هل ستؤدي الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس إلى خسارة الرئيس دونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر؟
تقول جينفر سينيور، كاتبة الرأي في صحيفة “نيويورك تايمز” إن المعلقين تنبأوا مرارا بخسارة ترامب، لكن اللحظة الحالية مختلفة.
وفي مقالها المعنون: “هل هذه نقطة التحول لترامب؟” قالت: “لا تريد القول إنك وصلت نقطة اللا رجعة مع هذه الإدارة، لأن دونالد ترامب أثبت أنه نوسفيراتو (فيلم رعب شهير) أو مصاص الدم للسياسة الأمريكية، فهو بلا قلب ونصف سلافي وغير قابل للتدمير”.
وعلقت الكاتبة على تقرير كتبه جوناثان مارتنز في الصحيفة عن مسؤولين جمهوريين يرفضون التصويت لترامب أو يحاولون تجنبه في المناسبات العامة، ولكنهم يظلون أقلية. إلا أن الأمر مختلف الآن كما تقول؛ لأن أساليب ترامب القديمة التي كانت ناجحة بدأت تفشل وبشكل ذريع. فقد كانت استراتيجية ترامب حول جدار على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة ناجحة ولكنها جبانة، عندما تقوم ببناء جدار حول نفسك وتختبئ في البيت الأبيض.
وطالما تباهى ترامب بالعظمة، ولكن الجنرالات ابتعدوا عنه، فوزير دفاعه السابق جيمس ماتيس شجبه بشكل واضح، ووصفه بالزعيم الانقسامي غير الناضج. ونفس الأمر قاله مدير طاقمه السابق جون كيلي.
وربما كانت هناك مناسبة يرحب فيها المحافظون الدينيون بصورة أمام كنيسة سانت جونز يحمل فيها الرئيس الإنجيل. إلا أن استخدام المواد الكيماوية المهيجة والقنابل الضوئية لتفريق المتظاهرين من أمام البيت الأبيض أدت لردود سلبية.
وردّ أسقف واشنطن برعب، حيث تراجعت شعبية ترامب وسط المسيحيين الكاثوليكيين بنسبة 11% وذلك في الفترة ما بين نيسان/ أبريل وأيار/ مايو. وربما كان ترامب في مناسبة أخرى سينجح في تصوير كل المتظاهرين التقدميين بالقتلة ولكن ليس الآن.
فقد واجه طلبه السيطرة على الاضطرابات بقوة السلاح معارضةً من وزير دفاعه مارك إسبر وتقزز من ماتيس. وارتفعت شعبية حركة “حياة السود مهمة” في استطلاعات الرأي، فيما وصل عدم الرضى من طريقة تعامل ترامب مع مقتل فلويد إلى 66%، وبات ترامب يتقدم مثل سلحفاة مقلوبة، فهو يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية في وقت واحد، وهما أكبر من قدرة رجل تلفزيون الواقع للتعامل معهما. وتعلق الكاتبة أن هذه اللحظة قد تكشف عن طريقة اختيار أمريكا رجلا عاجزا يحمل في يده خرطوم المياه، حيث قال ترامب لأنصاره مرة “ماذا ستخسرون؟” ولم يتخيل أحد أنهم سيخسرون كل شيء. وترى الكاتبة أن هناك أمرا يحدث على قدم وساق، فترامب يحاول الآن إثارة خوف البيض حول المتظاهرين في الشوارع، بدون أي حظ. وقالت لارا بوتنام، رئيسة قسم التاريخ بجامعة بيتسبرغ في تغريدة لها يوم الأربعاء عن حملة لمرشحة في انتخابات الديمقراطيين قادتها سومر لي الأمريكية- الأفريقية التقدمية قد تعاني من ردة فعل سلبية، خاصة أن لي كانت داعمة للمتظاهرين.
وكان هناك خيار أمام الناخبين البيض لاختيار مرشح آخر، ولكنهم ضاعفوا من دعمهم لسومر لي. وكان انتخابها إشارة على أن النساء البيض في الضواحي لم يتأثرن بصرخات ترامب التي شيطن فيها المحتجين.
وهناك إمكانية لولادة تحالف ديمقراطي جديد كما كتبت بوتنام وزميلان لها يوم السبت، وأشاروا إلى التنوع في المتظاهرين الذين لم تشهد مثله أمريكا من قبل. ونعرف كما تقول سينيور أن دعم ترامب يتراجع بين النساء البيض.
ولم يكن من مستغربا أن تكون السناتورة ليزا ميركوفسكي أول جمهورية في مجلس الشيوخ تؤيد تصريحات ماتيس، وهي امرأة بيضاء من ألاسكا. وأشار تقرير الصحيفة يوم السبت عن الجمهوريين الذين لا يريدون دعم ترامب، إلى إمكانية اتباع آخرين لهم وحجب أصواتهم عن الرئيس.
وقال الرئيس السابق باراك أوباما في كلمة له عن التظاهرات، إن “قطاعا متنوعا وممثلا لأمريكا” يتظاهر في الشوارع أكثر من تظاهرات الستينات من القرن الماضي التي كان معظم المشاركين فيها من السود.
وفي زمن الأزمة، لا تبحث أمريكا عن رمز شرٍّ مثل دارث فيدر (حرب النجوم) بل رجلا يشفي الجراح، وكانت كلمات التعاطف والرحمة هي التي نالت الدعم، فربما حمل ترامب الإنجيل، إلا أن كلمات نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب وكلمات التعاطف التي صدرت من المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن. كل هذا يعني أن التغيير لم يعد بعيدا.
نقلا عن القدس العربي