لندن –”القدس العربي”: نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده مراسلوها ديفيد هابلفينغر وأدام راسغون ومحمد نجيب عن معضلة الشرطة الفلسطينية حال مضت إسرائيل في ضم أراضي الضفة الغربية حيث سيكون أفرادها هم الخاسرون. فهم يعتقدون أنهم على الخط الأول للقتال من أجل بناء الدولة الفلسطينية، ولكن ماذا سيحدث لو تلاشى المشروع. واشارت الصحيفة إلى أن مهمة عنصر الشرطة الفلسطينية صعبة فهو يواجه اتهامات بالعمالة لأنهم يقومون بالأعمال القذرة نيابة عن إسرائيل. وفي المقابل يتعامل معهم الإسرائيليون بقسوة وقلة احترام.
ويقول بعض ضباط الشرطة الفلسطينية إن هذا هو الثمن المر للوظائف التي جلبت عليهم منافع: رواتب وتقاعد وللبعض سيارات وتدريب في الخارج وقربا من السلطة. ومع ذلك فالشرطة الفلسطينية بزيها الملون هي تجسيد واضح للدولة الناشئة التي كانوا يأملون في بنائها. إلا أن تهديدات إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية أثارت الشكوك حول كامل المشروع الوطني حيث بدأ بعض الضباط بالتساؤل عن الثمن الذي دفعوه وإن كان يستحق كل هذا. وقال مسؤول أمني في مدينة جينين “كأنك تبني بيتا وينهار كل شيء”. ففي سلسلة من المقابلات النادرة مع ضباط فلسطينيين في الضفة الغربية وصفوا فيها بصراحة نظام حفظ النظام الذي يتهاوى بشكل يفتح المجال للعنف والفوضى. وفي رد على خطط الضم الإسرائيلية أوقفت السلطة الوطنية الفلسطينية كل أشكال التعاون والتنسيق الأمني مع إسرائيل، بشكل أضعف عمل الشرطة والاستخبارات الذي جلب المنفعة للطرفين. كما وتوقفت السلطة عن قبول الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عنها مما أدى لأزمة ميزانية. ولا يتلقى معظم الضباط إلا جزءا من رواتبهم، وبات البعض منهم لا يحضر للعمل. ومن يوقع منهم على الحضور إلى مركز عمله يقضي الوقت في احتساء القهوة لا الرد على المكالمات أو المخاطرة باعتقاله على يد قوات الأمن الإسرائيلية مما ترك مناطق واسعة بدون حماية الشرطة. وتعلق الصحيفة أن قوات الأمن الفلسطينية طالما لعبت دورا معقدا. وأصبحت أكثر حرفية في السنوات الماضية، مع أنها ظلت أداة للسيطرة السياسية والأمنية أيضا. ولخشيتها بعد خسارة غزة لحماس عام 2007 كانت قوات الأمن أداة مهمة في تمكين حركة فتح المحافظة على الضفة الغربية وسحقت أي حركة متطرفة. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن قوات الأمن الفلسطينية عذبت بعض نقاد السلطة الوطنية. وأظهرت الاستطلاعات أن الفلسطينيين يثقون بقوات الأمن الفلسطينية أكثر من قادة السلطة. والمعضلة بالنسبة للقوى الأمنية نابعة من سحق حلم الدولة، فلو حدث هذا فلديها الكثير لتخسره.
ويقول محافظ جينين أكرم الرجوب الذي قاد سابقا قوات الأمن الوقائي “دولة، دولة، دولة والآن هناك من يقول لن تحصل على واحدة” مضيفا “أين ذهبت كل جهود الدولة؟ وأين ذهبت كل هذه الاستثمارات؟ وماذا سنقول لأطفالنا؟”.
نقلا عن القدس العربي