كشف نوايا (بوتين) في سوريا ولبنان، حتى عندما يقوم “حزب الله” بصنع أسلحة هناك، فهذا بكل تأكيد يشكل تحدياً جديد كلياً ومختلف هذه المرة في حجمه عن كل المرات.
المصدر : مركز الشرق العربي