آثار الحرب في سوريا تجعل من مليشيات “حزب الله” اللبناني أكثر خطراً وتهديداً، فمقاتلوه يكتسبون خبرات قتالية جديدة خاصة في مجال استراتيجيات الهجوم والمواجهة، وما يساهم في صقل هذه الخبرات هو التدخل الروسي العسكري في سوريا، فالجيش الروسي يؤدي دوراً فعالاً في زيادة قوة مقاتلي حزب الله.
وردت هذه التصريحات والتقديرات، لأول مرة، على لسان ضابط كبير في جيش الاحتلال الإسرائيلي، نقلتها صحيفة “هآرتس” العبرية، وأضافت مؤكدة أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي مدركة للدور الروسي في دعم “حزب الله”، إلا أنها تتجنب التطرق للقضية في العلن نظراً للجهود المبذولة لمنع أي توترات مع موسكو.
وفي هذا السياق قال المحلل العسكري للصحيفة، عاموس هارئيل، إن “حزب الله” يدير مناورات هجومية خطيرة خلال مشاركته في القتال في سوريا لأول مرة في تاريخه.
فبحسب مصادر بحثية إسرائيلية، يستفيد “حزب الله” من الوجود الروسي العسكري الذي بدأ بنشر طائرات حربية في أغسطس/آب الماضي، واتسع ليشمل إرسال عدد كبير من المستشارين للقوات البرية التابعة لنظام الأسد؛ ما يجعله يكتسب تجربة ويتعلم دروساً سوف يستفيد منها في المستقبل.
وبحسب الباحثَين فولك وكاتس، فقد اعتمدت استراتيجية “حزب الله” حتى اليوم على الدفاع والاستنزاف خلال حروبه مع الاحتلال الإسرائيلي، حتى أصبح ضباط جيش الاحتلال يعتبرون أن هدف “حزب الله” من الحروب هو “عدم الخسارة”، ومن ثم إطالة الحرب إلى أقصى حد لإرهاق الجيش الاسرائيلي بوابل من الصواريخ التي تجعله يتجنب أيضاً الاجتياح البري.
لكن مشاركته في الحرب في سوريا غيرت النموذج الدفاعي لحزب الله؛ فقد اضطر إلى تغيير أهدافه لتصبح السيطرة على مناطق والإبقاء عليها لمدة طويلة من الزمن.
إلى جانب ذلك، فهو يشغل حالياً مئات المقاتلين بهجمات مركبة في مناطق لا يعرفونها؛ وعليه بحسب التقديرات الإسرائيلية فإن هذه الخبرة يمكنها أن تغير رأيهم حول الطريقة الفعالة لكسب الحرب، كما أن التدخل الروسي معناه أنهم يتلقون العبر والدروس والتدريبات من واحد من أفضل جيوش العالم.
ويواصل الكتاب قولهم إن هناك غرف عمليات مشتركة بين الجيش الروسي وحزب الله، أقيمت في دمشق واللاذقية، كما أن قوات حزب الله ساعدت في إخراج الطيار الروسي الذي أُسقطت طائرته في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ومن الخبرات التي من المتوقع أن يكتسبها حزب الله من القتال إلى جانب الجيش الروسي هي كيفية تنفيذ هجمات في مناطق سكنية مكتظة، وكيفية تشغيل معدات عسكرية وأسلحة لم تكن متوفرة لديه في السابق، وسيراقب كيف تخطط قوى عسكرية من الأفضل في العالم عملياتها من الألف إلى الياء، إلى جانب طرق تحليل المعلومات الاستخباراتية وجمعها.
هذه الخبرات التي يكتسبها “حزب الله” تعني أنه لن يظل ملتزماً باستراتيجية “تجنب الخسارة” في المواجهة القادمة مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يعني احتمال تنفيذ التهديدات التي صدرت عن زعيم الحزب حول السيطرة على بلدات إسرائيلية حدودية واحتلالها.
وإلى جانب حربهم مع الاحتلال الإسرائيلي أو في داخل سوريا، يرى الباحثان أن الخبرة التي يكتسبها حزب الله من روسيا سوف تحقق له مكاسب في موازين القوى داخل لبنان، فقدراته القتالية سوف تتطور بشكل كبير مقارنة بالجيش اللبناني الذي لا يتلقى خبرات جديدة.
لكن من جانب آخر، ينبه الباحثان إلى أن الخصم الذي يقاتله حزب الله في لبنان، مثل تنظيم “الدولة” وقوات المعارضة السورية وجبهة النصرة، هي جماعات مسلحة تختلف قدراتها وخبرتها العملياتية عن خبرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، كما أن فقدان المقاتلين المستمر في صفوف حزب الله قد يكون عاملاً مؤثراً في إضعافه؛ فبحسب تقارير سابقة ذكر أنه فقد ما يقارب 1500 مقاتل وأصيب 5000 مقاتل آخرين، وهي نسبة كبيرة لجماعة مسلحة لا يتعدى عدد مقاتليها المنتظمين 20 ألف مقاتل.
الخليج أونلاين